25 تموز/يوليو التاريخ الرمز: أحداث مفصلية غيرت مسار تونس
25 تموز/يوليو يوم فارق في تاريخ تونس، لئن ارتبط طوال عقود بذكرى عيد الجمهورية، فإنه بات اليوم تاريخاً استثنائياً لما يحمل من أحداث مفصلية غيرت مسار البلاد.
في مثل هذا اليوم من تاريخ 1957، ألغت تونس النظام الملكي بعد عام ونصف عن استقلال تونس في 20 آذار/مارس 1956 وتنظيم أوّل انتخابات تشريعية لنواب المجلس القومي التأسيسي يوم 25 آذار/مارس 1956.
صوت نوّاب المجلس القومي التأسيسي عشيّة 25 تموز/يوليو 1957 بالإجماع على إلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهوريّة وتكليف رئيس الحكومة حينئذ، الأستاذ الحبيب بورقيبة، برئاسة الجمهوريّة الأولى في انتظار تنظيم أوّل انتخابات رئاسية جرت يوم 08 تشرين الثاني/نوفمبر 1959، وبذلك طوَتْ تونس صفحة 252 سنة من تاريخ الحكم الملكي الحسينيّ، الذي أسّسه حسين بن علي باشا باي في 15 تموز/يوليو 1705، وبدأ عهد الجمهوريّة الأولى الذي تواصل إلى غاية المصادقة على دستور 27 كانون الثاني/يناير 2014.
وبعد أن كان التونسيون يحتفلون طيلة عقود بتاريخ 25 تموز/يوليو كعيد وطني لإعلان الجمهورية، أصبح هذا التاريخ يحمل أكثر من رمز، فقد شاءت الأقدار أن يصبح 25 تموز/يوليو ذكرى لمزيج من الأحداث الفارقة في تاريخ البلاد.
25 تموز/يوليو اقترن سنة 2013 بتاريخ اغتيال النائب في المجلس التأسيسي، الحاج محمد البراهمي، اغتيال اهتزت له الساحة السياسية خاصة وأن البلاد لازالت حينها تعيش على وقع صدمة اغتيال الشهيد شكري بلعيد.
اغتيال البراهمي، لم يمر مرور الكرام فقد تعالت أصوات الأحزاب المعارضة آنذاك مطالبة بحل المجلس التأسيسي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، لتشهد البلاد إثر ذلك أكبر موجة احتجاجات منذ 2011 تزامنت مع تنظيم اعتصام الرحيل الذي استمر عدة أسابيع خارج أسوار المجلس، وكان شعاره الأبرز رحيل حكومة علي العريض.
وبلغت الأزمة أشدّها حتى داخل الترويكا الحاكمة بعد قرار رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر يوم 6 آب/أغسطس 2013 تعليق أعمال المجلس إلى أجل غير مسمى، في انتظار حل الأزمة السياسية التي أجّجها اغتيال محمد براهمي.
واستمرت الأزمة السياسية إلى حين تقديم العرّيض استقالته من رئاسة الحكومة يوم 10 كانون الثاني/يناير 2014، ليخلفه مهدي جمعة رئيسا للحكومة بعد مشاورات مارطونية وحوار وطني برعاية عدد من منظمات المجتمع المدني.
25 تموز/يوليو من العام الماضي، سجل التاريخ أيضاً حدثاً فارقاً في تونس، حين وافت المنية الباجي قائد السبسي، أول رئيس منتخب بصفة مباشرة من الشعب بعد الثورة، في المستشفى العسكري بالعاصمة إثر أزمة صحية طارئة، وقد عاش التونسيون حينها حالة ترقب وتوجس مما ستؤول إليه الأوضاع في البلاد بعد وفاته وفي ظل نقاش حول ضمان الانتقال الدستوري السلسل
رحيل السبسي جاء في وقت تستعد فيه تونس لانتخابات تشريعية ورئاسية، وقد فرض رحيله على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حينها تغيير روزنامة الانتخابات.
واليوم 25 تموز/يوليو 2021، من المنتظر أن يعلن رئيس الجمهوريّة قيس سعيد، عن الشخصيّة التي يراها الأقدر لرئاسة الحكومة وفق ما ينصّ عليه الفصل 89 من الدستور وذلك إثر استقالة رئيس الحكومة الحالي إلياس الفخفاخ على خلفية الأزمة السياسية جراء شبهة تضارب المصالح المتعلقة به وما خلفته من تجاذبات بين مختلف الأحزاب والكتل النيابية في البرلمان.
مسار اختيار رئيس حكومة جديد يأتي في ظل أزمة سياسية خانقة، وخلافات بلغت أوجها وحدتها بين الأحزاب السياسية في تونس، توتر داخل البرلمان ولائحة سحب ثقة تهدد رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي الذي يرأس حركة النهضة... احتقان ومشاحنات ومناكفات، عطلت عمل مؤسسات الدولة.
فقد بلغ التوتر أشده تحت قبة البرلمان، وتحوّل من مؤسسة للنقاش والتداول حول مشاريع القوانين إلى ساحة للسّباب والصراعات وتبادل الشتائم، وتحوّلت جلساته العامة إلى فضاء لتصفية الحسابات.
اليوم قد يعلن رئيس الجمهورية عن الشخصية التي يراها الأقدر لرئاسة الحكومة، وسط حديث عن إمكانية أن يختار شخصية من خارج قائمة المرشحين المقدمة من قبل الأحزاب والكتل البرلمانية، ما قد يصعب إمكانية إجماع الأحزاب السياسية حولها ويعزز فرضية الذهاب إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.