ملف التسفير.. هل تسقط آخر أوراق حركة النهضة في تونس؟

ستجواب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يعكس جدية السلطة في كشف ملابسات تسفير تونسيين للالتحاق بالمنظمات الإرهابية.

  • ملف التسفير: هل تسقط آخر أوراق حركة النهضة في تونس؟
    رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي يمثل أمام التحقيق

عاد ملف "شبكات تسفير تونسيين إلى بؤر التوتر"، خصوصاً إلى سوريا وليبيا والعراق، إلى الواجهة من جديد. ويعدّ هذا الملف الأخطر على الإطلاق في تونس خلال العشرية الماضية، إذ تكثّف نشاط هذه الشبكات عام 2012 في استقطاب الشباب التونسيين وتسفيرهم إلى ليبيا، حيث معسكرات التدريب، قبل أن يغادروا جواً إلى تركيا، ومنها يُدخلون عبر الحدود البرية إلى سوريا، ومنهم من يواصل "طريق الجهاد" نحو العراق.

وبحسب اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب، فإنّ "عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ نحو 3 آلاف، 60% منهم توجهوا الى سوريا، و30% منهم إلى ليبيا، فيما توزّع البقية على مناطق مختلفة من العالم. وعاد منهم 1000 عنصر إرهابي إلى تونس، في الفترة الفاصلة بين عامي 2012 و2018".

وكانت تقارير عربية ودولية، منها تقرير أصدرته مجموعة "صوفان" الاستشارية الأميركية، قدّرت عدد التونسيين الذين يقاتلون في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا، بنحو 6 آلاف شخص.

وبعد سنوات من مراوحة هذا الملف مكانه في أروقة المحاكم، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة لطمس الحقائق وإخفاء آثار المتورطين، يفتح هذا الملف، اليوم، ومعه تطرح آلاف الأسئلة، من عبَر بالتونسيين إلى بؤر التوتر؟ ومن أمّن لهم طريق الوصول؟ ومن أخفى آثار الجريمة؟ ومن موّل هذه الشبكات؟ هذه الأسئلة وغيرها لا تزال من دون إجابات. 

حركة النهضة المتهم الأبرز

استجواب أعلى الهرم في حركة النهضة راشد الغنوشي، طوال أكثر من 10 ساعات، ليس بالأمر الهين. استدعاء رمز الحركة الإسلامية والاحتفاظ بنائبه ووزير الداخلية الأسبق علي العريض، وإيداع عدد من المتهمين البارزين في سجن الاحتياط، من بينهم وزير الشؤون الدينية الأسبق والقيادي في الحركة نور الدين الخادمي، وكوادر أمنية سابقة أبرزها فتحي البلدي وعبد الكريم العبيدي، وآمر سابق لمطار قرطاج الدولي، إضافةً إلى الداعية السلفي مختار الجبالي، والاحتفاظ برجل الأعمال والنائب البرلماني السابق عن حركة النهضة محمد فريخة، الذي يمتلك شركة طيران خاصة، يشتبه في تورطها في تسهيل نقل تونسيين إلى مطارات قريبة من مناطق النزاع، والدفع بهم إلى الجماعات الإرهابية، كل هذه التطورات تعكس جدية السلطات التونسية في كشف ملابسات ملف تسفير تونسيين للالتحاق بالتنظيمات الإرهابية خلال العشرية الماضية.

ويرجح أن يؤدي فتح هذا الملف إلى فتح ملفات أخرى لا تقل خطراً عن ملف الاغتيالات السياسية والجهاز السري لحركة النهضة، وملفات الإرهاب الذي استهدف المؤسستين الأمنية والعسكرية. كل هذه الملفات المتهم الرئيس فيها حركة النهضة، وقد تكشف التحقيقات عن تورط بعض الدول الأخرى.

التطورات المتسارعة التي يشهدها التحقيق في ملف التسفير، تأتي في وقت فقدت فيه قيادات حركة النهضة حصانتها السياسية في الداخل، والدعم الإقليمي الذي كانت تحظى به في الخارج. وآخرها دعم قطر التي كانت ترتمي في أحضانها الجماعات الإخوانية، ومن بينها حركة النهضة، التي أُسّس فيها الاتحادُ العالمي للعلماء المسلمين، والتي نفت بوضوح أي صلة لها بجماعة الإخوان، لتترك حركة النهضة وحيدة في مواجهة ملفات ثقيلة سيكشف القضاء عاجلاً أو آجلاً مدى تورطها.

اخترنا لك