لأول مرة.. زيارة "جيوسياسية" من البابا فرنسيس إلى منغوليا
بابا الفاتيكان يزور منغوليا يوم الجمعة المقبل، بغية لقاء "شعب نبيل وحكيم" وزيارة "كنيسة صغيرة بالعدد لكن دينامية في الإيمان"، وفق تصريحه.
يزور البابا فرنسيس يوم الجمعة المقبل، منغوليا، وهي وجهة مفاجئة، نظراً إلى العدد الضئيل لأتباع الطائفة الكاثوليكية فيها، لكنها دولة استراتيجية بسبب موقعها الجغرافي بين قوتين عظميين هما روسيا والصين.
ومن خلال خياره التوجه إلى الدولة البوذية التي لا تضم عدداً كبيراً من السكان، يرى البابا الذي سيبقى في هذا البلد حتى الرابع من أيلول/سبتمبر المقبل، أنّ الزيارة ستشكل من دون شك "فرصة للتقارب مع هاتين القوتين المتجاورتين".
وتستغرق الرحلة الجوية من روما إلى العاصمة المنغولية، أولان باتور تسع ساعات، وستشكل اختباراً لصحة البابا (86 عاماً)، الذي خضع في حزيران/يونيو، لعملية جراحية صعبة في البطن ويواجه صعوبة في المشي.
وعبّر البابا، الأحد الماضي، عن سعادته لزيارة منغوليا بغية لقاء "شعب نبيل وحكيم" وزيارة "كنيسة صغيرة بالعدد لكن دينامية في الإيمان".
وتضمّ منغوليا واحدة من أصغر المجموعات الكاثوليكية في العالم، يُقدّر عددها بنحو 1400 شخص من أصل ثلاثة ملايين نسمة.
وتفتخر البلاد التي تضم 25 كاهناً (بينهم اثنان فقط من منغوليا) و33 راهبة، بأنّ لديها أصغر كاردينال في الكنيسة الكاثوليكية.
وتظهر رحلة البابا إلى أولان باتور، رغبته في إيصال رسالة الكنيسة إلى أطراف العالم، بعيداً عن روما، مع تعزيز الحوار بين الأديان.
ولرحلة البابا إلى منغوليا بعد جيوسياسي أيضاً. وتقوم رؤية الفاتيكان على المدى الطويل على "الوجود في دول لا يكون فيها هذا الوجود بديهياً بالضرورة"، كما قال بول إيلي من مركز الدين والسلام والشؤون العالمية بجامعة جورج تاون في واشنطن لوكالة "فرانس برس".
وأضاف إيلي أنه "إذا كان الذهاب إلى منغوليا يتيح إبقاء الباب مفتوحاً على كل هذه المنطقة، فإنها زيارة تستحق العناء".
يُشار إلى أنّ منغوليا التي كانت في السابق جزءاً لا يتجزأ من إمبراطورية جنكيز خان، تبلغ مساحتها ثلاث مرات مساحة فرنسا، وهي منطقة من دون منفذ على البحر تقع بين العملاقين الروسي والصيني، وتعتمد على موسكو في إمداداتها من الطاقة، وعلى بكين لبيع مواردها المعدنية وخصوصاً الفحم.
وتسعى منغوليا إلى الحفاظ على خط محايد بين الجارتين، مع تطوير علاقاتها في الوقت نفسه مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.
وهو موقف قد يكون مفيداً للكرسي الرسولي الذي جدّد مع بكين العام 2022 اتفاقاً تاريخياً تمّ توقيعه عام 2018، بشأن المسألة الشائكة المتمثلة في تعيين أساقفة في الصين، على خلفية التوترات المتعلقة بوضع الكاثوليك في ظل النظام الشيوعي.
وعلى الجانب الروسي، يحاول البابا منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فتح آفاق التوصل إلى نهاية سلمية، لكن من دون نتيجة حتى الآن.
وتقيم منغوليا علاقات ثنائية مع كوريا الشمالية و"ليس لديها أي خلافات مع جيرانها، وهو أمر نادر جداً في آسيا"، كما يقول جوليان ديركس، الخبير في شؤون منغوليا والأستاذ في جامعة بريتش كولومبيا لوكالة "فرانس برس".
وسيكون البابا فرنسيس، أول بابا يزور منغوليا، لكن سيكون لديه 24 ساعة للراحة، قبل أن يبدأ اجتماعاته الرسمية السبت المقبل، لا سيما مع رئيس الوزراء لوفسانمسراي أويون إردين، وأفراد من المجتمع المدني ودبلوماسيين وكهنة ومبشرين.
وسيلقي البابا، الأحد المقبل، كلمة خلال لقاء بين الأديان (أحد لقاءاته الخمسة العامة)، وسيترأس قداساً داخل ملعب لهوكي الجليد.
وكان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قد قام بزيارةٍ قصيرة إلى منغوليا، في 21 أيار/مايو الماضي، حيث التقى نظيره المنغولي، أوخناغي خورلسوخ، ورئيس الوزراء، لوفسان تامسراي أويون إردين. وتعدّ الزيارة رمزية، كونها الأولى لرئيس فرنسي إلى البلد، الذي يقع بين الصين وروسيا، ويثير اهتماماً متزايداً لدى الغربيين.