هكذا تم ضبط الشارع اللبناني أمام مخطط الاستدراج نحو الفتنة
التظاهرات تعود إلى وسط بيروت، واحتجاجات غاضبة إثر الانفجار الكبير الذي حصل في مرفأ بيروت وأدى إلى أضرار في الأرواح والممتلكات.. استدراج الشارع نحو الفتنة المخطط لها تمّ ضبطه، وإحباط مخطط بعض الأطراف المعروفة التي تعمل بالتنسيق مع الخارج.
شهدت العاصمة بيروت أمس السبت، احتجاجات غاضبة إثر الانفجار الكبير في مرفأ بيروت والذي أدى إلى أضرار مادية كبيرة في الأرواح والمتتلكات.
وقامت مجموعات من المتظاهرين باحتلال مبنى وزارة الخارجية وأعلنوها مقراً "للثورة"، واقتحام أيضاً وزارتي الاقتصاد والبيئة وإتلاف وثائق وملفات فيها، ثم ما لبث الجيش أن أخرجهم منها.
وكان من بين المحتجين ضباط متقاعدون رفعوا لافتات كتبوا عليها "بيروت مدينة منزوعة السلاح"، وشعارات أخرى مثل "بيروت مدينة الثورة".
بعض المتظاهرين خلال الاحتجاجات ردّدوا شعارات وإهانات لرموز الوطن والدولة والمقاومة في لبنان، فيما عمدت مجموعات أخرى إلى نصب مجسمات لهم، كان القصد منها إثارة المشاعر والغضب وردات الفعل. مع حملة مركزة لشيطنة المقاومة وحزب الله، وإتهامهما بالتسبب بمأساة بيروت!
ولكن.. كيف ضبط الشارع أمام مخطط الاستدراج نحو الفتنة؟
هناك من استغل الكارثة التي حلّت ببيروت ولبنان عموماً، والظهور بمظهر الضحايا.
مجموعات حزبية معروفة الإنتماء كانت أداة لهذه الفتنة، أرادت تفجير السلم الأهلي، وجرّ المقاومة وبيئتها إلى صراع دموي، لطالما خططت وعملت له "إسرائيل" وحلفاؤها في الداخل والخارج. ومع ذلك لم تنجر المقاومة وبيئتها إلى الفخ المدبّر، حماية للسلم الأهلي ومنطق الدولة كانا قبل كل شيء.
وفي هذا الإطار طرحت تساؤلات جدية عن المدى التي قد تذهب إليه أطراف التخريب والإقتتال، في هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد، ومدى القدرة على ضبط أيقاع المقاومة لجمهورها وأنصارها.
فتيل التفجير الطائفي الأهلي للإجهاز على ما تبقى من العاصمة هذا، تولته الأطراف نفسها التي تنسق مع الخارج منذ سنوات، لتمهيد الأرضية لنزع سلاح المقاومة، واستجرار تدخل دولي لتغيير موازين القوى في لبنان، والاستيلاء على الدولة.
ما حدث أمس السبت هو نسخة مطوّرة عما كان مخطط له في 6 حزيران/يونيو الماضي، حينها كان هناك مخطط وشعارات خلف تطبيق "القرار الدولي 1559" أي القرار الذي يطالب بـ"حل الميليشيات"، والذي صدر بعد التمديد للرئيس السابق إميل لحود، حيث كان العنوان الأساسي "نزع سلاح حزب الله".
ما حصل أمس هو استدراج جمهور المقاومة إلى صدام مباشر مع آلاف المتظاهرين، وبالتالي لإسالة الدماء، ومن ثم التدويل الذي يطالب به ما يسمى بـ"فريق 14 آذار"، عبر تدويل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
إذاً عادت "إسرائيل" للتدخل على الخط في لبنان، وبقوة إعلامياً وسياسياً.. لكن لا خيار أمام المقاومة وجمهورها حالياً إلا ضبط النفس والصبر رغم كل الاستفزازات، وهذا الأمر ممكن أن يحدث في 18 آب/أغسطس الجاري، وهو موعد صدور الحكم في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
سبق ذلك تحذيرات دولية من التعرض للمتظاهرين منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتمّ تحييد بعض القوى الأمنية عما يجري، مع وجود استفزازات واستدراج واضح لجمهور المقاومة.
السيناريو المتكامل لدفع لبنان نحو الفوضى عبّر عنه السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبكين في مقابلة له مع صحيفة الأخبار اللبنانية في أيلول/سبتمبر الماضي، أي قبل انطلاق التحركات والتظاهرات.
لكن في المقابل، هناك إصرار من "العهد"، عبّر عنه الرئيس اللبناني ميشال عون بأن لا تدويل للأزمة، ولا مسّ للسيادة اللبنانية.
الرسالة الرسمية السياسية والأمنية التي انطلقت من مرفأ بيروت بداية، تختلف عما يتمّ قراءته اليوم. ويبدو أن الأمر صدر بالتدخل الإعلامي لما يحدث داخل لبنان، من خلال اللعب على توتير الداخل اللبناني، واللعب على وتر الخلافات الداخلية، وهو ما يحدث حالياً، لإظهار أن أهم مشكلة عند اللبنانين هي وجود "حزب الله"، وسلاح المقاومة.
والأمر يتم عبر صحافيين محددين لهم ارتباطات مع الاستخبارات العسكرية، أو بمعنى آخر أن هناك استثماراً إعلامياً إسرائيلياً كاملاً للخلافات الداخلية في لبنان، وقبل إزالة الأنقاض، وهو ما تريده "إسرائيل"، لتعميق الخلاف ومحاربة سلاح المقاومة، بالتوازي مع التظاهرات التي تحصل بزخم أكبر وعلى نطاق جغرافي أكبر ضد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للأسبوع السابع على التوالي، والخلافات السياسية بين قطبي الحكومة والليكود، وحزب "أزرق أبيض" التي وصلت إلى حد إلغاء جلسة الحكومة.