"إسرائيل" تغرق في طوفان نفسي.. عشرات آلاف المستوطنين يعيشون الاكتئاب وخطر الانتحار
منذ عملية "طوفان الأقصى"، "إسرائيل" تغرق في طوفان نفسي فيما يعاني عشرات آلاف المستوطنين الاكتئاب والعزلة، وخطر الانتحار.
-
"إسرائيل" تغرق في طوفان نفسي.. عشرات آلاف المستوطنين يعيشون الاكتئاب والعزلة وخطر الانتحار
تواجه "إسرائيل"، بحسب صحيفة "معاريف"، منذ يوم السبت 07/10/2023، أكبر موجة من الصدمة النفسية منذ إنشائها، وفقاً لتقديرات خبراء الطب النفسي.
وشهدت، منذ ذلك اليوم، "طوفاناً" من الاتصالات في جهاز الصحة النفسية، والتي يُقدّر أنها ستنمو إلى أبعاد هائلة، لأن ما يحصل، بحسب خبراء، ليس سوى بداية الموجة.
وتواجه صناديق الصحة والمراكز الطبية، بحسب "معاريف"، أكبر أزمة صحة نفسية تضرب "إسرائيل" على الإطلاق، حيث يعاني عشرات الآلاف (وربما مئات الآلاف) من الاكتئاب والقلق والعزلة، بينما واقع جهاز الصحة النفسية في "إسرائيل"، يُشير إلى أنه – منذ ما قبل الحرب – يعيش في حالة عدم كفاية، إذ ينتظر المرضى أحيانا عدة أشهر ليتم معاينتهم، كما أن جهاز الصحة النفسية يزدحم بمكالمات لا يُرد عليها.
الشباب الإسرائيلي في خطر: 47% منهم يتعاطون المخدرات
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بمناسبة مرور أكثر من 100 يوم على الحرب في قطاع غزة، تقريراً، أعدته جمعية "شباب"، التي تعمل بالتعاون مع وزارة "الرفاه" الإسرائيلية، عن حالة القلق التي يعيشها المستوطنون الإسرائيليون الذين تركوا المستوطنات، قرب قطاع غزة، والحدود اللبنانية.
وتبيّن من المعطيات التي نشرتها الجمعية، التي ترافق "فئة الشباب من الإسرائيليين"، الذي أُخلوا من منازلهم، بسبب الحرب، أن نحو 60% منهم، يفيدون بشعورهم بالوحدة، ونحو 46%، يفيدون بشعورهم بالكآبة والخوف.
إضافةً إلى ذلك، أشارت الجمعية إلى أنه يوجد ظاهرة التسرّب من الأطر التعليمية، حيث ظهر أن 51% من الشبان الذين تتابعهم الجمعية يفيدون عن "عدم اندماجهم في المحيط التعليمي أو الاجتماعي منذ اندلاع الحرب".
وفي هذا السياق، قالت "مديرة المجالات النفسية في جمعية شباب" إنّ "بعض هؤلاء الشباب غير مستعد للعودة إلى المدرسة وبعضهم غير قادر، وهم لا ينجحون بالعودة، بسبب الخوف، الكآبة، تجربة الخوف من الخروج من الغرفة، والصعوبات البالغة في اكتساب مهارات اجتماعية".
وفي معطيات إضافية، نشرتها جمعية "شباب" في تقريرها، تبيّن أن نحو 47% من الشباب بعمر 12 – 15، الذين أُخلوا من منازلهم، يستخدمون المهدّئات والكحول.
كما أن 20% تورّطوا بحوادث عنف، وفي واحدة من كل ثمانية من هذه الحوداث، تم استدعاء الشرطة.
ونقلت الجمعية في تقريرها شهادة أحد الشباب، الذي قال إن "ما يمرّ علي وعلى أصدقائي منذ 07/10، هو الجحيم والفوضى".
وحذّرت الجمعية، في تقريرها، من أنّ هذه المعطيات تؤدّي إلى ظواهر انتحار وفقدان للشهية، بحيث لوحظ فعلياً حصول ارتفاع بنسبة 10% تقريبا في هذا الأمور عن السنة السابقة.
