من هرتزل إلى نتنياهو.. خلفيات الدور الإسرائيلي في "سد النهضة"

من ناحية الأمن المائي الخاص بها ترغب "إسرائيل" بالسيطرة على نسبة من مياه النيل، وفي البعد الجيوسياسي فإنها تطمح من خلال مشاركتها المباشرة في "سد النهضة" إلى توسيع نفوذها والهيمنة على مصادر الطاقة.. فكيف تتحرك "إسرائيل" في مسألة "سد النهضة"؟

  •  زعيم المنظمة الصهيونية العالمية تيودور هرتزل في الإسكندرية المصرية عام 1898
    زعيم المنظمة الصهيونية العالمية تيودور هرتزل في الإسكندرية المصرية عام 1898

وصلت المفاوضات المصرية - الأثيوبية حول "سد النهضة" إلى حائطٍ مسدود؛ أثيوبيا تصر على أنها ستبدأ بعملية ملء السد شهر تموز/يوليو المقبل حتى من دون موافقة مصر، والأخيرة رفعت الأمر إلى مجلس الأمن.

تطورات أخذت مسارات متعددة خلال السنوات المنصرمة، منها ما هو سياسي اقتصادي ومنها ما هو عسكري أمني، واللافت أن "إسرائيل" كانت الحاضر الأبرز فيها وبشكلٍ مباشر. كيف لا، ونهر النيل، أحد أضلع ما يسمونه "إسرائيل الكبرى" هو الحدث.

تاريخ الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل

تعود الأطماع الإسرائيلية في مياه النيل إلى ما قبل تأسيس الكيان الإسرائيلي، وتحديداً إلى العام 1903 عندما قدّم زعيم الحركة الصهيونية تيودور هرتزل، مشروعاً يسعى من خلاله إلى بناء مستوطنات في شبه جزيرة سيناء تنضم في وقتٍ لاحق إلى المستوطنات في فلسطين المحتلة، حيث سعت المنظمة الصهيونية التي يمثلها هرتزل إلى توطين اليهود في العريش.

ولمواجهة مشكلة ندرة المياه في تلك المنطقة، اقترح هرتزل على لانسدون، وزير خارجية بريطانيا، مد أنبوب على عمق كبير تحت قناة السويس لضخ مياه النيل إلى شبه جزيرة سيناء. لكن بريطانيا رفضت هذا الطلب، بسبب تأثيره السلبي على مشروعات الزراعة المصرية بالوادي، خاصة محصول القطن الحيوي للصناعة الإنجليزية.

أعادت "إسرائيل" طرح هذه الرغبة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، استناداً إلى مقالات ودراسات تناولت المشاريع التي يمكن من خلالها نقل مياه النيل إلى المستوطنات الإسرائيلية. كان أبرز تلك الدراسات ما عرف بـ"مشروع اليشع كالي" حيث قام المهندس الإسرائيلي اليشع كالي، في عام 1974 بطرح مشروعٍ تضمن نقل جزءٍ من مياه النيل يقدّر بـ1% سنوياً لتزويد المستوطنات الإسرائيلية في النقب وقطاع غزة والضفة الغربية، بواسطة أنابيب تمر تحت قناة السويس بجانب منطقة الإسماعيلية المصرية، يصل طولها إلى 200 كلم. 

وفي عام 1977 قام الخبير الإسرائيلي ارلوزوروف، بطرح مشروعٍ تضمن شق 6 قنوات تحت قناة السويس تعمل على دفع المياه العذبة إلى نقطة سحبٍ رئيسية، ليتم بعد ذلك ضخ المياه إلى ارتفاعٍ يبلغ عشرات الأمتار لتدفع بقوة الثقل نحو ساحل سيناء وعبر أقنية فرعية إلى صحراء النقب. 

لم تكن مشاريع نقل مياه النيل إلى المستوطنات الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة حكراً على المهندسين والخبراء في كيان الاحتلال، بل إن الرئيس المصري أنور السادات، وفي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1977 خلال زيارته إلى القدس المحتلة طرح مشروع "ترعة السلام"، والذي يهدف لنقل مياه النيل إلى القدس المحتلة، لتصبح "آبار زمزم الجديدة"، إذ أن الرئيس المصري غلّف مشروعه التطبيعي هذا بالقول "باسم مصر وأزهرها العظيم وباسم دفاعها عن السلام تصبح مياه النيل هي آبار زمزم لكل المؤمنين بالأديان السماوية الثلاثة"، متجاوزاً بذلك الاتفاقيات الموقعة عام 1929 وعام 1959 بين مصر ودول حوض وادي النيل والذي يُمنع بموجبها بيع مياه النيل لطرفٍ من خارج دول الحوض. 

