خطاب قيس سعيد أمام البرلمان: رسائل طمأنة ووفاء لقيم الثورة
فهل أن قيس سعيد قادر على ترجمة ما جاء في خطابه على أرض الواقع وبالتالي لا يبقى مجرد كلام وشعارات أم أن اكراهات الواقع ستدفع به إلى مراجعة بعض مواقفه أو التأقلم؟.
أدى رئيس الجمهورية المنتخب، قيس سعيد اليوم الأربعاء، اليمين الدستورية أمام البرلمان، في جلسة ممتازة لمجلس نواب الشعب، ليصبح بذلك رئيساً جديداً للجمهورية التونسية لفترة مدتها خمس سنوات.
بعد أداءه اليمين، توجه رئيس الدولة التونسية قيس سعيد برسائل لجميع الاطراف الداخلية والخارجية، مشدداً على أنه لا مجال للعمل خارج القانون. واعتبر سعيد أن المسؤولية الأولى لرئيس الدولة هو أن يكون رمزاً لوحدتها وضامناً لاستقلاليتها.
"مرافق الدولة يجب أن تبقى خارج الحسابات السياسية"
أكد رئيس الجمهورية في خطابه، أن آمال التونسيين كبيرة وحقوقهم مشروعة وليس لأحد الحق في أن يتجاهلها. وأضاف أن تونس دولة مستمرة بمؤسساتها لا بالأشخاص الذين يتوالون على إدارتها. كما دعا سعيد إلى النأي بمرافق الدولة عن الحسابات السياسية قائلاً: "الكل حر في قناعاته واختياراته لكن مرافق الدولة يجب أن تبقى خارج الحسابات السياسية".
وتعهد رئيس تونس المنتخب بعدم المساس بحقوق المرأة وشدد في هذا السياق على مزيد دعم هذه الحقوق وخاصة الاقتصادية والاجتماعية.
تونس ستبقى منتصرة لقضايا العالم وأهمها القضية الفلسطينية
شدد رئيس الجمهورية أيضاً على أن تونس ستبقى منتصرة لكل القضايا العادلة وأولها القضية الفلسطينية، قائلاً "الحق الفلسطيني لن يسقط كما يتوهم الكثيرون بالتقادم بل ستبقى في وجدان كل أحرار تونس وحرائرها"، مشيراً إلى أن هذا الموقف ليس ضد اليهود بل ضد الاحتلال الاسرائيلي والعنصرية.
خطاب برنامج وأولويات ورسائل طمأنة
تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى العديد من القضايا ذات الشأن الداخلي في علاقة بالقانون والحريات واحترام مؤسسات الدولة بالإضافة إلى الجانب الأمني والاقتصادي والاجتماعي كما تطرق إلى القضايا الدولية وعلاقات تونس بالخارج، وهو ما اعتبره المحلل السياسي خالد عبيد خطاب برنامج وأولويات وأشار عبيد لـ"الميادين نت" إلى أن أهم نقطة طرحها سعيد هي ضرورة احترام الدستور وعلوية القانون إلى جانب الوفاء لقيم الثورة ولتضحيات الشهداء.
وأضاف عبيد أن رئيس البلاد الجديد "قدم من خلال خطابه رسائل طمأنة للعالم على أساس استمرارية الدولة باعتبار أن الرئيس سيلتزم بكل المعاهدات الدولية، كما قدم رسائل طمأنة للاتحاد العام التونسي للشغل الذي يتعرض إلى حملة تشويه كبرى"، معتبراً أن "الاتحاد رقم أساسي وشريك وطني واجتماعي".
قيس سعيد استعاد روح الثورة
من جهته، وصف المحلل والباحث في الشأن السياسي شكري بن عيسى في تصريح لـ"الميادين نت" خطاب قيس سعيد بـ"المختلف في المضامين والشكل وخاصة في الروح التي قال إنها روح ثورية وروح مبادئ وروح حقوقية بامتياز".
واعتبر بن عيسى أن سعيد "استحضر في خطابه الذي وجهه للداخل والخارج كل القيم الثورية وكذلك المبادئ القانونية التي تحكم القانون الدولي في العلاقة بين الأمم وخاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية". وأضاف أن سعيد "تحدث بروح مفعمة بالصدق والحماس الذي يتفق مع نتائج الانتخابات التي اعتبرها ثورة ليست في الكتب والنظريات وانما في الواقع"، مشيراً إلى أن "هذه الثورة ستصبح نظرية جديدة تدرس في الكليات ومبحثا في الفكر السياسي والفلسفة السياسية والأخلاقية وفلسفة الثورات".
وتابع بن عيسى قائلاً: "لقد استعاد سعيد روح الثورة كما أننا نعيشها في لحظاتها النقية الأولى وذكرنا بما أسسه سقراط وأفلاطون من مبادئ الاستقامة مع تميّز سعيد بأنه يريد أن يفكر مع شعبه على أساس الشعار المركزي لحملته الانتخابية (الشعب يريد)".
وأضاف شكري بن عيسى أن سعيد في خطابه، "كان مصمماً على التصدي للفساد وللظلم والاستبداد وكل ما من شأنه أن يمسّ من الحرية ووجه رسائل في ما يخص التهديدات الارهابية وهو ما اعتبره بن عيسى اعلان للوحدة الوطنية المقدسة في وجه الارهاب وأيضا في وجه الفساد".
كما أكد بن عيسى أن رئيس البلاد الجديد "مد يده للمنظمات الوطنية واعتبرها قوى اقتراح وحلول وبالتالي أشركها في مشروعه".
ومن النقاط التي اعتبرها بن عيسى أهم عنصر في خطاب قيس سعيد هو تصميمه على دعم القضية الفلسطينية، رغم التهديدات التي وصلته من الداخل والخارج، معتبراً أن "رئيس البلاد الجديد مصمم على الذهاب بمشروعه إلى أبعد مدى".
رسائل طمأنة..ولكن؟
وعلى الرغم من أن العديد من الفاعلين السياسيين اعتبروا أن خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد مطمئن وكان في مستوى الانتظارات، فان البعض الآخر اعتبرها مجرد شعارات "رنانة" كما ذهب إلى ذلك النائب عن حركة تحيا تونس وليد جلاد الذي قال إنه خطاب تقليدي تناول أغلب السياسة والقادة مضامينه وأنه ينتظر ممارسته على أرض الواقع.
فهل أن قيس سعيد قادر على ترجمة ما جاء في خطابه على أرض الواقع وبالتالي لا يبقى مجرد كلام وشعارات أم أن اكراهات الواقع ستدفع به إلى مراجعة بعض مواقفه أو التأقلم؟.