حالات "الصحة العقلية" وصلت إلى حجم لم يسبق له مثيل من قبل
نشرت صحيفة "جيروزاليم بوست" تقريراً عن الصحة النفسية في "إسرائيل"، ورد فيه أن نظام الصحة العقلية في "إسرائيل" غارق بطلبات مساعدة كثيرة لا يمكن تلبيتها.
وتمتد قوائم الانتظار لعدة أشهر، فيما تعمل منظمات الحفاظ على الصحة على إدارة العدد المتزايد من حالات الصحة العقلية، الذي وصل إلى "حجم لم يسبق له مثيل من قبل".
ولفتت إلى أنّ الخطوط الساخنة للاستغاثة (النفسية) لشبكة "ERAN" مثلاً، تتعامل لوحدها مع أكثر من 100.000 مكالمة، في هذا المجال، وهو أمر غير مسبوق. كما تشهد أيضاً صناديق المرضى زيادة كبيرة في الاستفسارات المتعلقة بالصحة النفسية.
وفي هذا السياق، يقول خبراء إسرائيليون في الطب النفسي، إن "إسرائيل تواجه أشد موجة صدمة نفسية منذ تأسيسها"، ويقدرون أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص تأثروا بشكل مباشر أو غير مباشر بالحرب، قد يصاب باضطرابات ما بعد الصدمة في الأشهر القليلة المقبلة.
وعلى سبيل المثال، أبلغت مجموعة "كلاليت" للخدمات الصحية، عن حصول زيادة بنسبة 25% في تعاطي الأدوية النفسية، و52% في الحالات المرتبطة بالقلق، و45% في تشخيصات ما بعد الصدمة.
وأوجز مدير مركز "جيحا" للصحة النفسية، الذي افتتح مركزاً جديداً، منذ شهر، لعلاج الصدمات والأزمات باسم "مركز أولمبيا"، الوضع النفسي للجمهور الإسرائيلي.
وقال إن "الجمهور شهد اضطرابات كبيرة وطويلة الأمد بسبب الأحداث الخطيرة، ونحن نشهد عدداً كبيراً من الضحايا، مصنفين في دوائر مختلفة من التعرض والأذى، مما يؤكد الحاجة الملحة للاستجابة العلاجية السريعة، فالبعض قد يُصاب بمتلازمة ما بعد الصدمة المزمنة طويلة الأجل".
جهاز الصحة النفسية في حالة قصور مستمر
في مقالٍ كتبه الدكتور إيتاي غال، في صحيفة "معاريف"، حذّر كبير الأطباء النفسيين في صندوق "مئوحيدت" الصحي، الذي يقدم خدمة المساعدة في مجال الصحة النفسية عبر الهاتف، البروفسور عراد كودِش، من أن "جهاز الصحة النفسية في إسرائيل في حالة قصور مستمر (قبل الحرب).
وعندما يوضع على كاهله "حدث وطني إضافي"، يصبح جهازاً لا يوفر استجابة كافية لسكان "إسرائيل". وحذر كودِش من أن الضائقة النفسية تسبب للمريض الانفصال عن البيئة، والعزلة، والاكتئاب، والقلق، واليأس، وعدم الأمل، وأحياناً الانتحار.
بدوره، حذر رئيس الجمعية الإسرائيلية للطب النفسي، البروفسور يوفال ميلاميد، من أنه على عكس الإصابات الجسدية، عادةً ما تكون الإصابة النفسية غير مرئية.
ومن دون تأمين العلاج لها، تتدهور حالة المرضى النفسيين، لدرجة قد تهدد حياتهم.
كذلك، رأى ميلاميد أن وضع الصحة النفسية في "إسرائيل" كان قبل الحرب، في أسفل قائمة الأولويات، مع نقص حاد في الأطباء النفسيين وعلماء النفس وغيرهم، من معالجي الصحة النفسية.
وأضاف أن الطوابير الطويلة التي رأيناها قبل الحرب، ستزداد طولاً، بحيث يُتوقع أن نرى الكثير من المرضى الجدد في الأشهر المقبلة.