"بلومبرغ": سباق إعادة التسلح سيكلف واشنطن وحلفاءها 10 تريليون دولار
تحليل أجرته "بلومبرغ إيكونوميكس" يُظهر أنّ العبء المتزايد للتحضير للحرب سيخلق نموذجاً مالياً جديداً لمعظم أعضاء حلف "الناتو"، وأنّ سباق إعادة التسلّح سيكلف واشنطن وحلفاءها نحو 10 تريليون دولار والأكثر تضرراً هي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
تناولت وكالة "بلومبرغ" الأميركية في تقرير خاص، سباق التسلّح العالمي، مشيراً إلى أنّ "الولايات المتحدة وحلفاؤها يواجهون حساباً بقيمة 10 تريليون دولار في السباق لإعادة التسلّح".
وقال تقرير الوكالة إنّ "قادة الدول الكبرى بدأوا للتو في التأقلم مع الزيادة الهائلة في الإنفاق الدفاعي اللازمة لموازنة جيشي روسيا والصين"، مشيراً إلى أنّ "عصراً جديداً من إعادة التسلح العالمي بدأ يكتسب زخماً متزايداً، وسوف يعني ذلك تكاليف باهظة واتخاذ بعض القرارات الصعبة بالنسبة للحكومات الغربية التي تعاني بالفعل من موارد مالية عامة هشّة".
وأضاف التقرير أنه "على الرغم من أنّ الإنفاق الدفاعي العالمي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 2.2 تريليون دولار في العام الماضي"، إلّا أنّ "دول الاتحاد الأوروبي بدأت للتو في التفكير في ما سيتطلبه الأمن في القرن الـ21 في ظل تحرك روسيا على حدودها الشرقية، والشرق الأوسط المضطرب، وتوسع الجيش الصيني لجذب انتباه واشنطن نحو المحيط الهادئ".
لكن المسؤولين الذين يركزون على الأمن يقولون "إنّ الميزانيات العسكرية قد تحتاج إلى محاكاة إنفاق الحرب الباردة بما يصل إلى 4% من أجل تنفيذ خطط الحلف"، معتبرين أنه "إذا تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها من الوصول إلى هذه المستويات، فإنّ ذلك يعادل أكثر من 10 تريليون دولار من الالتزامات الإضافية على مدى العقد المقبل".
ورأى تقرير "بلومبرغ" أنّ "الحقيقة القاسية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها هي أنّ التقدم الذي أحرزه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا يعني أنهم بحاجة إلى تعزيز دفاعاتهم بشكل كبير في أوروبا الشرقية في نفس الوقت الذي يقومون فيه بموازنة الصين - تماماً كما تعمل تلك الدولة على زيادة تعاونها مع موسكو".
ويدفع هذان التهديدان الزعماء الغربيين - وناخبيهم - إلى مواجهة المشاكل المتعلقة بالضرائب والرعاية الاجتماعية والاقتراض الحكومي التي ظلت تتراكم منذ سنوات، بينما يتصالحون مع المقايضات التي ستجلبها عودة المنافسة بين القوى العظمى.
ولفت التقرير إلى أنّ التحليل الذي أجرته "بلومبرغ إيكونوميكس" يُظهر كيف أنّ "العبء المتزايد للتحضير للحرب سيخلق نموذجاً مالياً جديداً لمعظم أعضاء الناتو"، وأنه "وحتى مجرد تلبية الحد الأدنى الذي حدده التحالف بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للنفقات العسكرية، من شأنه أن يعطل الكثير من جهود توحيد ديون الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد الوباء".
كما أنّ الوصول إلى 4% - وفق التقرير - من شأنه أن يدفع الدول الأضعف في الكتلة إلى "اتخاذ خيارات مؤلمة بين مستويات أعمق من الاقتراض، أو تخفيضات كبيرة في أجزاء أخرى من الميزانية، أو زيادة الضرائب".
ووفق ما خلص إليه التقرير، فإنّ "فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ستكون معرّضة لزيادة في الاقتراض بشكل خاص، إذا تمّ تمويل الإنفاق الإضافي من خلال أسواق السندات، حيث قفز الدين العام في روما إلى 179% من الناتج بحلول عام 2034 من 144% هذا العام".
وحتى الولايات المتحدة، التي تخصص بالفعل 3.3% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي للدفاع، ستشهد زيادة في الاقتراض من 99% إلى 131% على مدى العقد المقبل إذا دفعت ميزانيتها العسكرية إلى 4%، بحسب التقرير.
وكان "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" البريطاني، قد تحدث في تقرير حديث له منتصف شباط/فبراير الماضي، عن ارتفاع الإنفاق العسكري العالمي بنسبة 9% على أساس سنوي، في عام 2023، ليصل بهذا إلى مستوى قياسي، قدره 2.2 تريليون دولار، إذ أدّت الصراعات المتعدّدة إلى تفاقم انعدام الأمن العالمي، وفقاً للتقرير.
وقال المدير العام للمعهد، باستيان جيجريش، وفق لما نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنّ العوامل المختلفة تمثّل "صورةً لعدم الاستقرار الاستراتيجي، وحقبةً جديدةً من السلطة المتنازع عليها".