كيف يعمل نظام الانتخابات "المعقَّد" في ألمانيا؟
النظام الانتخابي في ألمانيا، ما بعد الحرب، يتميّر من غيره من القوانين الانتخابية المعروفة، إذ يمزج بين نهج "الفائز يحصل على كل شيء"، ونظام التمثيل النسبي، الذي يُفسح في المجال أمام مزيدٍ من الأحزاب الصغيرة.
في كثير من البلدان، كثيراً ما يستتبع التقدمَ القوي لأحد الأحزاب في استطلاعات الرأي فوزٌ ساحقٌ، لكنَّ الأمور ليست بهذه ببساطة في نظام الانتخابات الألماني "المعقَّد".
وفي النهاية، قد يُضْطَر المرشَّح الأوفر حظاً، أولاف شولتز، نائب المستشارة الحالي، وزير المال، إلى التحالف مع أيّ شركاء محتمَلين لخلافة أنجيلا ميركل على رأس المستشارية.
ويعود السبب إلى النظام الانتخابي في ألمانيا، ما بعد الحرب، والذي يمزج بين نهج "الفائز يحصل على كل شيء"، كما هو في بريطانيا والولايات المتحدة، ونظام التمثيل النسبي الذي يُفسح في المجال أمام مزيدٍ من الأحزاب الصغيرة.
أغلبية من النساء والأحزاب
يحقّ لما مجموعه 60,4 مليون شخص ممن تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، التصويتُ لاختيار الحكومة المقبلة، في أكبر دول الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان، وأكبر اقتصاد فيه. وتتفوّق النساء عدداً على الرجال، بواقع 31,2 مليون ناخبة في مقابل 29,2 مليون ناخب.
وبين الناخبين نحو 2,8 مليون سيصوِّتون للمرة الأولى في يوم الانتخابات الموافق فيه الـ 26 من أيلول/سبتمبر.
قبل 4 سنوات، بلغت نسبة المشاركة 76,2%، بارتفاع بنحو 5 نقاط مقارنة بانتخابات عام 2013، وأعلى من مستويات المشاركة في عدد من الانتخابات الأخرى التي تجري في الدول الغربية.
هذا العام، 33% من المرشَّحين للبرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاغ)، الذي ينتخب في نهاية الأمر المستشار، هم من النساء، وهي نسبة قياسية في فترة ما بعد الحرب.
ويشارك 47 حزباً في الانتخابات بمرشحين، وهو ما يُعتبر سابقةً أيضاً.
عتبة الـ5%
عندما يدخل الناخب الألماني غرفة التصويت، سيكون عليه وضع إشارتين على ورقة الاقتراع. الأولى يختار عبرها ممثله المباشر في المقاطعة، والثانية لاختيار حزبه السياسي المفضَّل.
والغرض من الصوت الأول ضمان أن تكون جميع الدوائر الألمانية، وعددها 299، ممثلةً في البرلمان الاتحادي. وفي الصوت الثاني، الذي يُعَدّ حاسماً في كثير من النواحي، يختار المواطن حزباً.
قُبيل اليوم الانتخابي، تقدِّم الأحزاب "لوائح المرشحين" في جميع الولايات الـ16. وتتمتع الأسماء الموجودة في مقدَّم اللائحة بأكبر فرصةٍ للحصول على مقعد.
ثم يرسل الحزب، الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات، أكبر عدد من المشرِّعين إلى البرلمان الاتحادي.
مثلاً، إذا حصل أحد الاحزاب على 3 مقاعد مباشَرة من الاختيار الأول، لكن يحق له بإجمالي 10 مقاعد في الخيار الثاني، تُعطى لـ7 أسماء أخرى في الولاية التي يمثلها الحزب مقاعدُ أيضاً.
ويبرز التعقيد عندما لا يتوازن التصويت المباشِر مع التصويت للحزب، لأنَّ الناخبين "يجتزئون" أصواتهم.
وعندما يحصل حزب ما على مقاعد مباشرة أكثر مما يحق له عبر حصته من تصويت الحزب، يُمنح المقاعدَ الإضافية في كل الأحوال. وتسمى تلك المقاعد "أوفرهانغ".
نتيجةً لذلك، يمكن أن يصبح حجم "البوندستاغ" أكبر كثيراً من حده الأدنى، وهو 598 مقعداً. بعد انتخابات عام 2017، بلغ عدد المشرِّعين 709، وهو رقم يمكن أن يتم تجاوزه.
والأحزاب التي لا تحصل على عتبة الـ5% في التصويت الثاني لا تدخل البرلمان. والغرض من ذلك هو الحؤول دون التشرذم السياسي المفرط، ومنع وصول أحزب "متطرفة" محتملة.
ومسألة حصول حزب دي لينكه اليساري على الـ5%، غير محسومة، ونجاحه أو فشله قد يكون عاملاً رئيساً في حسابات التحالفات ما بعد الانتخابات.
وعند إغلاق مراكز الاقتراع، سيكون السؤال الأول المطروح هو ما إذا كان أيُّ تحالفٍ حزبيٍّ حقق أغلبيةً مطلقةً لاختيار مستشار، أي نصف مقاعد مجلس النواب زائداً واحداً.
وأشار استطلاع للرأي، قامت به شركة "كانتار" المتخصِّصة بالإحصاءات، إلى انخفاض نسبة تأييد الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يدعم "أولاف شولتز" نقطةً واحدة لتصبح 25%، وزادت نسبة تأييد تحالف حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي وحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الذي اختار "أرمين لاشيت" مرشَّحاً له نقطةً واحدة، لتبلغ النسبة 22%.