في زمن "التطبيع الأسرلة" لا مكان للرماديين والحياديين.. مع فلسطين أو عليها!
أيلول/سبتمبر، شهر يجسد كل التناقضات في العلاقة مع "إسرائيل"، واليوم أكثر من أي وقت، لم تعد المواقف الرمادية ممكنة.
شهر أيلول/سبتمبر، ينكأ جراحاً فلسطينية كثيرة، وفي أيامه ذكريات قاسية وقاحلة، فهو في الوجدان الجمعي "أيلول الأسود" وأحداث الأردن.
وأيلول شهر دموي بامتياز في ذاكرة الفلسطينيين، فبين أيامه ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، إثر اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي بيروت عام 1982، وهو الشهر الذي يؤرخ لمسار تفاوضي بدأ من حديقة البيت الأبيض عام 1993 بتوقيع "اتفاق السلام" بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق اسحق رابين.
تواريخ قاسية، ولكن في جعبة أيلول نقيضها تماماً، ففي أيلول عام 1982، وفيما شرع القتلة في تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا جنوب شرق العاصمة اللبنانية، كان مقاومون يطلقون جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمول" في غرب بيروت.
بعدها بأيام، نفذ ابن جمول خالد علوان عملية الويمبي الشهيرة، وقتل 3 جنود إسرائيليين ليضطر الاحتلال إلى الانسحاب من بيروت مع نهاية الشهر نفسه.
وقبل ان يأفل أيلول/سبتمبر عام 2000، أخطأ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون بتدنيس المسجد الأقصى، فانطلقت الانتفاضة الثانية التي أكدت أن شعب فلسطين حي لا يسكت عن حق ولا ينام على ضيم.
وفي أيلول/سبتمبر عام 2020، يظن المطبعون المهرولون إلى البيت الأبيض أنهم خيراً يفعلون، لكن قوى الشعب الفلسطيني ردت بإعلان وحدتها.
وقال نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، اللواء أبو أحمد فؤاد، إن "المشهد في البيت الأبيض آلم شعبنا في الخليج وفي كل الدول العربية".
وأضاف للميادين في لقاء معه من العاصمة السورية دمشق، أن الإمارات والبحرين وقعتا على "وثائق استسلام، وهو يوم محزن وبشع بكل المقاييس"، لافتاً إلى أن "ما جرى طعنة للقدس والمقدسات وثوابت الأمة".
فؤاد اعتبر أن نقطة القوة للقيادة الفلسطينية هي وحدتها وإنهاء الانقسام، مشدداً على أن يجب "ممارسة كل أشكال النضال الوطني".
ولفت فؤاد إلى أن "الجامعة العربية تصرفت مؤخراً بطريقة لم يسبق لها مثيل، وينطبق عليها المثل.. الضرب في الميت حرام"، موضحاً أنه "علينا أن نشدد على إنهاء اتفاقيات أوسلو".
من جهته، قال عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، عباس زكي، إن "المشهد في البيت الأبيض مقزز".
وأكد للميادين أن هؤلاء المطبعين "يقومون بعكس دينهم ومبادئهم وهذا الأمر خطير جداً"، موضحاً أن "إسرائيل ستحلبهم وستلقي بهم إلى المزبلة".
زكي شدد على أنه متأكد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "سيذهب إلى السجن في حال خسر في الانتخابات الرئاسية"، منوهاً إلى أن ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يركبان "حصاناً أعرج".
وأضاف أن "الشعب الفلسطيني العظيم سيصوب كل طريق المنطقة بنضاله"، مشيراً إلى أنه "آن الآون للقيادة الفلسطينية أن تتحرك، والقيام بفعاليات يحسب له الإسرائيلي الحساب".
ونوه زكي إلى أنه "يجب أن نرد الاعتبار للقضية الفلسطينية عبر التصالح مع الشارع في البداية"، لافتاً إلى أنه "لن نعطي مبرراً للآخر وننسحب من الجامعة العربية".
بدوره، مسؤول العلاقات الفلسطينية في حزب الله، حسن حب الله، قال للميادين إنه "لا يمكن أن نتصور مقاومة تذهب إلى تسوية أو أن تتنازل عن حقوقها للعدو".
وأكد حب الله أن "هذا التطبيع الأخير لن ينجح لأن الشعوب ضده"، لافتاً إلى أن "هذه الأنظمة المطبعة تستمد قوتها من الاستعمار وليس من الشعوب".