"حوار المنامة 2020".. كيف تتحرك "إسرائيل" تحت مظلة التطبيع؟
بينَ جهود تشكيل جبهة ضدّ إيران، ومساعي إعادة رسم التحالفات في المنطقة.. كيف تتحرك "إسرائيل" تحتَ مظلة التطبيع؟.. قراءة تلقي الضوء على ما يجري في مؤتمر "حوار المنامة" في البحرين بعد إشراك "إسرائيل" في بحث التحديات الإقليمية.
تنعقد في العاصمة البحرينية المنامة قمة الأمن الإقليمي الـ16 والمعروفة بمؤتمر "حوار المنامة". مؤتمر بحسب منظميه يناقش السياسات الأمنية والخارجية، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الشرق الأوسط، حول السياسة الأمنية والخارجية، وقضايا الشرق الأوسط.
يشارك في المؤتمر حوالى ثلاثة آلاف شخصية بين رؤساء ووزراء وشخصيات عسكرية وأمنية، من مختلف دول العالم. إلا أن اللافت هذا العام كان الحضور الإسرائيلي عبر عدد من الخبراء، من بينهم الرئيس السابق لمخابرات الجيش الإسرائيلي عاموس يادلين، ليكون بذلك ربما، جزءاً ممن يرسمون المشهد في المنطقة.
وخلال المؤتمر، ركز وزير خارجية البحرين عبد اللطيف الزياني في حديثه على ما سمي بـ"اتفاقات إبراهام"، وهي اتفاقات التطبيع الأخيرة، التي كانت بلاده جزءاً منها مع "إسرائيل".
يقول الزياني "إن هذه الاتفاقات قد تغير قواعد اللعبة في المنطقة"، قبل أن يلفت إلى الحاجة لما وصفه بـ"الرادع الأمني". وما بدا واضحاً على مدى الأشهر السابقة، سعي تلك الأطراف إلى إعادة رسم التحالفات، وإنشاء جبهة ضد إيران.
وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو يعتبر من جهته، أن فشل خطة العمل الشاملة المشتركة كان مفهوماً مركزياً من خلال حقيقة أن إيران يمكنها الاستمرار في التخصيب داخل البلاد.
وقال بومبيو "طالما كانت لديهم هذه القدرة، فإنهم يحتجزون العالم كرهينة. لا يمكننا السماح بحدوث ذلك، إذ كانت إدارتنا واضحة بشأن هذا الأمر"، آملاً أن "يظل العالم بأسره واضحاً بشأن الحاجة إلى التصدّي حقاً للتهديد الواسع الذي يشكله النظام في إيران اليوم"، وفق تعبيره.
كلام بومبيو يتزامن مع اعتزام الإدارة الأميركية الجديدة إعادة وصل ما انقطع مع ايران. ووسط الحديث عن عزم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران.
واستباقاً لذلك، خرج موقف ألماني يدعو إلى توسيع الاتفاق النووي، ليشمل برنامج إيران للصواريخ البالستية، ما استدعى ردّاً إيرانياً سريعاً، مع دعوة وزير الخارجية محمد جواد ظريف ألمانيا إلى احترام الإلتزامات بشأن الاتفاق النووي.
وقال ظريف "قبل الحديث عن واجبات إيران يجب على وزير الخارجية الألماني هايكو ماس والترويكا الأوروبية أن توقف سياسة كورونا العنصرية أولاً"، مضيفاً "يجب أن تكفوا عن تصرفاتكم التخريبية في المنطقة والدعم الأعمى للإرهاب الإسرائيلي قبل الحديث عن واجبات إيران".
عز الدين للميادين: المؤتمر دعوة لدعم لوبي أميركي-عربي ضد العودة للاتفاق النووي
وفي قراءة لما يجري، قال الكاتب والمحلل السياسي اللبناني قاسم عز الدين في حديث للميادين إن الذي يفرق المؤتمر عن سابقاته مثل مؤتمر هرتزل أنه "مطبخ لإنتاج الأخبار وترويجها، وذلك لإيجاد إخراج يتقبله الناس والدول بشأن ما يسمى الحوار والتسامح كمقدمة للأسرلة، والنقاشات التي تدور في المؤتمر هي ذات طابع واضح نحو الأسرلة".
ولفت عز الدين إلى أن هدف "حوار المنامة" هو ما قاله بومبيو، من ناحية رفض العودة إلى الاتفاق النووي، لأنه "يهدد الأمن الإقليمي والعالم"، على حدّ تعبيره.
ويضيف بهذا الاتجاه أنه "يبدو واضحاً أن "حوار المنامة" سيخرج بهذه الصيغة بوجهة نظر متكاملة مع الصقور الأميركيين، وهي الدعوة ودعم لوبي أميركي-عربي لرفض التفاوض من أجل العودة للاتفاق النووي".
وبالنسبة لموقف ألمانيا، رأى عز الدين أن "موقف ماس معروف عندما وضع حزب الله على الإرهاب وهو صوت نشاز، حتى ولو التقى معه الموقف الفرنسي والبريطاني، فأوروبا لا يمكن أن تغامر رسمياً بالدعوة في هذا الاتجاه".
