كورونا والسّعودية ترسمان خطط انتشار البحريّة الأميركيّة
الانتشار الحالي للأسطول البحري الأميركي يعكس الاهتمامات الاستراتيجية للولايات المتحدة، ولعلّ أبرز إشاراته في الوضع الراهن هو التواجد الكثيف قبالة السواحل السعودية.
تشهد البحرية الأميركية تغييرات جوهرية في ضوء تداعيات جائحة كورونا والإرباك الذي تسبَّبت به على متن أكثر من حاملة طائرات وقاعدة بحرية. وكحال الكثير من القطاعات حول العالم، باتت البحرية الأميركية أكثر اعتماداً على العمل عن بُعد باستخدام التقنيات المناسبة، ما أدى إلى ازدياد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف اختراق النشاطات العسكرية الأميركية عموماً.
واللافت أنَّ محاولات الاختراق المتواصلة لنشاطات البحرية تتم على الرغم من اعتماد كل أذرع البنتاغون على منظومة "آمنة" للعمل عن بُعد تم تعميمها في الأيام الأولى لانتشار جائحة "كوفيد 19"، بالاستناد إلى تقنيات طوّرتها شركة "مايكروسوفت". ويستخدم 200 ألف عسكري أميركي من البحرية وحدها هذه التقنيات يومياً.
لكنّ هذا التحول نحو تقنيات مايكروسوفت للعمل عن بُعد، مرحليّ ومؤقّت، إذ إنَّ البحرية الأميركية تطمح إلى تطوير نظام تواصل خاص بها في غضون سنة، بحسب التقديرات.
ويتزامن التحول الإلكتروني مع تحول في تكتيك الانتشار الفعلي للقطع البحرية الأميركية في أعالي البحار والمحيطات، لصالح الاعتماد أكثر على الحلفاء، كما هو حاصل في البحر المتوسط منذ عام تقريباً.
وتفيد حركة الانتشار الدورية للبحرية الأميركية بتوزع روتيني لاثنتين وثمانين قطعة على امتداد المحيطات، في ظل غياب شبه كامل عن السواحل الشرقية للبحر المتوسط. وتتركز 54 قطعة بحرية ضمن نطاق عمليات الأسطول السابع المسؤول عن الباسيفيك، والذي يتخذ من اليابان مقراً لقاعدة رئيسية. ويشمل عمل هذا الأسطول مراقبة التحركات الصينية صعوداً نحو روسيا، إذا ما تطلّب الأمر.
وتنتشر حالياً 21 قطعة في نطاق عمليات الأسطول الخامس المشرف على منطقة الخليج. وتتركز معظم القطع المهمة قرب السواحل الغربية للسعودية، وبعيداً من مضيق هرمز والسواحل الإيرانية.
أما الأسطول السادس المسؤول عن حوض المتوسط وعن أوروبا وأفريقيا، فتنتشر فيه 16 قطعة فقط، تتوزع بين سواحل إسبانيا والمحيط الأطلسي، وتنتشر مدمّرة واحدة في البحر الأسود لإجراء مناورات مقررة مسبقاً مع البحرية التركية.
ومن اللافت حجم الانتشار الأميركي المتواضع بين تركيا واليونان، على الرغم من التوتر الشديد بين البلدين. إنّ الانتشار الحالي للأسطول البحري الأميركي يعكس الاهتمامات الاستراتيجية للولايات المتحدة، ولعلّ أبرز إشاراته في الوضع الراهن هو التواجد الكثيف قبالة السواحل السعودية.