الأمن المائي والقرار الجيوسياسي

المقدمة السابقة مهمة لفهم خلفيات التموضع الإسرائيلي في أزمة "سد النهضة" الدائرة بين مصر وأثيوبيا والسودان، وذلك انطلاقاً من الرغبة الإسرائيلية في السطو على نسبة من مياه النيل، هذا من ناحية الأمن المائي. أمّا في البعد الجيوسياسي، فإن "إسرائيل" تطمح إلى توسيع نفوذها والهيمنة على مصادر الطاقة التي يعد نهر النيل أبرزها، ما سيعزز موقفها السياسي في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية.

فيما يخص الأمن المائي، فإن مسألة تأمين المياه للمستوطنات الإسرائيلية كانت حاجة أساسية بالنسبة لـ"إسرائيل". وقد أظهرت دراسات عديدة خلال العقود الأخيرة، أن "إسرائيل" تمر بأزمة يعتبرها الخبراء الإسرائيليون خطرة جداً بما يخص الثروة المائية، تهدد اقتصاد كيان الاحتلال بصورة لم يسبق لها مثيل.

وذكر الإعلام الإسرائيلي في السنوات الأخيرة أن الكثير من بحيرات فلسطين المحتلة وأحواضها النهرية والمياه الجوفية وصلت إلى أدنى المستويات التي لم يسبق لها مثيل منذ 100 عام، حيث اقتربت بحيرة طبريا بشكل خطير من "الخط الأسود"، وهو المستوى الذي يقع تحت أنابيب السحب من مضخات المياه التي ترسل مياه البحيرة إلى البلدات المجاورة.

وفي الدراسات الإسرائيلية يظهر أن تحسين مستوى العيش وبناء المستوطنات يحتّم تأمين زيادة في المياه بمقدار 600 مليون متر مكعب كل عام. فإذا تعثَّر الحصول على ذلك فيكون من الضروري تأمين ثلثه على حساب المشاريع الزراعية، ما يؤدي إلى أزمة اقتصادية واجتماعية بغض النظر عن الأضرار التي تحصل بفعل برنامج "التوزيع السكاني".

كل تلك العوامل، تدفع السلطات الإسرائيلية إلى التواجد بشكل مباشر في مسألة "سد النهضة" المرتبطة بنهر النيل، وذلك من أجل فرض وجودها السياسي والأمني الذي سيخولها في مرحلةٍ لاحقة إعادة إحياء المشاريع الهادفة لإيصال مياه النهر إلى المستوطنات في فلسطين المحتلة، نظراً لخطورة ما تعانيه حالياً فيما يخص "أمنها المائي"، في ظلّ رغبتها المتزايدة في التوسع واستقدام المزيد من المستوطنين.

ويذكر في هذا السياق، أن نقل مياه النيل إلى فلسطين المحتلة، كان من أهم المشاريع المطروحة في المباحثات المتعددة الأطراف، التي عقدت في فيينا عام 1992، حيث تمسك المفاوضون الإسرائيليون بعدم التنازل عن ذلك، تحت ذريعة حاجة "إسرائيل" إلى المياه في المستقبل ومن ضمنها مياه النيل. أحد المفاوضين الإسرائيلين وهو دان سالازفسكي، قالها صراحة "إذا كان أحد يقصد السلام، فينبغي ألا يجادل بشأن المياه". 

  • "سد النهضة" كان نتيجة دراسة قامت بها الإدارة الأميركية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي

ويبرز البعد الجيوسياسي لـ"إسرائيل" في مسألة "سد النهضة" من خلال أصل الفكرة، التي تعود إلى حقبة الستينيات، باعتبار أن السد كان نتيجة دراسة قامت بها الإدارة الأميركية لصالح حليفتها "إسرائيل"، وذلك بعد توجه مصر برئاسة جمال عبد الناصر، إلى بناء "السد العالي".

في تلك الفترة، قام مكتب الاستصلاح الزراعي الأميركي بعدة دراسات بين عامي 1956-1964، قبل أن يحدد 26 موقعاً لإنشاء السدود في أثيوبيا أهمها، 4 سدود على النيل الأزرق الرئيسي، وهي: "كارادوبي، مابيل، مانديا، وسد الحدود (النهضة)" بالإضافة إلى الأراضي الزراعية التي سيتم استصلاحها بعد إنشاء السدود. وجاءت الدراسات الأميركية إثر الاتفاقية الرسمية التي وقعتها واشنطن مع سلطات أديس أبابا عام 1957، رافق ذلك رفض أثيوبي لعرض عبد الناصر بتشكيل هيئة فنية مشتركة لدول نهر النيل.

