وثائقي "Enigma" عبر الميادين: آب 1994 عندما ظن الجميع أن الثورة الكوبية انتهت (الحلقة الرابعة)

الحلقة الرابعة من سلسلة "إنيغما" الوثائقية تسرد فترة مهمة من حياة الكوبيين، بدءاَ من انتهاء الاتحاد السوفياتي، وصولاً إلى وصول الصندوق الذي كان يحوي على رفات تشي ورفاقه إلى كوبا.

  • وثائقي
    وثائقي "Enigma" عبر الميادين: آب 1994 عندما ظن الجميع أن الثورة الكوبية انتهت

عُرضت اليوم الحلقة الرابعة من سلسلة "إنيغما" الوثائقية، التي تبثّ عبر الميادين، والتي تهدف إلى تعريف الشعوب العربية والإسلامية، على الثورة الكوبية نشأتها ودورها، وعلى أهم الشخصيات التي قادتها. الحلقة الجديدة التي عُرضت عند الساعة التاسعة مساءً تحدّثت عن فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، والأزمة الاقتصادية التي عصفت بكوبا، وعن أزمة الزوارق، وهي إحدى أزمات الهجرة العديدة بين كوبا والولايات المتحدة والتي أجبرت الحكومة الأميركية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع كوبا. وعن شي غيفارا، دوره وشهادته.

انتهاء الاتحاد السوفياتي

في 25 كانون الأول/ديسمبر 1991، أنزل عن مبنى الكرملين علم المطرقة والمنجل، ورفع علم القياصرة القديم. انتهى الاتحاد السوفياتي، والعالم المعروف حتى ذلك الحين تحول إلى شيء مختلف تماماً. فترة التسعينيات كانت مرحلة صعبة جداً من حياة كوبا. فأمام المشهد المعقد في مواجهة السياسة العدائية للولايات المتحدة منذ انتصار الثورة، كان على كوبا أن تعتمد بشكل كبير على المعسكر الاشتراكي من أجل الشروع في مسيرة تطورها، ومن أجل القيام بالتحولات الضرورية في كل من المجالات الاقتصادية والمالية والعلمية والتكنولوجية. الاتحاد السوفييتي ودول اشتراكية أخرى ساهمت في ذلك. التبادل التجاري مع الاتحاد السوفيتي فقط، وصل في الثلاثين سنة الأولى من الثورة وحتى عام 1989 إلى 63%، لكن الأمور كانت على وشك أن تتغيّر.

لقد بدأت الفترة الحرجة في كوبا قبل عام وخمسة أشهر من زوال الاتحاد السوفيتي. كما تمّ إلغاء اتفاق التعامل بالمقايضة، وانتهت الاتفاقيات التفضيلية التي بموجبها كانت كوبا تشارك في مجلس (CAME). عندها اعتبرت كوبا أن الأزمة قد بدأت، وبين 1990 و1991 تراجعت التجارة بين كوبا والاتحاد السوفيتي بنسبة 48%، وانغمست روسيا في مرحلة الانتقال إلى الرأسمالية حيث تمّ تطبيق طريقة المعالجة بالصدمات من قبل المحكمة النيوليبرالية الأكثر تشدداً.

اقرأ أيضاً: وثائقي "Enigma" عبر الميادين: إشتراكية كوبا.. ومكائد واشنطن (الحلقة الثالثة)

الأزمة الاقتصادية في كوبا

وصلت الأزمة الاقتصادية إلى مستويات قصوى تجلت آثارها على صعيد الاقتصاد الشامل، كما على دخل العائلات. وعليه، كان على العائلات أن تبتكر أكثر الطرق غرابةً للبقاء على قيد الحياة. كانت الإستراتيجية في المرحلة الخاصة عمادها المقاومة. وفي التسعينيات من القرن العشرين، ولأول مرة في تاريخها، على الأقل منذ عام 1510، كان على كوبا أن تعتمد على نفسها تماماً.

كان فيدل دائماً في قلب السياسات الاقتصادية التي يتم تنفيذها دون إهمال المهام الأخرى التي كان يشغلها كرئيس للدولة والحكومة. وكان دائماً واضحاً جداً، حيث قال إنه يجب تقديم تنازلات معينة حتى يتمكن اقتصاد البلاد من الصمود. كان كذلك أيضاً عندما قال إن هذه التنازلات لا يمكن أن تؤثر أبداً على المبادئ الأساسية للثورة، وبأن السيادة الوطنية غير خاضعة إطلاقاً وأبداً للتفاوض.

