فريمان مثالاً.. كيف تغتال "إسرائيل" معنوياً الشخصيات الأميركية المعارضة لها؟

لم ينسَ اللوبي الإسرائيلي للسفير الأميركي السابق تشارلز فريمان مواقفة الناقدة للسياسات الإسرائيلية والسياسة الخارجية الأميركية المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي.

  • فريمان مثالاً.. كيف تغتال "إسرائيل" معنوياً الشخصيات الأميركية المعارضة لها؟
    تشارلز فريمان

يلعب اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة دوراً مؤثراً في توجيه السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، من خلال اختراقه لكل المؤسسات الأميركية وبالأخص الكونغرس. فهناك العديد من الشخصيات الأميركية التي تم اغتيالها معنوياً بشكل شخصي أي إسقاطها سياسياً (Character Assassination).

 لم يعطِ الإعلام العربي السفير الأميركي السابق تشارلز فريمان حقه، فدراسة سيرته السياسية، تعني فضح سياسة "إسرائيل" واللوبي المؤيد لها في أميركا. فقد سبق لهذا  اللوبي أن اتهمه بأنه كان وراء "تفجير" موضوع النفوذ الذي يتمتع به في الولايات المتحدة في أعقاب الضجة التي أثارها فريمان في أعقاب العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 .

لم ينسَ اللوبي المؤيد لـ"إسرائيل"، للسفير الأميركي السابق  في الصين والسعودية تشارلز فريمان أنه كان وراء أبرز دراسة أكاديمية نشرت في عام 2006 وحملت عنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" للباحثين الأميركيين ستيفن والت، العميد السابق لكلية جون أوف كيندي في جامعة هارفارد، وجون ميرشيمر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، عندما كان يدير "مجلس سياسة الشرق الأوسط" الذي تبنى هذه الدراسة ومولها.

فبمجرد إعلان إدارة الرئيس باراك أوباما عام 2009 تعيين فريمان لمنصب رئيس المجلس الوطني للاستخبارات الأميركية،شن اللوبي المؤيد لـ"إسرائيل"،حملة تشويه وتشهير شرسة ضده.

وقد اتهم فريمان حينذاك هذا اللوبي باستخدام "سياسة اغتيال الشخصية وسياسة الاحتواء" وذلك بالإعتراض على تعيين الشخصيات التي تختلف معه في مواقفها. 

وقد أكد فريمان يومذاك في حوار مع شبكة "بي بي سي"، أن جماعات لها صلة بأجنحة يمينية في "إسرائيل" منها لوبي حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو أو حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يقوده العنصري أفيغدور ليبرمان، هي التي شنت حملة ضده.

وحسب فريمان فإن حملة التشوية ضده قادها ستيفن روزن،الذي عمل سابقاً لصالح منظمة "إيباك" الصهيونية. وكتب روزن في 19 شباط/ فيراير 2009 في مدونته أن فريمان "ناقد حاد لإسرائيل"، واصفاً تعيينه المحتمل بأنه "مثال نموذجي للتوجه القديم الموالي للعرب".

وقد شعر فريمان بأن تهجم روزن عليه واتهامه له بأنه معاد للوبي الإسرائيلي، يشكل إهانة له. فقد سبق أن أُدين روزن رسمياً بتهمة التجسس لصالح "إسرائيل" بعدما أقامت الحكومة الأميركية في عهد الرئيس جورج بوش الإبن عام 2005، دعوى قضائية ضده بتهمة تسريب معلومات استخبارية لـ"إسرائيل".

فلم تكن حملة اللوبي علنية بمعظمها لأنهم أرادوا تفادي إحراج إدارة أوباما بشكل مكشوف في بدايتها، وبدأوا بتعبئة أنصارهم في الكونغرس من ديموقراطيين وجمهوريين، وبإرسال المعلومات ومقتطفات من مقابلات أو خطب للسفير فريمان للصحافيين والمعلقين والمدونين،تركز على انتقاداته القوية والمباشرة لـ"إسرائيل" وسياساتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ورئاسته لـ"مجلس سياسة الشرق الأوسط"، وإصداره لمجلة "سياسة الشرق الأوسط". 

