"ذا هيل": الوقت ينفد أمام دبلوماسية طهران - واشنطن.. على ترامب عقد صفقة مع إيران
موقع "ذا هيل" الأميركي يتحدث في تقرير، عن ضرورة عقد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، اتفاقاً مع إيران، وتهدئة التوترات معها، وإلاّ فإنّ البديل المحتمل هو "الحرب بينهما"، والتي ستكون "كارثية" على الاستقرار الإقليمي والمصالح الأميركية.
تحدّث موقع "ذا هيل" الأميركي، في تقرير للباحث في مجال الدفاع والسياسة الخارجية في معهد "كاتو"، جون هوفمان، عن "نفاد الوقت أمام الدبلوماسية الإيرانية الأميركية"، حيث "يتعين على الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أن يتوصل إلى اتفاق مع إيران".
وفي التفاصيل، أوضح التقرير أنّ "الخيار الأفضل أمام ترامب هو الدبلوماسية"، إذ "ينبغي عليه أن يعمل على تهدئة التوترات مع طهران".
وأشار، في هذا الإطار، إلى "ترجيحات أن تكون التوترات بين إيران والولايات المتحدة واحدة من أولى التحديات الكبرى التي تواجهها إدارة ترامب في مجال السياسة الخارجية"، وذلك بعدما "أدّت التحركات الأخيرة التي اتخذتها طهران إلى تقريب إيران من تطوير سلاح نووي أكثر من أي وقت مضى في تاريخ البلاد"، فيما "لا يزال خطر الحرب بين إسرائيل وإيران، بمشاركة مباشرة من الولايات المتحدة، مرتفعاً".
وعلى الرغم من استمرار انعدام الثقة بين واشنطن وطهران، فإنّ "الدبلوماسية ممكنة"، بحسب التقرير، الذي أوضح أنّ على الرئيس المنتخب أن "يُعيد إشراك إيران، وأن يستغل الفرصة المحدودة المتاحة حالياً لنزع فتيل البرنامج النووي الإيراني بطريقة سلمية، وخفض التوترات مع الجمهورية الإسلامية".
كذلك، رأى أنّ "تفويت هذه الفرصة يهدد بدفع الولايات المتحدة إلى حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط، وهو ما وعد به الناخبين بأنه سيتجنبه".
"فشل سياسة الضغط الأقصى"
ولفت، في هذا السياق، إلى أنّ إدارة ترامب الأولى "تقدم دروساً مفيدة للإدارة الثانية" بشأن التعامل مع إيران، فبعد إلغاء خطة العمل الشاملة المشتركة معها، سنّ ترامب سياسة "الضغط الأقصى" بهدف عزل الجمهورية الإسلامية اقتصادياً ودبلوماسياً، و"فرض أكبر عقوبات أميركية عليها حتى الآن، وزاد من الضغوط العسكرية على طهران، وقام باغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، قاسم سليماني، في عام 2020".
كما "اتخذت إسرائيل إجراءات عندما اغتالت العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده، ونفذت عملية تخريبية ضد منشأة التخصيب الرئيسية الإيرانية في نطنز".
لكن وبعد ذلك بوقت قصير، "بدأت إيران في تخصيب اليورانيوم إلى 60% - وهو ما يزال أقل من نسبة 90% اللازمة للتسليح - ولكن أعلى من أي وقت مضى في تاريخ البلاد".
وعليه، "فشلت سياسة الضغط الأقصى التي انتهجها ترامب، والتي استمرت إلى حد كبير في عهد إدارة بايدن، في نهاية المطاف، "في الحد من البرنامج النووي لطهران، والحد من سلوكها في الداخل أو الخارج".
وفي مقابل ذلك، "زادت إيران بشكل حاد من مخزونها من اليورانيوم الذي يقترب من درجة صنع الأسلحة، وهو ما يكفي لتطوير وقود كافٍ لصنع عدة قنابل نووية إذا ما تحركت طهران نحو التسلح".
