البرلمان التونسي يناقش الثلاثاء لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار
البرلمان التونسي يناقش لائحة تقدمت بها كتلة "ائتلاف الكرامة" لمطالبة الدولة الفرنسية بالاعتذار من الشعب التونسي عن الجرائم التي ارتكبتها في حقبة الاستعمار عام 1881 وبعدها.
يناقش البرلمان التونسي، في جلسة عامة غداً الثلاثاء، مشروع لائحة تقدمت به كتلة "ائتلاف الكرامة"، تطالب الدولة الفرنسيّة بالاعتذار للشعب التونسي عن جرائمها في حقبة الاستعمار المباشر وبعدها.
وجاء في مشروع اللائحة أنه "اقتناعاً من ممثلي الشعب بأن جروح الماضي لا يمكن أن تندمل إلا بعد تطهيرها معنوياً، نطالب بإصدار اعتذار رسمي وعلني من الدولة الفرنسية للشعب التونسي عن كل الجرائم التي ارتكبتها في حقه منذ عام 1881، وأن هذا الاعتذار من شأنه أن يطوي هذه الصفحة السوداء من تاريخ الدولتين، وأن يعزز العلاقات التاريخية والمتينة بين الشعبين التونسي والفرنسي".
وذكرت كتلة "ائتلاف الكرامة" في بيان لها أمس الأحد، أن البرلمان التونسي سينظر الثلاثاء المقبل في لائحة "ائتلاف الكرامة" لمطالبة الدولة الفرنسية بإعلان اعتذارها العلني عن كل جرائمها أثناء الاحتلال المباشر وبعده وتعويض الدولة التونسية والضحايا ونشر الأرشيف الاستعماري".
وتأتي هذه الجلسة العامة المزمع عقدها غداً الثلاثاء، بعد جلسة عامة عقدت يوم 03 حزيران/يونيو الجاري دامت 20 ساعة وناقشت لائحة تقدم بها الحزب "الدستوري الحر" لرفض التدخل الأجنبي في ليبيا"، وقد تمّ إسقاط هذه اللائحة بعد فشلها في نيل الأغلبية بـ 109 أصوات.
ورداً على الاتهامات التي تقول بأن "ائتلاف الكرامة" تقدم بهذه اللائحة إلى البرلمان لإحراج خصومه السياسيين خاصة بعد اللائحة التي تقدم بها "الدستوري الحر" وأربك بعض الأطراف السياسية في البرلمان، أكد رئيس كتلة ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف في تصريح لـ "الميادين نت" أن الكتلة تقدمت بطلب إلى البرلمان لعرض اللائحة على الجلسة العامة يوم 12 أيار/مايو 2020 بالتزامن مع إحياء الذكرى 139 لاتفاقية الحماية والذكرى 64 للجلاء، مشدداً على أن الكتلة تقدمت بهذه اللائحة تنفيذاً لأولى نقطة في برنامجها الانتخابي الذي رأت فيه أن بناء دولة ذات سيادة يقتضي ضرورة تصفية التركة الثقيلة ورد الاعتبار المعنوي للشهداء.
ونفى مخلوف أن تكون لهذه اللائحة علاقة بلائحة "الدستوري الحر" ومحاولة لإحراج خصومهم السياسيين، معبراً عن ثقته في نيل اللائحة أغلبية 109 أصوات.
ومن المنتظر أن تشهد الجلسة نقاشاً حاداً حول اللائحة، نظراً لمحتواها الخلافي بين البرلمانيين، حيث يرفض كثيرون الزج بالبرلمان التونسي في خانة إفساد العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا، التي تعد الشريك الاقتصادي الأول للبلاد من حيث حجم المبادلات وعدد الشركات القائمة في تونس.
غير أن مخلوف أكد بأن "اللائحة لن تفسد للود قضية مع فرنسا"، مذكراً بأنها سبق وأن طالبت بدورها ألمانيا بالاعتذار ووقع تعويضها دون أن تتوتر العلاقات بين البلدين.
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي جمعي القاسمي "لـ "الميادين نت" أن مثل هذه اللوائح هي تقاليد متداولة في مختلف برلمانات الدول الديمقراطية، لكنه في المقابل تساءل عن توقيت إثارة مثل هذه القضايا، مؤكداً أنه على أهميتها تبقى مجرد تساؤلات.
واستثنى القاسمي في حديثه لائحة الدستوري الحر التي قال إنها جاءت في سياق مرتبط برغبة تركيا في إيجاد موقع لها بليبيا، وما كشفه "بيان أفريكوم" حول نشر قوات عسكرية في تونس مقابل غموض الموقف الرسمي التونسي.
وأشار إلى أنه في علاقة بلائحة "ائتلاف الكرامة"، سبق وأن طرح حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي برئاسة أحمد الأينوبلي سنة 2009 خلال فترة النظام السابق، مشروعاً يدعو فيه فرنسا إلى الاعتذار ووجد تأييداً كبيراً إلا أنه بقي حبراً على ورق.
وتابع قائلاً " أعتقد أن لائحة ائتلاف الكرامة وقبلها لائحة الدستوري الحر تأخذ أبعاداً سياسية يحاول من خلالها كل طرف تثبيت حضوره السياسي والإعلامي وكأننا في حملة انتخابية" مشيراً إلى أن "الوضع العام في البلاد يستدعي من هذه الأحزاب التركيز على قضايا أخرى لها تداعيات أفضل من إضاعة الوقت في مثل هذه القضايا التي لا يختلف عليها إثنان"، بحسب تعبيره.
من جهته، قال الإعلامي نزار مقني في تصريح "للميادين نت" إن "لائحة ائتلاف الكرامة تعكس التجاذب السياسي الكبير الذي يعيشه البرلمان، والذي بات يوتر المشهد السياسي التونسي". وتابع قائلاً "يبدو أن هذا التسابق والتلاحق بين هذه الكتل هو الذي سيكون من نتائجه أزمة سياسة عميقة قد تشهدها تونس في المستقبل القريب".