وقد ركز هؤلاء على تلقي المجلس مساعدات مالية من السعودية، وعلى مواقف فريمان القائلة بإن مصالح الولايات المتحدة تقضي بأن تكون لها علاقات قوية وإيجابية مع العرب ومع المسلمين بشكل عام.

وسرعان ما انتقلت الحملة ضد فريمان إلى داخل الكونغرس وأبدى حينها نحو 40 عضواً في الكونغرس، غالبيتهم من الحزب الجمهوري تساؤلات حول قدرته كرئيس للجنة الاستخبارات الوطنية على إجراء تحليل موضوعي للوضع العالمي. وقد وصلت الحملة إلى ذروتها حين بعث جميع الأعضاء الجمهوريين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ برسالة إلى مدير الاستخبارات الوطنية الأميرال دنيس بلير طالبوا فيها بالتخلص منه بسبب مواقفه.

فريمان مثالاً.. كيف تغتال "إسرائيل" معنوياً الشخصيات الأميركية المعارضة لها؟

التزمت إدارة أوباما الصمت حيال الهجوم الذي تعرض له فريمان

وقد أعلن فريمان في أسباب استقالته عام 2009 أن "حملة التشهير به التي تعرض لها لمواقفه الصريحة تجاه إسرائيل لن تتوقف، إذا كان قد قبل بمنصب رئيس الاستخبارات، وهذا سيؤثر على عمله، ولن يجعل مجلس الإستخبارات يمارس عمله بشكل فعال، ورئيسه يتعرض لهجوم مستمر من أناس لا ضمير لهم".

ورغم كل الأسئلة التي أثيرت حول علاقته بالسعودية، وتأييده للحكومة الصينية ضد المعارضة، وعضويته في إدارة شركة صينية للطاقة، للتشكيك في صدقيته وحياده، إلا أن السبب الرئيسي لحملة التشوية ضده وإسقاطه سياسياً (Character Assassination)،كان انتقاده الصريح لـ"إسرائيل". فمنذ تقاعده من السلك الدبلوماسي، لم يتردد فريمان في انتقاد "إسرائيل" والدعم الأميركي غير المشروط لها. 

يعتقد فريمان أن "هذا اللوبي يهدف إلى السيطرة على عملية صياغة السياسات من خلال رفض تعيين الأفراد الذين يطعنون في حكمة آرائه". ويؤكد أن إحدى النتائج التي ترتبت على ذلك هي "عجز الرأي العام الأميركي والحكومة عن مناقشة ودراسة أي خيار أمام السياسات الأميركية في الشرق الأوسط تعارضه الفرقة الحاكمة على الصعيد السياسي الإسرائيلي".

وقد علق على ذلك،ستيفين والت، أحد الباحثين اللذين ألفا كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية"، على موقع "فورين بوليسي"، بقوله: "إلى كل من راوده الشك في وجود (لوبي إسرائيلي) قوي، أو من اعترفوا بوجوده لكنهم لم يروا أن لديه نفوذاً بالغاً.. عليكم إعادة التفكير في الأمر".

وعرف تشارلز فريمان بأنه من أهم الدبلوماسيين الأميركيين المحنكين، وهو يتقن اللغات الصينية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية والايطالية، وله إلمام باللغة العربية، وقد عمل كسفير لبلاده في الصين والمملكة العربية السعودية، وكمساعد لوزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي، وساهم في تصميم السياسات الأميركية في العديد من المجالات من آسيا إلى الشرق الأوسط مروراً بإفريقيا.

ولهذه الأسباب رشحته إدارة اوباما لمنصب رئيس المجلس الوطني للإستخبارات الأميركية، الذي مهمته إعداد تقييم عام وتحليل لتقارير جميع أجهزة الإستخبارات والأمن الأميركية تجاه القضايا المختلفة وهي تقارير ترد من 16 جهة استخبارية وأمنية أميركية، بما في ذلك تقارير وكالة الإستخبارات الأميركية "سي آي إيه".

يشار إلى أنه في كل حملة التشوية التي تعرض لها فريمان، التزمت إدارة أوباما الصمت. ولم يصدر عنها أي موقف.

اخترنا لك