وتشير التقديرات إلى أنّ "الوقت الذي قد تحتاجه إيران لإنتاج سلاح نووي قابل للاستخدام، لن يتجاوز بضعة أسابيع، على الرغم من أنّ الأمر قد يستغرق من طهران عدة أشهر إلى عام على الأرجح".
يأتي ذلك مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، ووسط إشارات متضاربة من ترامب ومستشاريه بشـأن كيفية تعامله مع إيران.
فمن ناحية، هناك تقارير "تفيد بأنّ الرئيس المنتخب يرغب في تجديد حملة الضغط الأقصى ضد إيران، بل إنّه يفكر حتى في شن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية". ومن ناحية أخرى، هناك إشارات تفيد بأنّ ترامب يتطلع إلى احتمالات التوصل إلى اتفاق مع طهران.
ومؤخراً، أفاد مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط، مسعد بولس، بأنّ ترامب مستعد لإجراء "مفاوضات جادة" مع إيران.
من جانبها، تحركت طهران مؤخراً نحو نبرة أكثر تصالحية، "وإن كانت حذرة، في عهد الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان"، حيث صرّح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي للتلفزيون الحكومي، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، بأنّ طهران مستعدة لاستئناف المفاوضات بشأن برنامجها النووي، ولكنه حذر من أنّ الفرصة المتاحة لمثل هذه المحادثات محدودة".
عقبتان رئيسيتان تعترضان المفاوضات من الجانب الأميركي
ولكن هذه النافذة للمفاوضات، وفق التقرير، "قد لا تظل مفتوحة لفترة طويلة، فهناك عقبتان رئيسيتان تعترضان المفاوضات من الجانب الأميركي".
العقبة الأولى، هي "دفع عقود من الجمود السياسي واشنطن نحو المواجهة مع إيران"، بحيث يعود ذلك إلى "سوء فهم أساسي للتهديد الذي تشكله إيران على المصالح الأميركية"، حيث "تم تضخيم هذا التهديد إلى حد كبير داخل واشنطن".
أمّا العقبة الثانية، التي تعترض المفاوضات، بحسب التقرير، "فتنبع من اعتراضات إسرائيل والتصعيد المستمر في الشرق الأوسط، الذي شهد في الأشهر الأخيرة موجة من التصعيد امتدت إلى مختلف أنحاء المنطقة، بما في ذلك أول تبادل مباشر للقصف بين إيران وإسرائيل". وعليه، "من المرجح أن يواجه أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران معارضة شرسة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي رحب منذ فترة طويلة بالتصعيد مع طهران".
"حرب كارثية"
لذلك، فإنّ البديل المحتمل للدبلوماسية هو "الحرب بين الولايات المتحدة وإيران"، الأمر الذي سيكون "كارثياً" على الاستقرار الإقليمي والمصالح الأميركية.
وأوضح التقرير أنّ مثل هذه الضربات من شأنها أن "تؤدي إلى نتائج عكسية في طهران"، ذلك أنّ "الضربات الوقائية ضد المنشآت النووية الإيرانية، والتي من المرجح أن تفشل في القضاء على البرنامج النووي الإيراني بالكامل،من شأنها أن تزيد من حوافز طهران للاندفاع نحو امتلاك القنبلة".
ومن المؤكد أنّ الدفاعات الجوية الإيرانية وقدرات الصواريخ الباليستية من شأنها أن "تفرض تكاليف مالية وبشرية باهظة على الجيش الأميركي".
كما أنّ القوات الأميركية المنتشرة في مختلف أنحاء المنطقة "سوف تكون هدفاً سهلاً لهجمات انتقامية من جانب إيران أو شركائها الإقليميين. وفي ظل غياب مسار واضح للنصر أو رؤية واضحة لكيفية انتهاء مثل هذا الصراع الطويل الأمد، فإنّ واشنطن سوف تلقي بنفسها في الهاوية".
وخلص التقرير إلى أنّ الخيار الأفضل أمام ترامب، عندما يتعلق الأمر بإيران، "هو الدبلوماسية"، بحيث "يتعين عليه أن يعمل على تهدئة التوترات مع طهران، وهي الخطوة الأولى الضرورية نحو فك الارتباط الأميركي الضروري بالشرق الأوسط".