تونس: تبادل للاتهامات وأجواء متوترة بين "الدستوري الحر" و"النهضة"
يبدو أن التعايش بين حركة النهضة والحزب الدستوري الحر تحت قبة البرلمان التونسي بات أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً، فمنسوب التوتر بين الحزبين ما فتئ يتصاعد يوماً بعد يوم ويحتد الخلاف فيما بينهما، أجواء مشحونة انتهت بتبادل للاتهامات والتهديد بالتقاضي أمام المحاكم.
كشفت رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، في لقاء إعلامي بالبرلمان الاثنين 15 حزيران/يونيو 2020، أنها تلقت معلومات تفيد باتصال نواب من حركة النهضة في تونس "بإرهابيين" في سجون تونس.
وقالت إن أفراداً في الإدارة العامة للسجون، أرسلوا لها ظرفاً بريدياً يحتوي على وثائق، تثبت وجود اتصالات بين نواب ينتمون لما سمتّه "تنظيم الإخوان" وإرهابيين في السجون.
كما أضافت أن هناك أسماء مسؤولين في إدارة السجون "تواطؤوا مع نواب من حركة النهضة مقابل امتيازات"، من أجل تمكينهم من زيارات ليلية لإرهابيين في سجني المرناقية وبرج العامري الواقعين في منوبة، إحدى محافظات تونس الكبرى
وأوضحت أنّ ''ملف زيارة قيادات من النهضة لإرهابيين في السجون' ليس بجديد، وهو منذ حكومة الترويكا"، مشيرة إلى أن حديثها عن زيارة نواب من حركة النهضة لإرهابيين بالسجون منطلقه رسالة تلقتها عبر مكتب ضبط المجلس باسم إطارات الإدارة العامة السجون والإصلاح والتي جاء فيها "تلاعب في صفقات وترقيات وخروقات في التعيينات التي تتم بالمحاباة، وهي مخلفات القيادي في الحركة نور الدين البحيري عندما كان على رأس وزارة العدل"، بحسب تعبيرها.
كما أعلنت موسي أنه تمت دعوتها للاستماع إليها صلب فرقة مكافحة الإرهاب "إثر الأذن بفتح بحث جزائي"، معتبرة أن الهيئة العامة للسجون والإصلاح تسرّعت في إصدار بيانها الأخير قائلة "احترموا ذكاءنا لأن من يقوم بتجاوزات وزيارات مشبوهة للسجون لن يسجلها في الكراس ".
واعتبرت موسي أنّ "المطلوب هو كشف الحقيقة والتدقيق في صحة ما تلقته من معطيات دقيقة في الرسالة"، منتقدة في سياق متصل، عدم صدور نتائج التحقيق حول شبكات التسفير التي لم تصدر إلى اليوم وسط رفض اطلاع النواب على وثائق ومعطيات هذا الملف.
وطالبت في ذات السياق، وزيرة العدل ثريا الجريبي "بضرورة فتح تحقيقين جزائي وإداري مع إرسال هيئات الرقابة الحقيقية للقيام بتقارير واطلاع النواب عليها"، محذّرة من محاولة وزارة العدل التعامل مع هذا الملف بمنطق العقوبات وإخراس الأفواه، مؤكّدة أنّ من سيعتمد هذا التوجّه، "سيجد الصد من عبير موسي"، متمسّكة بكشف الحقيقة وحماية المبلغين وصاحب الرسالة، مؤكدة أنها لا تخاف التهديدات، وفق قولها .
الخميري: موسي إتّهمتنا باطلاً، وسنلجأ إلى القضاء
من جهته، أكّد المتحدث باسم حركة النهضة، عماد الخميري، إدانة الكتلة والحركة لما وصفه بـ''تعمد رئيسة كتلة الدستوري الحر عبير موسي الكذب والادعاء وقلب الحقائق" على خلفية اتهامها بأن نواب النهضة يزورون ليلاً السجناء في قضايا إرهابية، مضيفاً أن النهضة تؤيد ما ورد في رد الهيئة العامة للسجون والإصلاح بخصوص هذا الملف.