وتسعى "إسرائيل" إلى جعل أثيوبيا ممراً لها باتجاه أفريقيا، ومنفذاً استراتيجياً يخولها فتح قنوات سياسية وأمنية وعسكرية في القرن الأفريقي تكون داعماً في صراعها المستمر في المنطقة من خلال تعاونها مع دول أثيوبيا وأرتيريا وجيبوتي، وقد تعزز ذلك من خلال التطورات في منطقة البحر الأحمر ولا سيما اليمن.

"إسرائيل" حاضرة في "سد النهضة"

"سندعم أثيوبيا تكنولوجياً لتستفيد من مواردها المائية"، هذا تحديداً ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أمام البرلمان الأثيوبي في تموز/يوليو عام 2016 وذلك خلال زيارته إلى أديس ابابا. كلام نتنياهو اعتبر دعماً واضحاً لـ أديس ابابا في مسألة نزاعها مع مصر بما يخص "سد النهضة"، لا سيما وأنه تزامن مع افتتاح السلطات الأثيوبية المرحلة الأولى من السد على مياه النيل الأزرق في الشهر ذاته لزيارته.

التصريحات الإسرائيلية الداعمة لـ أثيوبيا تتالت، حيث أعلنت نائبة المدير العام للشؤون الأفريقية في وزارة الخارجية الإسرائيلية آينات شيلين، في كانون الأول/ديسمبر عام 2019، عن استعداد تل أبيب "لتقاسم تجربتها الواسعة في إدارة المياه" مع أديس ابابا. سبق ذلك، إعلان السفير الإسرائيلي لدى إثيوبيا رافائيل موراف، أن "إسرائيل" تعمل على إدخال نظام الري الحديث في إثيوبيا.

وإضافة إلى الدعم السياسي، كشف موقع "ديبكا" الإسرائيلي في تموز/يوليو عام 2019 أن "إسرائيل" أكملت نشر منظومة الصواريخ الإسرائيلية "Spyder-MR" حول "سد النهضة".

ورغم نفي السلطات الإسرائيلية لتلك المعلومات، فإن السفير الأثيوبي السابق لدى "إسرائيل" هيلاوي يوسف، تحدث عن استحواذ شركة إسرائيلية على عقود إدارة محطات الكهرباء في أثيوبيا بما فيها محطة "سد النهضة". يوسف أكد أن "إسرائيل" لديها 240 مستثمراً يعملون في أثيوبيا بمجالات الري والكهرباء والمياه، فضلاً عن تنفيذ مشروعات ري ضخمة من خلال المياه الأثيوبية بعد إتمام بناء السد، بالتوازي مع تمويل 200 مليون دولار لتطوير أنظمة الري.

هذا وتشير العديد من المعطيات إلى أن آلية التفاوض التي تتبعها أثيوبيا مع مصر، وضع أسسها فريق تفاوضي في الخارجية الإسرائيلية ومنهم وزير الخارجية الأسبق شاؤول موفاز، وديفيد كمحي وهو وكيل سابق في المخابرات الإسرائيلية "الموساد". كما قامت الحكومة الإسرائيلية بافتتاح "اكتتاب شعبي"، في البنك المركزي الإسرائيلي لجمع التبرعات الموجهة إلى السندات والأذون لخدمة مشروع "سد النهضة"، وصولاً إلى قيام الحكومة الأثيوبية باستقدام العديد من الخبراء والفنيين الإسرائيلين للعمل في مراحل التجريب والتنفيذ طوال المرحلة الثانية. في وقتٍ كشف فيه وكيل وزارة الري السودانية الأسبق حيدر يوسف، عن وجود طابق كامل في وزارة المياه الأثيوبية مخصص لخبراء المياه الإسرائيليين.

  • نتنياهو: سندعم أثيوبيا تكنولوجياً لتستفيد من مواردها المائية
    نتنياهو: سندعم أثيوبيا تكنولوجياً لتستفيد من مواردها المائية

الأهداف الإسرائيلية

فشلت "إسرائيل" خلال العقود الماضية، في فرض مشاريعها للاستفادة من مياه نهر النيل، إزاء الرفض المصري المتكرر لذلك، رغم ما كان أعلنه السادات، الذي اصطدمت تصريحاته تلك حول إيصال "مياه النيل" إلى فلسطين المحتلة، بمعارضة سياسية وشعبية كبيرة دفعته إلى التخلي عن الفكرة، وهو ما استمر به الرئيس حسني مبارك، وبعده الرئيسان محمد مرسي وعبد الفتاح السيسي.

