القطاع المصرفي في لبنان: عنصر أزمة وحل

ظهرت في الاحتجاجات المطلبية التي شهدها لبنان منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي مجموعة من الشعارات التي هاجمت القطاع المصرفي اللبناني، وأظهر الواقع السياسي والاقتصادي المتردّي في لبنان دوراً كبيراً للقطاع المصرفي في الأزمة التي وصلت إليها البلاد.

  • القطاع المصرفي في لبنان: عنصر أزمة وحل
    القطاع المصرفي في لبنان: عنصر أزمة وحل (أ ف ب).

"يسقط حكم المصرف"، "يسقط حاكم المصرف"، سمعنا هذه الجمل كثيراً في الآونة الأخيرة، سمعناها بصوت عالٍ في الاحتجاجات المطلبية التي شهدها لبنان منذ منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. مجموعة من الشعارات هاجمت القطاع المصرفي اللبناني. لم يكتفِ المتظاهرون بالشعارات فقط، بعض المظاهرات توجّهت إلى مصرف لبنان وبعض المصارف الخاصة، وتضمّنت ورقة الحكومة الإصلاحية التي أعلنها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، مجموعة بنود كان للمصارف دور كبير فيها، في حال لو مضت السلطة بها.

الواقع السياسي والاقتصادي المتردّي في لبنان، أظهر دوراً كبيراً للقطاع المصرفي في الأزمة التي وصلت إليها البلاد، والتي تهدد بانهيار محتمل للإقتصاد بالتزامن مع استمرار انسداد الأفق السياسي، وغياب أيّ حلول ناجعة.

لماذا القطاع المصرفي؟ وكيف يؤثر بشكل مباشر على وضع اللبنانيين الاقتصادي؟ 

"خلال السنوات السابقة لم يقم القطاع المصرفي بدوره اللازم، بل كان جزءاً من السياسات التي عمّقت الأزمة وساهمت في نقلها من مجرّد أزمة مالية إلى أن تكون أزمة اجتماعية – اقتصادية"،  يقول رئيس المركز الإستشاري للدراسات والتوثيق، الدكتور عبد الحليم فضل الله. وفي حديثه  لـ الميادين نت، حول دور المصارف، اعتبر فضل الله أن القطاع المصرفي عنصر من عناصر الأزمة والحل في لبنان.

ولخّص فضل الله أسباب الأزمة الإقتصادية في لبنان بـ 3 نقاط، أولها الارتفاع غير المبرر لأسعار الفائدة، حيث شهد لبنان خلال التسعينات كارتيلات كان لها مصلحة في رفع سعر الفوائد، ما أدى، بحسب فضل الله، إلى تكبيد الخزينة مليارات الليرات اللبنانية.

السبب الثاني "يكمن في الإنفاق الزائد والناتج عن الهدر في الموازنة العامة، وهو يفوق النفقات الخاصة بالموازنات". فضل الله أشار إلى أن أحد أدوار البنك المركزي هو أن يكون مستشاراً مالياً للحكومة، ويوصيها بضبط الإنفاق من أجل تقليل وتيرة العجز، وهذا ما لم يحصل، وأشار فضل الله إلى أن طبيعة التركيبة السياسية الطائفية في البلاد،  تطلبت أن ترضي جميع الأطراف حتى لو على حساب الإنفاق والهدر.

 وبحسب فضل الله فإن آلية اتخاذ القرار على المستوى المالي والاقتصادي وبناء السياسات الاقتصادية هي السبب الثالث في الأزمة الأقتصادية، لأنه وفي مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، أدار الاقتصاد مجموعة قليلة ومعروفة، أمسكت بالقرار الاقتصادي السياسي الداخلي ما أدى إلى إهمال مناطق بأكملها، وأدى إلى إهمال قطاعات منتجة.

حلولٌ ممكنة

الدكتور فضل الله يعتبر أنه من الممكن البدء بخطوات تنفيذية حتى مع غياب الحكومة، لأن المؤسسات لا زالت موجودة وكذلك حكومة تصريف الأعمال ومجلس النواب والبنك المركزي، ما يمكننا من إدارة الأزمة.

 فضل لله يشرح رؤيته للحل، ويقول إن الوضع صعب في لبنان، ولا يمكن لأيّ طرف أو أي فئة أن تقوم بعملية الإنقاذ بمفردها، بل يجب أن تشارك كلّ القوى والأطراف والقطاعات بالوصول إلى مقاربة إنقاذية إصلاحية للبلد.  ورأى أن على المصارف البدء بخفض طوعي ومتفق عليه لأسعار الفائدة وخدمة الدين العام بمعدلات كبيرة جداً تتحملها المصارف، والبدء كذلك بنظام ضريبي تصاعدي وموحّد على الدخل يشمل الفوائد.

وتضمّنت حلول الدكتور عبد الحليم فضل الله إجراءات سريعة وعاجلة لدعم وحماية القطاعات الإنتاجية ودعم الصادرات وخفض الاستيراد، وكذلك دعم القطاع الزراعي، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاج وتحسين معدلات النمو، وتحقيق الأمن الغذائي.

في الـ 17 من تشرين الأول/أكتوبر اندلعت احتجاجات في لبنان بسبب تردي الأوضاع المعيشية ونية الحكومة فرض ضرائب جديدة، هذه الاحتجاجات ألقت بظلالها على المشهدين السياسي والاقتصادي المترديين أصلاً.

اخترنا لك