وبيّن الخميري في نقطة إعلامية اليوم الثلاثاء 16 حزيران/يونيو 2020، أنّ النهضة تعتبر البحث التحقيقي الذي أذنت به وزيرة العدل أداة ستكشف افتراءات رئيسة كتلة الدستوري الحر، معتبراً أنّ ما قامت به عبير موسي خارج أخلاقيات العمل السياسي ويضرب مصداقية المؤسسة السجنية والأمنية ويشكك في مصداقية مؤسسات الدولة.
وقال الخميري إن موسي "جاءت من منظومة لا تؤمن بالديمقراطية والثورة ومسارها داخل البرلمان مسار ترذيلي لمجلس نواب الشعب". وأضاف "النهضة تتحدى موسي في أن تقدم الحجة والبرهان والدليل على ما افترت به على نواب النهضة".
واعتبر أن الرسالة التي تلقتها موسي من مصدر مجهول "لا يمكن أن ترتقي إلى حجة تعتمد في اتهام أطراف وخصوم سياسيين باتهامات من هذا القبيل".
كما شدد على أن النهضة وكتلتها البرلمانية "تطالب بالتعجيل" في التحقيق في هذا الملف، وتعتبر نتائجه دليلاً مادياً على نهج موسي في ترذيل المشهد السياسي، مؤكداً أن النهضة "ستمضي في قضية لدى المحاكم ضد موسي في الادعاء بالباطل والكذب".
إدارة السجون تتحرك
وكان الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للسجون، سفيان مزغيش، أكد أن المؤسسة السجنية في حياد تام عن جميع الأطراف وعلى نفس المسافة من الجميع وترفض إقحامها في التجاذبات السياسية.
و أضاف مزغيش، أن المؤسسة السجنية حريصة على عدم إدخالها في تجاذبات سياسية وعدم الخوض في مسائل ذات صبغة سياسية، ولديها ضوابط عمل و منظومة تأمين كاملة.
و أوضح أن الاتهامات التي وجهتها رئيسة حزب الدستور الحر،عبير موسي، لمصلحة السجون يوم أمس، بتسهيل لقاءات تتم بين نواب وإرهابيين في السجن، "لا يقبلها أي عاقل لأن السجون شأنها شأن بقية المؤسسات خاضعة للرقابة والمساءلة".
و شدد مزغيش، على أن هذه الفئة من المساجين أيّ المتورطين في تنفيذ جرائم ارهابية يخضع سجنهم لإجراءات أمنية مشددة ويتم التعامل معهم وفقا لمنظومة أمنية عالية ومشددة، حسب قوله.
و أشار المسؤول إلى أنه تم فتح تحقيق بعد تصريحات عبير موسي، "للوقوف على مدى صحة تلك الإدعاءات رغم الثقة الكبيرة في الأعوان والإداريين"، وفق تعبيره .
الدستوري الحر يعلن الحرب على النهضة
يذكر أن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي كانت أعلنت أيضاً في اللقاء الصحفي، توجيه 3 لوائح طلبات إلى الهيئة الوطنية لحق النفاذ للمعلومة. تعلقت الأولى بحق الإطلاع على الملف القانوني لتأسيس حركة النهضة التي قالت إنها "تحصلت على ترخيص بتأسيسها يوم 1 آذار/مارس 2011 بناء على قانون 88 الذي يمنع تكوين أحزاب تحمل في برنامجها ومبادئها مرجعية تمييز على أساس الدين".
وأوضحت أنّ قانون 88 يفرض على الأشخاص الذين لديهم أحكاماً سجينة تتراوح بين 3 و6 أشهر نافذة أو بتأجيل التنفيذ ضرورة حق استرداد الحقوق، في حين أن مرسوم العفو التشريعي دخل حيز التنفيذ يوم 28 شباط/فبراير والنهضة حصلت على رخصة تأسيسها قبل هذا التاريخ.
وأضافت موسي أنّ الحزب تقدّم بلائحة ثانية لطلب الملف القانوني لتأسيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مكتب تونس، الذي أسسته قيادات حركة النهضة من أجل إطلاع الرأي العام على أعضائه ومكوناته، كما طالبت موسي بالإطلاع على لائحة ثالثة تتعلق بالكشوفات البنكية للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين مكتب تونس لمعرفة تمويلاتها وفي ما تم صرفها.