عشر سنوات على الثورة في تونس.. أي تغيير حصل؟
تحيي تونس الذكرى العاشرة لاندلاع الثورة بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي، أي تغيير حصل؟ وأي مطالب للشعب تحققت؟
أحرق محمد البو عزيزي نفسه، فاشتعلت في تونس وبعض الدول العربية ثورات عرفت بـ"الربيع العربي"، كان شعارها الحرية والديموقراطية والعدالة، وأدت إلى رحيل زين العابدين بن علي وحسني مبارك ومعمر القذافي.
عشر سنوات على انطلاقة ما عرف بـ"الثورات". فماذا أنتجت فعلياً؟ هل تحققت الديموقراطية والاستقلالية المطلوبة؟ هل زادت الحريات المنشودة أم تعمقت التدخلات الخارجية وازدادت الأزمات السياسية والاقتصادية؟
عقد من الزمن مرّ على حادثة إشعال محمد البو عزيزي جسده، ليلهب نار الاحتجاجات في كامل البلاد. ثورة أسقطت نظام الحكم، وفتحت مساراً تأسيسياً جديداً لإرساء جمهورية ثانية تحقّق الديموقراطية.
عشر سنوات يجمع مراقبون على أنها حققت للتونسيين مكسب حريّة التعبير، غير أنها اتّسمت بعدم الاستقرار السياسي. عشر حكومات متتالية رفعت شعار محاربة الفساد، لكنها فشلت في كسب المعركة، مثلما فشلت في تحقيق مطالب الشعب، ما أحدث فجوةً عميقةً بين ما يريده التونسيون وبين نخبة سياسية، يقول المراقبون إنها دخلت في خوض صراعات من أجل مصالح ضيقة ولخدمة أجندات خارجية.
بقيت مطالب التونسيين معلّقةً مع انحسار فرص الاستجابة لها، في ظل تأزم الوضع الاقتصادي واحتدام الصراع السياسي، لتعود التحركات الاحتجاجية من جديد في مشهد يعيد إلى الأذهان حراك الشارع التونسي قبل إسقاط نظام بن علي.
يكاد التونسيون يجمعون على أن الأزمة التي تمرّ بها البلاد بعد عشر سنوات من الثورة غير مسبوقة، وتتهدّد استقرارها، ويبدو تحقيق التوافق لإنقاذها مهمةً صعبة.
الدلنسي: الديموقراطية أصبحت محل نقاش في تونس
وفي هذا الصدد، أكد مراسل الميادين مراد الدلنسي أن ما نجحت به تونس إلى حد الآن أنها لم تسقط في فخ التقاتل أو الحرب الأهلية أو حتى إراقة الدماء.
واعتبر أن الجميع يقرون بأن ما جنته تونس أو ما ربحه الشعب التونسي هو حرية الرأي والتعبير، ولكن وفقاً للدلنسي، فإن "هذين المكسبين هما محل نظر، باعتبار أن الديموقراطية أصبحت محل نقاش في تونس".
وسأل: "هل الفائدة من هذه الديموقراطية أن يذهب المواطنون إلى صناديق الاقتراع، ثم نحصي الأوراق داخل هذه الصناديق بكل شفافية ونزاهة؟ وهل المناخ الانتخابي ديموقراطي؟"، مضيفاً: "بعد عشر سنوات، الإجابة هي لا، والتقييم يشي بأن المناح قبل الثورة كان عبارة عن لوبيات تقود البلاد بطريقة غير ديموقراطية، وما تغير اليوم أن لوبيات سياسية ومالية أصبحت تتحكم بالمشهد السياسي والاقتصادي في البلاد، ولكن بلباس ديموقراطي".
وتابع: "يعتبر الجميع في تونس أن الفشل الاقتصادي والسياسي إحدى أهم السلبيات التي حصلت بعد عشر سنوات".
#التحليلية | ما الذي أتت به الثورة التونسية، إذا ما وضعناها في ميزان السلبيات و الايجابيات؟@ranaabijomaa pic.twitter.com/xZuPNoZM0J
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) December 17, 2020
محلل الميادين للشؤون السياسية قاسم عز الدين قال: "لا يمكن الحديث عن تونس كما سوريا كما اليمن أو البحرين بشكل عام".
وأوضح عز الدين أن "الثورات معناها تغيير المنظومة، أي التغيير الاستراتيجي والتغيير باتجاه إعادة بناء جديدة. هذه المسألة لا تتعلق بأن الشعب يريد أو لا يريد، بل تتعلق بالقوى السياسية وموازين القوة وقدرتها على امتلاك مشروع فعلي قادر على إحداث التغيير على كل المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والجيوسياسية".
وتعليقاً على مسار الثورات التي حصلت في العالم العربي، قالت مديرة مكتب الميادين في سوريا، ديمة ناصيف، إن الغرب كان يعرف بوجود المجموعات المسلحة منذ اللحظة الأولى على اندلاع الأحداث في سوريا.
وأشارت إلى أن الغرب قام بتدرييبها في أفغانستان ومناطق متعددة، من أجل استخدامها في هذا القوس الممتد من أفغانستان والعراق وسوريا، وحتى مصر وليبيا. وبعد عشر سنوات على "الربيع العربي"، هذا الأمر لم ينجح، وفق ناصيف.
وتابعت: "الغرب احتوى هذه المجموعات ودربها، وحاول أن يظهرها في إعلامه على أنها مجموعات لها مطالب سياسية، وهو يعرف تماماً أنها تلطت وراء الاحتجاجات والتظاهرات، وكانت تعمل في هذه الأمكنة بنشاط سريع".