كيف يمكن لقيس سعيّد منح آلاف الحالمين من الشباب فرص عمل
فتح رئيس الدولة قيس سعيّد، أبواب قصر قرطاج لشباب عاطلين عن العمل جاؤوا على الأقدام من محافظة قفصة الداخلية واستمع إلى مطالبهم وعبر عن دعمهم المطلق لحقهم في التشغيل والعيش الكريم.
آمال كبيرة يعلّقها الشباب التونسي على رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيّد، قصد التغيير وتحقيق مطالبهم التي كانت الشرارة لانطلاق الثورة والتي لا طالما أيضاً احتجوا من أجلها طيلة الثماني سنوات الأخيرة.
مطالب ظلت شعارات، ترفعها الأحزاب عند الحاجة إلى أصوات الناخبين، وتركنها في رفوف النسيان بمجرد الوصول إلى السلطة، فكانت صدمة الصندوق: أحزاب عوقبت ليفوز المرشح المستقل سعيد في الانتخابات الرئاسية 2019.
حوالي ثلاثة ملايين تونسي أغلبهم من فئة الشباب صوتوا لسعيد، شباب رفض إعادة انتخاب الوجوه القديمة التي لم تكن في مستوى تطلعاته وانتظاراته، وعلق آماله على الرئيس الجديد، الذي اختاره من خارج المنظومة، لتحقيق أهداف الثورة وتصحيح مسارها وبناء دولة ديمقراطية.
سعيّد يلتحم بمشاغل الشباب
"جاؤوا على الأقدام: رئيس الجمهورية يلتقي شباباً من محافظة قفصة".. عنوان تصدّر الصحف والمواقع الإخبارية التونسية مرفقة بصور لرئيس الجمهورية قيس سعيّد وهو يحتضن هؤلاء الشباب بين ذراعيه في استقبال حار وتعاطف كبير معهم.
المتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي شاركوا في تحليل هذه الصور ونقاشها، منهم من اعتبر أنها مواصلة انتهاج الشعبوية، في حين ذهب البعض الآخر في اتجاه أن سعيّد كان صادقاً في مشاعره تجاه شباب محافظة قفصة الذين دفعهم اليأس إلى المجيء مشياً على الأقدام لآلاف الكيلومترات وصولاً إلى القصر الرئاسي بقرطاج.
محافظة قفصة، هي من أبرز المحافظات التونسية الثائرة في زمن زين العابدين بن علي، وحتى السنوات التي تلت الثورة، محافظة مهمّشة كباقي المحافظات الداخلية التي تفتقد للتنمية وفيها ترتفع نسبة البطالة والتهميش والفقر.
الرئيس سعيّد وخلال لقائه بهؤلاء الشباب استمع إلى مشاغلهم ومعاناتهم ومقترحاتهم لخلق مواطن شغل تحقق ظروف عيش كريمة لهم ولعائلاتهم.
وأكد رئيس الدولة في هذا السياق حرصه على ضمان الحقوق المشروعة لكل المواطنين وفي مقدمتها الشباب، واعتبر أن الحق في الشغل وفي التأمين ضد المرض وفي المسكن اللائق، وهي من أولويات الحقوق الإنسانية.
كما شدد على ضرورة متابعة مختلف الملفات، مؤكداً أن الشباب في مختلف ولايات الجمهورية هو في صدارة الأولويات.
تركة ثقيلة
شهادات مؤلمة قدمها الشباب التونسي لرئيس بلادهم، تعكس مشاكل تونس العميقة. هؤلاء الشباب الباحثين عن حقهم في الشغل والكرامة، انطلقوا في مسيرة على الأقدام لخمسة أيام، منهم من تعكّرت صحته جراء المشي الطويل، قادهم الوضع البائس إلى تكبد معاناة المسافة من أجل إيصال صوته، عسى أن يكون الرئيس الجديد مصغياً جيداً، وأن يلتحم بمشاغلهم.
شباب سُلب حقه بسبب تفشّي الفساد والمحسوبية والمحاباة، واستشراء الليبرالية المتوحشة على حساب الطبقات الضعيفة.. وجدوا الأبواب موصدة أمامهم من طرف السلط المحلية والجهوية بقفصة، فاختاروا إيصال أصواتهم لمن منحوه إياها.
قيس سعيّد الذي التحم بالشباب خلال فترة الحملة الانتخابية فكان مصعده لبلوغ كرسي قرطاج، هو اليوم يلتصق مجدداً بمشاغل الشباب، ويعبّر عن دعمه المطلق لحقوقهم المشروعة في التشغيل والعيش الكريم.
رئيس الجمهورية الجديد الذي أكد أن الشباب في صدارة الأولويات، يواجه اليوم تركة ثقيلة لم تستطع الأحزاب بعد الثورة إيجاد الحلول الكفيلة لها: نسبة بطالة تبلغ 15.3 بالمائة ونسبة فقر تبلغ 15.2 بالمائة، وأكثر من 1.8 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر (بحسب تقرير البنك الدولي)، جهات مهمّشة لازالت تفتقد إلى أبسط ضروريات الحياة.
وبعد فتحه أبواب الأمل أمام الشباب، اليوم الرئيس سعيّد أمام امتحان كبير يتعلّق بمدى التزامه بتطبيق وعوده.. تركة ثقيلة في انتظاره بصلاحيات محدودة.