التونسيون يتساءلون: نواب الشعب أم نواب الشركات الكبرى؟
أقر البرلمان التونسي موازنة العام الجديد، وسط انتقاد كبير للتونسيين الذين رأوا أن ميزانية 2021، لم تنصف الفئات الفقيرة والهشة، بل خصصت أغلب فصوله لخدمة رجال الأعمال والنافذين في البلاد.
لئن وصف رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، المصادقة على ميزانية 2021، بالانجاز العظيم، باعتباره لم يتجاوز الآجال القانونية 10 كانون الثاني/ديسمبر 2020، وباعتبار أن البرلمان أتم أشغاله ومهامه رغم محاولات التعطيل، فإن التونسيين انتقدوا وبشدة تمرير بعض فصول القانون مقابل إسقاط أخرى بما يخدم في نظرهم مصالح رجال الأعمال مع استمرار تهميش الفئات الهشة، متسائلين إن كان النواب يمثلون الشعب أم يمثلون الشركات الكبرى؟.
وفي أول ردود فعل للتونسيين تجاه قانون المالية لسنة 2020، تناقلوا عبر صفحات التواصل الاجتماعي، هاشتاغ "يخت، حرية، كرامة وطنية"، في انتقاد ساخر للفصل الذي تمت المصادقة عليه والذي ينص على "التخفيض في المعاليم المستوجبة على اليخوت والقوارب الترفيهية".
وعبر التونسيون عن غضبهم لإسقاط العديد من المقترحات التي جاءت لتخدم عموم المواطنين، من ذلك مقترح طرح ديون أقل من 5 آلاف دينار لصغار الفلاحين، ومقترح طرح ديون أقل من 5 آلاف دينار لصغار الحرفيين، إلى جانب مقترح إحداث صندوق لذوي الاحتياجات الخصوصية، ومقترح إحداث صندوق للمساعدة بعد فقدان العمل بمنحة لمدة 6 أشهر، ومقترح اقتطاع 0.5% من أرباح الشركات المالية قصد تعبئة ميزانية الدولة لإحداث فرص شغل، ومقترح إضافة جزء تعويضي للمتقاعدين ممن اشتغلوا في القطاع الهش حتى تصبح الجراية 250 دينار عوض 180دينار، ومقترح قانون يتمتع فيها كل مواطن بامتياز جبائي عند شراء السيارة الأولى وكذلك مقترح إعفاء الأعلاف الموردة من المعاليم الديوانية.
بينما تمت المصادقة على الترفيع في أسعار المواد الأساسية والتخفيض في المعاليم المستوجبة على اليخوت والقوارب الترفيهية، إلى جانب إضافة فصل يضبط نسبة الضريبة على الشركات عند 15%، وهو ما اعتبره المنتقدون لقانون المالية لسنة 2021 ، مواصلة في الضغط الضريبي على الموظف والأجير دون مراعاة للضريبة الفردية التي ما فتئت ترتفع كل سنة، مشددين على أن الحكومة كرّست كل جهدها فقط لإضافة مقترحات لفائدة الشركات.
كما تمت المصادقة على مقترح تعلق بالتمديد في فترة الانتفاع بالنظام التقديري للضريبة على الدخل في صنف الأرباح الصناعية والتجارية وذلك بتعويض عبارة "4 سنوات" بعبارة "6 سنوات".
وأيضاً تمت المصادقة على الفصل الحكومي المتعلق بسن إجراءات لفائدة المؤسسات السياحية ومؤسسات الصناعات التقليدية، والمصادقة على فصلين يتعلقان بسن إجراءات لفائدة المؤسسات المتضررة من تداعيات تفشي كوفيد 19.
وتم تمرير الفصل المتعلق بإعفاء "الأدوية والمواد الصيدلية بالجملة والتفصيل من الأداء على القيمة المضافة".
واتهم التونسيون النواب بأنهم "أصبحوا ينوبون الفاسدين وأصحاب الجاه وغاسلي الأموال"، وأنهم "لا ينحازون إلا لأرباب المال والأعمال، مقابل مزيد تفقير المفقرين الذين استغلوا فقط أصواتهم للفوز في الانتخابات".
وكانت النائب عن التيار الديمقراطي، سامية عبو انتقدت بدورها قانون المالية لسنة 2021، معتبرة أن فصوله تخدم أصحاب المصالح على حساب الشعب، وقالت في هذا السياق إن "الامتيازات تمنح كل سنة لرجال الأعمال، مقابل تسليط الآداءات والضرائب على الشعب".
في المقابل رحّب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بمصادقة مجلس نواب الشعب على قانون المالية 2021.
وسجّل اتحاد الأعراف، في بيان أصدره مساء يوم 10 كانون الثاني/ديسمبر 2020، ارتياحه لهذه المصادقة لأنها في نظره، "تجنب البلاد المزيد من التعقيدات التي هي في غنى عنها"، مشيراً إلى أنه مازال يعتبر بأن هذا القانون ليس مثالياً، بالرغم من أنه أخذ بعين الاعتبار العديد من الأفكار والمقترحات التي قدمتها منظمة الأعراف"، وفق البيان.