وقال إنه "سنشهد في المرحلة المقبلة شكلاً من أشكال اللوبي الضاغط الذي يتألف من البحرين والسعودية والإمارات و"إسرائيل" للضغط على بايدن من أجل إدخال ملفات أخرى على الاتفاق النووي، أو ما يسمى بأمن المنطقة".
عز الدين أعرب عن اعتقاده أن المسألة كلها متعلقة بخيارات بايدن، من خلال ما قاله سابقاً إنه يحمل مقاربة جديدة، وإمكانية العودة إلى الاتفاق النووي رغم أن الأمر صعب، لافتاً إلى أنه "إذا لم يذهب بايدن بهذا الاتجاه ولم يتراجع عن العقوبات على إيران فنحن سنكون أمام ترامب آخر".
اللحام للميادين: "إسرائيل" تريد أن تستخدم البحرين لمواجهة إيران فقط
بدوره، اعتبر محلل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية ناصر اللحام أن حضور الرئيس السابق لمخابرات الجيش الإسرائيلي عاموس يادلين يعني أن الاستخبارات العسكرية هي للتجسس على الدول العربية، وبحضوره وصفته هو استكمال لدوره الوظيفي الذي كان عليه وهو "مدفوع الأجر".
وقال إنه "إذا كان مؤتمر المنامة هو محاكاة لمؤتمر هرتزيليا الذي أنشأه شارون فهو فاشل، والبحرين هي بمثابة الساحة الخلفية للسعودية، و"إسرائيل" تحاول أن تستعير المنامة كرأس حربة".
واعتبر أن أي تحالف اسرائيلي بحريني هو تحالف استخباري لا يوجد له أي معنى آخر، لافتاً إلى أنه "إسرائيل" تريد أن تستخدم البحرين لمواجهة إيران فقط، وفق اللحام.
ورأى أن "إسرائيل" تسعى لخلط الأوراق، "حتى يأتي بايدن ولا يعرف ماذا سيفعل، أي لإحراجه، وهي تسعى لجبهات وهمية لوضع بايدن في حالة ضياع".
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول إثارة المشاكل والايحاء بأن حرباً عالمية ستقع، وهو استطاع أن يؤثر في الصحافة بهذا الموضوع، "لكن ذلك مجرد وهم، والجهالة عند صناع القرار العربي وخاصة في البحرين يصدقونه"، على حدّ تعبيره.
وعن السيناريوهات في المنطقة، رأى اللحام أنها كثيرة وعديدة، وأن "إسرائيل" تريد أن تنتصر من دون أن تضرب، وهي تعرف تماماً أنها عندما تفلت منها الأمور ستخسر وسترتدع من نفسها.
ريا للميادين: حضور "إسرائيل" في المؤتمر لتعزيز وجودها السياسي والعسكري
مدير مكتب الميادين في طهران ملحم ريا قال من جهته إنها ليست المرة الأولى التي تحضر فيها "إسرائيل" في المنامة، مشيراً إلى أن "هدف هذه الزيارة آنذاك كان تعزيز التعاون وحماية الممرات المائية، والآن بعد التطبيع تهدف الزيارة لتعزيز الحضور الإسرائيلي سياسياً وعسكرياً، وهذا هو جوهر الموضوع وهنا تكمن الخطورة".
وإذ أشار إلى أن إيران كانت قد حذّرت سابقاً من أن أي خطوة لايجاد موطىء قدم سيقابل بالرد من جهتها، أكد أن الخوف ليس من تشكيل تحالف ضد إيران، "لأن أميركا سعت من أكثر من عام وفشلت في خضم التوتر الذي كان قائماً بين إيران وترامب، وإيران لا تخشى هذا التحالف، ولن تسمح بأن يكون الخليج منطلقاً لاستهداف أمنها".
ولفت ريا إلى أنه "إذا عادت أميركا للاتفاق النووي فهو سيكون لتسهيل الشروط، والطرح الأوروبي هو محاولة لاستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها إيران بسبب العقوبات"، واعتبر أن أوروبا تريد كسب الامتيازات وإدخال بعض البنود الجديدة مثل البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني، وهذا الأمر لن ترضى به إيران أبداً وترفضه بشدة.
وقال إن وزير الخارجية الإيراني كان واضحاً بأن إيران لن تفاوض على أي اتفاق نووي جديد.
وعن الخيارات التي ستندفع إليها إيران، قال إن "الخيار الأول هو المصادقة على إلغاء قانون إلغاء العقوبات الذي صادق عليه مجلس الشورى الإيراني، وأصبحت الحكومة ملزمة بتنفيذ هذا القانون الذي يعني تعليق العمل بالبروتوكول، في حال لم يلتزموا ببنود الاتفاق، وروفع مستوى تخصيب اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي".
وأكد أن الجانب الغربي لا يريد الحرب، لأنه سيكون لإيران خيارات أخرى مثل مسألة مضيق هرمز الذي سيؤثر على الاقتصاد العالمي.