مركز "ستيمسون": مجلس التعاون الخليجي يحتاج إلى إيران من أجل الأمن الإقليمي
مركز "ستيمسون" للأبحاث يشير في تقريره إلى أنّ المواجهة المباشرة الأخيرة بين إيران و"إسرائيل"، ضاعفت أهمية إشراك إيران بصورة بناءة في مجلس التعاون الخليجي.
تحدث مركز "ستيمسون" للأبحاث، في تقريرٍ له اليوم، عن حاجة مجلس التعاون الخليجي إلى التعاون مع إيران من أجل تحقيق الأمن الإقليمي.
وأورد المركز أنّ الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، كشف ، في 28 آذار/مارس 2024، عن رؤية مجلس التعاون للأمن الإقليمي، مشيراً إلى أنّ الوثيقة تمثّل أول تعبير صريح عن رؤية أمنية جماعية في تاريخ مجلس التعاون الخليجي الممتد لـ 43 عاماً.
وأوضح أنّ الوثيقة تضم بعض التشابه مع المقترحات السابقة المقدَّمة من إيران وروسيا والصين، والتي تهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون في الخليج.
وعلى الرغم من عدم ذكر ذلك بصورة مباشرة، فإنّ التعايش السلمي والتعاون مع طهران "ضروريان لتحقيق أهداف الرؤية". ويدرك أعضاء مجلس التعاون الخليجي أنّ أياً من المشاريع الضخمة التي يتصورونها "من غير الممكن أن تتحقق في ظل المواجهة العسكرية مع إيران"، وفق المركز.
وبحسب مركز "ستيمسون"، فإنّ المواجهة المباشرة الأخيرة بين إيران و"إسرائيل" ضاعفت أهمية إشراك إيران بصورة بنّاءة، مؤكداً أن من المرجح أن تؤدي "عزلة إيران" إلى عرقلة أي تقدم نحو التنمية والسلام.
وأكد أنه "لو لم تتصالح إيران والسعودية في عام 2023، لكانت المنطقة في وضع أسوأ كثيراً اليوم"، مضيفاً أنه "علاوةً على ذلك، لقيت هذه الارتباطات الدبلوماسية والاقتصادية تشجيعاً من اللاعبين الأوروبيين والآسيويين، وخصوصاً الصين".
وأضاف أن "العائق الرئيس أمام توسيع العلاقات الإقليمية لا يزال العقوبات الأميركية، والجهود الأميركية لتطبيع علاقات الخليج بإسرائيل مع عزل طهران"، مؤكداً أنّه في حين دافع البعض في البداية عن نهج واشنطن، "فإنّ اللاعبين الإقليميين لم يعودوا يسعون للأهداف نفسها اليوم".
وتابع: "بينما تقيم العواصم الأوروبية والاتحاد الأوروبي علاقات دبلوماسية بطهران وجميع اللاعبين الإقليميين الآخرين، لا تزال الولايات المتحدة تحاول تشكيل تحالفات إقليمية لمواجهة إيران أو احتوائها".
وأشار إلى أنّ "مبادرات، مثل تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي وتحالف وارسو، وعدد من التدريبات الجوية والبحرية المشتركة، كافحت بسبب طبيعتها الإقصائية وتركيزها على القضايا الأمنية الصعبة"، لافتاً إلى أنّ "هناك شهية اليوم، إلى الحوار والتعاون في المنطقة أكثر من المواقف العسكرية".
ووفق المركز، تشترك هذه الرؤى الأمنية المتنوعة في مبادئ من ميثاق الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، وميثاق مجلس التعاون الخليجي، والمبادئ الأساسية للقانون الدولي. وتؤيد هذه المبادئ احترام السيادة والاستقلال السياسي، وعدم التدخل، والحل السلمي للنزاعات.
وبعيداً عن تدابير بناء الثقة، هناك "استعداد لاتخاذ مزيد من الخطوات الجوهرية".
إشراك إيران "أمر محوري"
ولفت مركز "ستيمسون" إلى أنّ أحد الجوانب المهمة في رؤية مجلس التعاون الخليجي للأمن الإقليمي، هو دعوتها إلى تعزيز "التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة، وفق طريقة تخدم مصالح الحوار والتواصل وبناء الجسور".
وتشير الوثيقة إلى الحاجة إلى معالجة تحديات المياه والأمن الغذائي، من خلال تعزيز التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بهدف المحافظة على سلاسل الإمدادات الغذائية العالمية واستقرار الأسعار.
ومن المتوقع أن يؤدي تنفيذ هذا النهج الشامل إلى تخفيف المشكلات الأمنية الصعبة أيضاً، مثل تحديات الأمن البحري والتهديدات بالصراع العسكري.
وأشار مركز الأبحاث إلى أنّ رؤية مجلس التعاون الخليجي تمثّل "خطوة مهمة إلى الأمام" في معالجة بعض التحديات الأكثر إلحاحاً، والتي تواجه المنطقة.
وأضاف أنه، من خلال التركيز على التعاون والحل السلمي للصراعات والتنمية المستدامة، لا يهدف مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز أمن دوله الأعضاء وازدهارها فحسب، بل يهدف أيضاً إلى المساهمة في نظام دولي أكثر استقراراً وسلاماً.
وشدّد على أنّ "إشراك إيران في هذا الحوار أمر محوري لضمان نجاح الرؤية".
وبحسب ما أكد، توفر الارتباطات الدبلوماسية المتوقعة في عام 2024 مسارات لتعزيز هذا الإطار. وقد يكون ذلك على شكل مؤتمر ثالث في بغداد، أو قمة متوقعة لزعماء المنطقة في بكين، أو دعوة إيران إلى حضور قمة مجلس التعاون الخليجي.
ولفت المركز إلى أنّ الانتخابات الرئاسية الأميركية تلوح في الأفق كونها "مصدراً محتملاً للاضطراب"، لكنها تسلط الضوء أيضاً على الحاجة إلى ترسيخ العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف بصورة عاجلة في الخليج.
وأضاف المركز أن أياً من اللاعبين الإقليميين في الخليج لا يتوق إلى العودة إلى حقبة ما قبل عام 2021.