وعلى الرغم من أن العالم كله قد تغير، إلاّ أن سياسة الولايات المتحدة تجاه كوبا لم تتغير. وإذا كان هناك من تغيير ما، فكان مزيد من العداء ضد الدولة الكاريبية. قانون "هيلمز- بورتون" لعام 1996، الذي تم إقراره تحت إدارة ويليام كلينتون، شدّد الحصار على كوبا، وأقرّ مصادرة أصول أي شركة أو فرد، حتى من دولة ثالثة تقيم أية علاقة تجارية مع شركة كوبية، تم بناؤها على ممتلكات أميركية سبق أن جرى تأميمها في كوبا في الستينيات. 

اقرأ أيضاً: وثائقي "Enigma" عبر الميادين: "26 يوليو".. كيف غيّرت وجه كوبا؟ (الحلقة الثانية)

أزمات الهجرة بين كوبا وواشنطن

نتيجةً للأزمة الاقتصادية الحادة التي عانت منها كوبا في تسعينيات القرن الماضي، ضربت البلاد أزمة الزوارق عام 1994. وهي إحدى أزمات الهجرة العديدة بين كوبا والولايات المتحدة، والتي أجبرت الحكومة الأميركية على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع كوبا.

كانت حلقة أخرى في معركة طويلة سعت فيها كوبا إلى تنظيم الهجرة بينما سعت الولايات المتحدة لاستعمالها كورقة ضغط على الجزيرة.

إحدى الحالات التي تصدرت عناوين الصحف في أواخر التسعينيات كانت قضية طفل أخرجته والدته بشكل غير قانوني من كوبا على متن زورق لقي جميع ركابه حتفهم في البحر، باستثناء ذاك الطفل الصغير. رفض أقاربه في ميامي، أعمامه وأبناء عمومته وغيرهم، بتشجيع من المافيا الكوبية الأميركية في فلوريدا، إعادة الصغير إلى والده الذي لم يكن على علم بأن والدته ستغادر ومعها إبنه. الأب طالب به من كوبا، وقد دعمه في ذلك ملايين الكوبيين الذين تمكنوا في النهاية من إعادة الطفل إليان غونزاليس إلى أبيه وبيته.

لقد مرّ النصف الأول من التسعينيات الذي اتسم بالأزمة الاقتصادية الحادة وبتدهور مستوى معيشة الكوبيين بعد سقوط الدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية. وفي عام 1997 عاد تشي غيفارا إلى كوبا، جاء لتعزيز صمود ومقاومة أولئك  الذين بقيوا في الجزيرة ليحافظوا على الثورة رغم كل الصعاب.

اقرأ أيضاً: وثائقي "Enigma" عبر الميادين: استعمار كوبا وجذور الثورة (الحلقة الأولى)

شهادة غيفارا

تمّ العثور على رفات تشي بعد ثلاثين عاماً تقريباً على استشهاده. في 12 تموز/يوليو 1997 ليلاً، وصل إلى كوبا الصندوق الذي كان يحوي على رفات تشي ورفات ستة من رفاقه الذين سقطوا معه في بوليفيا.

وفي السابع عشر من نفس ذلك الشهر وذاك العام، تم إقامة هذا النصب التذكاري الضخم في سانتا كلارا، حيث استقرت رفات تشي بشكل نهائي في ما يُعرف باسم فصيل الدعم الخاص به.

الروح التحررية لتشي بذاتها هبت بقوة على القارة مع حلول الألفية الجديدة. أميركا اللاتينية التي أدارت ظهرها لكوبا عندما قررت بناء نظام اشتراكي في النصف الغربي للكرة الأرضية، باستثناء المكسيك، ستعيش سنوات من ازدهار الأفكار الأكثر تقدمية في العالم بقيادة رجال ونساء يستمدون الإلهام من أبطال الاستقلال في القارة الأميركية.

اقرأ أيضاً: عبر الميادين.. سلسلة "ENIGMA" الوثائقية تؤرخ الثورة الكوبية وتفك لغز البلاد
 

اخترنا لك