كيف قلّمت "مخلب النسر" مخالب واشنطن في غرب آسيا؟
العملية الأميركية "مخلب النسر"، بعد 43 عاماً من فشلها المدوّي، تُعيد طرح تقييمٍ فعلي لمدى تحقيق كل الحروب والعمليات الأميركية لأهدافها، وتثير تساؤلاتٍ حول مستقبل الهيمنة.
أحبطت عاصفة رمالٍ في صحراء "طبس" الإيرانية واحدةً من أهم العمليات الأميركية، قبل 43 عاماً، حين أرادت الولايات المتّحدة تحرير رهائنها الدبلوماسيين في إيران، فاصطدمت بالطبيعة التي كسرت "مخلب النسر"، وهو الاسم الذي كانت قد أطلقته واشنطن على العملية.
تبدو مخالب أميركا في المنطقة والعالم اليوم، وبعد أربعة عقود، أكثر ضعفاً ووهناً، والسبب هذه المرة ليست الطبيعة، بل المتغيّرات الإقليمية والدولية.
وفي الذكرى الثالثة والأربعين للعملية الفاشلة، دعت وزارة الخارجية الإيرانية، واشنطن وحكومتها إلى "الاتّعاظ بنتائج هذا العمل، بعد أكثر من أربعة عقودٍ من الاجراءات العدائية ضدّ الشعب الإيراني".
لقد بقي الإخفاق عنواناً لكثيرٍ من مخططات البيت الأبيض العسكرية والاقتصادية، والعقد الأخير كان شاهداً على صمود لبنان وسوريا أمام مخطّطات الحصار والتهميش امتداداً لما سُمّي بالربيع العربي، فضلاً عن فشل العقوبات على إيران وفنزويلا وكوبا في تحقيق أهدافها، وصولاً إلى فشل كبح تقدّم الاقتصاد الصيني، في وقتٍ تُهدّد الأزمة الاقتصادية والمالية الولايات المتّحدة وحلفاءها في أوروبا.
تتصدّع هيمنة الولايات المتحدة حتى على المستوى العسكري، والتي ظهرت معالمها في الانسحاب الأميركي المهين من أفغانستان والعراق. وتبدو مخالب واشنطن اليوم ضعيفةً وأكثر قابليّةً للكسر، سواءٌ في حرب أوكرانيا التي يشبّهها الخبير العسكري الأميركي دانيال إلسبيرغ بهزيمة فييتنام، أم في تعاظم قوّة محور المقاومة في الشرق الأوسط وتنامي قدراتها في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا واليمن.
الفشل الأميركي مستمر ويتكرّس
أوضح محلّل الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، أنّ عملية "مخلب النسر" الفاشلة، ما تزال تُلقي بثقلها الأليم على الواقع والذاكرة الجمعية للأميركيين، على المستويين السياسي والعسكري، إذ كان لها ارتدادات نفسية، وارتدادات هيكلية ودبلوماسية، وارتدادات سياسية أيضاً.
وأكّد سليمان أنّ الثورة الإيرانية تشكّل عقدةً بالنسبة للأميركيين، ويشعر العديد من المسؤولين إن كانوا عسكريين أو أمنيين أو حتى سياسيين، ممن تعاطى مع الشأن الإيراني، بالإحباط الشديد، ويكاد يماثل هذا الأمر إحباطهم في ما يتعلّق في سوريا أيضاً، بعد محاولتهم تغيير النظام هناك.
وفي حديثه حول مدى تعلّم الولايات المتحدة من حروبها الفاشلة، قال محلّل الميادين: "إذا كان يمكن القول أنّها تعلّمت، فهي تعلّمت أنّها غير قادرة على إنجاز حربٍ خاطفة كما كان الإسرائيلي يفكر أيضاً ويعتقد، والأمر الآخر هو أنّها تحتاج إلى قوات ضخمة للغزو، وهي كلفة الحرب المالية والبشرية التي لا تتحملها أيضاً".
"العملية الأميركية الفاشلة في #طهران "مخلب النسر" كان لها ارتدادات نفسية وهيكلية ودبلوماسية وسياسية على #أميركا".
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 26, 2023
| محلل #الميادين للشؤون الدولية والاستراتيجية، منذر سليمان، في #التحليلية |#إيران pic.twitter.com/FXoHKbTvWt
كذلك، تحدّث محلل الميادين للشؤون الإيرانية، سياوش فلاح بور، بأنّ السياسة الأميركية لم تتغيّر، لافتاً إلى أنّه يمكن القول أنّ السياسات الأميركية باتت أكثر تعقيداً وأكثر حدّةً، وأنّ الضغوط ارتفعت، لا سيّما خلال العقد الماضي.
كما أكّد أنّ الولايات المتّحدة ما تزال تتّبع نفس الاستراتيجية التي انتهجتها تجاه إيران، قبل أكثر من أربعين عاماً، وهي عبارة عن حالة إنكار عميقة تجاه إيران، وإصراراً على عدم الإقرار بالثورة.
وأكّد فلاح بور أنّ موقف إيران ثابت، وسياساتها ثابتة تجاه التحدّيات التي تفرضها أميركا، موضحاً أنّه يمكن الحديث أنّ إيران باتت أكثر قوّةً، وأنّ سياسات إيران وثورتها واستراتيجيتها ربّما باتت أكثر نضجاً في مواجهة هذه التحدّيات وهذه الضغوط، وهي بالتأكيد الآن تعرف، أكثر بكثير من الأعوام الأولى عقب انتصار الثورة، طبيعة التحدّيات التي تواجهها، وسبل المواجهة مع هذه الضغوط الغربية.
وتطرّق فلاح بور إلى تراجع الدور الأميركي إزاء قضية إيران، داعياً إلى فهم أنّ أكبر دليل على ذلك، هو أنّ الولايات المتّحدة تراجعت خلال هذه السنوات، من محاولاتها لإسقاط النظام في إيران إلى محاولات لاحتواء إيران. واليوم، وفقه، وصلت إلى محاولتها إنجاح عودة إيران الى طاولة الحوار وتسوية الخلافات معها عبر المفاوضات وعبر الحوار المباشر.
"#أميركا لم تتعلّم من الدروس الماضية لا سيّما في الملف الإيراني، وهي تواصل السياسة والاستراتيجية نفسها تجاه #إيران".
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 26, 2023
| محلل #الميادين للشؤون الإيرانية، سياوش فلاح بور، في #التحليلية |@SFallahpour pic.twitter.com/yipJPyAhCc
من جهته، تناول محلّل الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحّام، تعاطي مسؤولي كيان الاحتلال لعملية "مخلب النسر"، ولسرديّة فشل الولايات المتحدة إزاء إيران، موضحاً أنّ الإسرائيليين يتذكّرونها حين يذكرون انسحابهم بالهزيمة من جنوب لبنان، وتركهم لآلياتهم وعملاءهم هناك، وأيضاً حين انسحبت أميركا هاربةً من العاصمة الأفغانية كابول.
واعتبر محلل الميادين أنّ الخشية الإسرائيلية من تكرار نتيجة "مخلب النسر" هي عامل أساسي يردع "إسرائيل" اليوم من شنّ عدوانٍ على إيران، مؤكداً أنّ الخشية من الخسارة تؤرّق كيان الاحتلال.
ما الذي يردع "إسرائيل" و #أميركا عن شنّ عدوان على #إيران، اليوم؟
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) April 26, 2023
| محلل #الميادين للشؤون الفلسطينية والإقليمية، ناصر اللحام، في #التحليلية |@nasserlaham4 pic.twitter.com/p4QG5vZjG4