تسير "إسرائيل" ضمن مبدأ الضغوط القصوى على مصر من أجل دفعها سياسياً واقتصادياً، للعودة إلى مشاريع نقل "مياه النيل" باتجاه المستوطنات والمدن المحتلة في فلسطين، من خلال تدخلها المباشر في مسألة "سد النهضة" والتأثير على تداعياتها السلبية ضد مصر وأمنها المائي والسياسي. وتسعى تل أبيب من خلال ذلك، إلى الدفع باتجاه الاعتراف بها كـ"دولة" شرق أوسطية بالدرجة الأولى، وكطرفٍ معني بمياه نهر النيل، من البوابة الأثيوبية، ما ترى فيه "حقاً" بعد ذلك للاستفادة من مياه النهر. 

وفيما ترى بعض الأوساط الإسرائيلية أن "سد النهضة" يعيق تدفق مياه النيل باتجاه فلسطين المحتلة عبر الأراضي المصرية في وقتٍ لاحق إذا ما رضخت مصر للضغوط، فإن الحضور الإسرائيلي القوي والداعم لأثيوبيا في هذا الملف يشي بغير ذلك. إذ أن تل أبيب باتت تتحكم بنسبة كبيرة في المشروعات المائية والكهربائية في أثيوبيا (من دول المنبع)، ما سيجعلها تتحكم في مرحلة لاحقة بتدفق مياه النيل، من المنبع إلى المصب، مع ضمان حصول مصر على نسبة معينة، على أن تكون هي من ضمن "المصب"، بمعنى أن تشترط "إسرائيل" وصول المياه إليها مقابل السماح بوصوله إلى مصر، وذلك من خلال شراكتها مع أثيوبيا بـ"البنك الإثيوبي لتصدير مياه النيل الأزرق".

وما عزّز تلك الشكوك، هو بناء مصر  6 أنفاق ضخمة غير معلن عنها  في سيناء،وفق ما قاله موقع "ميدل إيست أوبزرفر" البريطاني في عام 2016، مرجحاً أن الهدف منها هو "إيصال مياه النيل إلى إسرائيل". وأشار الموقع البريطاني إلى أن "الحكومة المصرية أعلنت أنها ستبني 3 أنفاق للسيارات ونفق واحد للقطارات إلا أنها لم تعلن أي شىء عن ستة أنفاق أخرى جاري العمل بها".

لعلّ أبرز ما يمكن الحديث عنه في دراسة أسس الأزمة التي تعاني منها مصر حالياً بما يخص "سد النهضة"، هو تراجع الدور المصري في أفريقيا بعد رحيل الرئيس المصري جمال عبد الناصر مطلع سبعينيات القرن الماضي، لصالح دورٍ إسرائيلي وجد منافذ عديدة للدخول إلى القارة، كان عبد الناصر أغلقها ضمن أولوياته الهادفة إلى الحفاظ على سياسة استراتيجية تخدم المصالح الأفريقية عامة، ومصالح الأمن القومي المصري خاصة.

حل مسألة "سد النهضة" لا يتعلق فقط بالمفاوضات المصرية-الأثيوبية-السودانية، بل لها خلفيات ترتبط بالرغبات الإسرائيلية بالهيمنة على مصادر الطاقة في حوض النيل من جهة، وعلى التوسع باتجاه القارة الأفريقية من جهةٍ أخرى. لذا، فإن "إسرائيل" الحاضر الأبرز في "سد النهضة" لن توافق على أيّ حلّ يستثنيها من "مياه النيل" ويقوّض توسعها في دول حوض النهر، وعلى سواحل البحر الأحمر.

وبينما يوفر نهر النيل 90% من مياه الشرب والري التي تحتاج إليها مصر، يظهر بشكلٍ واضح أن الأطماع الإسرائيلية تصطدم بمصالح الأمن القومي المصري، وتؤثر على تماسك دول حوض النيل، باعتبار أن إثيوبيا هي الأخرى تقول إن الكهرباء المتوقع توليدها من سد النهضة، الذي تبنيه على النيل، لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنمية البلد. فهل يمكن أن تتوجه دول الحوض وعلى رأسهم أثيوبيا إلى اتفاقات مشتركة تحفظ مصالح جميع الدول بعيداً عن الأطماع والرغبات الإسرائيلية؟ أم أن الدخول الإسرائيلي المباشر على قاعدة "فرّق تسد" سينجح في دفع دول الحوض إلى المزيد من التصادم والتفكك؟ 

 

المصادر:

كامل زهيري، "النيل في خطر: مشروعات تحويل مياه النيل من هرتزل إلى بيجن"، الهيئة المصرية العامة للكتاب.

مهند النداوي، "إسرائيل في حوض النيل: دراسة في الاستراتيجية الإسرائيلية"، العربي للنشر والتوزيع.

"المخطط الأثيوبي وتداعياته على الأمن القومي المصري (سد النهضة)"، المركز الديمقراطي العربي.

نجلا مرعي، "سد النهضة الأثيوبي.. والصراع المائي بين مصر ودول حوض النيل"، العربي للنشر والتوزيع.