تبعات كورونا غير عادلة في أميركا.. "الملونون" أكبر الخاسرين
فيروس كورونا لم يكشف عن ضعف البنية التحتية الصحية فقط، بل عن تفاقم العنصرية في الولايات المتحدة، التي لم يكن جورج فلويد إلا واحداً من ضحاياها.
لا تتوقف تبعات التمييز العرقي على التفاعل الثقافي بين الأقليات والمجتمع الأوسع، ولا على حوادث منظمة أو غير منظمة، تنتهي بتعنيف ذوي البشرة المغايرة وإقصائهم في الحياة العامة، وإنما تمتد تبعاته إلى أمور أخرى؛ كالتنمية الاقتصادية، التعليم، العمل، والطبابة، وهذا ما توضحه الإحصاءات الأميركية الأخيرة، حول آثار فيروس كورونا على "الملوّنين".
ونشر المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، مؤخراً، تقريراً هو نتيجة مسح لحالة 580 مريضاً مصاباً بفيروس كورونا في البلاد، يظهر فيه أن 45% من المصابين البيض دخلوا المشافي للعلاج، نسبةً لحجمهم البالغ 59% من إجمالي المجتمع، بينما بلغت نسبة ذوي البشرة السوداء المصابين بكورونا والراقدين في المشافي 33%، نسبةً لحجمهم البالغ 18%.
هذه النسب غير المتناسبة، تعكس الفروقات الاقتصادية والاجتماعية بين ذوي البشرة السوداء وما عداهم، حيث يساهم التردي الاقتصادي وضعف البنية التحتية والإخفاق في تعزيز الثقافة الصحية في المناطق التي يسكنها الأميركيون الأفارقة، في رفع خطر إصابتهم بكورونا، بل بغيره من العلل الصحية والاجتماعية.
ووفق المركز الأميركي الرسمي، هناك عدة أسباب محتملة لارتفاع نسب الإصابة عند الملونين:
1- الأقليات العرقية و"الملونون" يسكنون في مناطق مكتظة وحاشدة، ما يجعل العزل اللازم للحد من الإصابة بكورونا أشد صعوبة.
2- قلّة متاجر الأغذية والمرافق الصحية في المناطق التي تسكنها الأقليات العرقية، وهذا ما يجعل مهمة حصولهم على مستلزمات الغذاء والرعاية، والبقاء في منازلهم مدة أطول، أصعب.
3- يقطن في منازل هذه الأقليات عائلات ممتدة، الأمر الذي يحول دون رعاية كبار السن أو عزل المرضى، في المنازل ذات المساحة المحدودة.
خسائر غير متعادلة: "الملونون" يواجهون التبعات
المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، أعلن أمس أن أميركا دخلت في ركود قطع عليها مواصلة 128 شهراً من النهوض، في وقت تقترب فيه نسبة العاطلين عن العمل من الـ20%، لكن كما الإصابة بكورونا، ليس في الخسائر المترتبة عليه تساو؛ "الملونون" الأكثر خسارة أيضاً.
فمنذ 13 آذار/مارس، تبلَّغ 43% من عائلات البيض بخاسرة مدخول وظائفهم، بينما خسر 54% من عوائل ذوي البشرة السوداء مدخولهم، مقابل 49% من الأسيويين الأميركيين، وفق مكتب الإحصاء الحكومي الأميركي.
وأدى الفصل المهني والتمييز في العمل إلى تقييد العمال "الملونين" بوظائف ذات أجر منخفض، وأقل استقراراً من تلك الوظائف التي يحوذها البيض، فيما ساهم وباء كورونا في تعميق هذه الاختلافات ودفعها إلى السطح أكثر.
واجهت مجتمعات "الملونين" خلال أزمة كورونا، مشكلة في ما يتعلق بالأمن الغذائي، فوفق مكتب الإحصاء الأميركي، خلال الفترة الممتدة من 28 أيار/مايو وحتى 2 حزيران/يونيو، أعلن ذوو البشرة السوداء، والمتحدرون من أصول لاتينية وآسيوية، ضعفي عدد المرات عن نظرائهم البيض، عن عدم امتلاكهم لغذاء يتناولونه في منازلهم.
وفي العائلات التي تضم أطفالاً، أظهرت الإحصاءات أن 21% من الأميركيين المتحدرين من أصول لاتينية، و27% من ذوي البشرة السوداء، لا يشعرون بالأمن الغذائي، مقابل 9% من عائلات الأميركيين البيض.
أما في ما يتعلق بالسلامة النفسية، فإن "الملونين" هم الأكثر تبليغاً عن الضغط النفسي والقلق خلال أزمة فيروس كورونا، فوفق المكتب، عانى 51% من البيض، و62% من ذوي البشرة السوداء، و59% من الأميركيين المتحدرين من أصول آسيوية، و63% من الأميركيين اللاتينيين من مشاكل نفسية بفعل كورونا، وكانوا غير قادرين على السيطرة على قلقهم.
يظهر أن مقتل جورج فلويد على يد الشرطة الأميركية، ليس حدثاً منفصلاً عن سياق أوسع من التمييز والإقصاء الاجتماعي الذي يعاني منه "الملونون" وذوو البشرة السوداء على وجه الخصوص. أرقامٌ، تظهر أن التظاهرات التي شهدتها الولايات الأميركية في الأيام السابقة، ليست إلا تعبيراً عن أزمة لم يساهم كورونا إلا في كشفها.