قيس سعيّد "يسلّم" وزير العدل إدارة الدولة في حال عجزه أو عجز رئيس الحكومة

الرئيس التونسي قيس سعيّد يمكّن، في تعديلٍ جديد على الدستور، وزير العدل من إدارة زمام الدولة، في حال عجزه أو عجز رئيس الحكومة، وذلك في سابقةٍ لم تُذكَر في دستور عام 2014.

  • الرئيس التونسي يمكّن وزير العدل من خلافته في إدارة الدولة في حال عجزه عن ذلك
    لأول مرة.. قيس سعيّد يمكّن وزير العدل من إدارة زمام الدولة في حال عجزه أو عجز رئيس الحكومة

في سابقةٍ لم تُذكَر في دستور عام 2014، وهو الدستور الذي تمَّ وضعه في عام 1959 بعد الاستقلال، أصدر الرئيس التونسي قيس سعيّد جملةً من الفصول في الباب الثالث من الدستور، المعنيّ بالتدابير الخاصة بممارسة السلطة التنفيذية. وأهم ما أصدره منحُ وزير العدل إدارة زمام الدولة في حال عجزه أو عجز رئيس الحكومة، نتيجة سبب من الأسباب القاهرة.

ويقول في الفصل 14 من هذا الباب "إذا حدث لرئيس الحكومة، في الوقت نفسه، مانع لسبب من الأسباب المشار إليها في الفقرة السابقة، يتولى وزير العدل بصفة موقّتة القيام بمًُهمات رئيس الجمهورية".

وفسَّر الباحث في القانونين الدستوري والنيابي، رابح الخرايفي، توجُّهَ الرئيس سعيّد إلى منح صلاحيات لوزير العدل على نحو محدودٍ، بأنه نتيجة الثقة التي يحظى بها وزير العدل من جانب كل المؤسسات، باعتباره وزيراً يُشرف على السلطة القضائية المعروفة بنزاهتها، كما أنه رمزٌ للسلطة القضائية.

وقال الخرايفي "إنَّ دستور عام 1959 لم ينتبه حينها لهذه النقطة. وقد يكون تخوُّف بورقيبة (الرئيس التونسي حينها) من وزير العدل سبباً في عدم ذكر ذلك. كل الفرضيات ممكنة".

وأشار الباحث في القانون الدستوري إلى أن الرئيس لم يضع خطة نائب رئيس، على الرَّغم من أنَّ النظام الرئاسي يسمح بإحداث نائب أول وثانٍ وثالث، وإنما توجَّه مباشَرةً إلى وزير العدل بسبب ثقته بالسلطة القضائية.

ورَدَّ اختيار وزير العدل، من دون اقتراح المنصب على وزيري الدفاع والداخلية، بأنه نتيجة "الخشية من الانقلاب، أو التفكير في ذلك، أو إحداث تغييرات معيَّنة، باعتبار أن وزيري الدفاع والداخلية هما قائدا القوات المسلحة العسكرية والأمنية، وبالتالي قام بذلك تفادياً لأيّ شكّ في أذهان الناس، ولأي طعن في القرار".

وطرح الخرايفي موضوع مَن سيُجيب عن سؤال "مَن الذي يحدّد إن كان هناك شغورٌ أو لا يوجد شغور؟"، إذ لم يذكر الرئيس، في الباب الثالث، الهيكل الذي سيعاين الشغور من عدمه، بحيث كانت الهيئة الدستورية الموقتة تعاين الشغور في منصب رئيس الجمهورية، وحتى في دستور 1959 كان المجلس الدستوري مكلَّفاً بشأن المعاينة.

واعتبر الباحث في القانونين الدستوري والنيابي، رابح الخرايفي، أن الشغور، بحسب تقديره، لا يمكن أن يعاينه غير الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، والرئيس الأول للمحكمة المالية، والرئيس الأول لمحكمة التعقيب.

وأمس الأربعاء، أصدر الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أمراً رئاسياً جديداً يتعلّق بصلاحياته الجديدة، وعلى رأسها تولّي السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وأفاد مراسل الميادين في تونس بأنَّ الرئيس سعيّد "أصدر مجموعة من القرارات التي تمدِّد العمل في ما سبق أن أعلنه منذ الـ25 من تموز/يوليو"، والتي جدَّدها أيضاً أواخر آب/أغسطس، ومنها مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضاء المجلس، ومواصلة العمل بالدستور، وجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع التدابير الاستثنائية.

وأثارت قرارات سعيّد الأخيرة هذه استنكار أحزابٍ عدة تونسية، بحيث رفضت 4 أحزاب هذه القرارت، معتبرةً أنّ "الإجراءات الرئاسية الأخيرة خروجٌ عن الدستور".

وسبق لسعيّد قبل أيام أن عبّر عن احترامه الدستور، لكنه قال، في الوقت نفسه، إنه يمكن إجراء تعديلات على نصّه.

كانت تونس فاتحة الدول التي شهدت تظاهرات واحتجاجات، وتغيرت السلطة فيها سريعاً وانتقلت إلى مسار ديمقراطي، لكن الوضع الآن لا يوحي بأن ثورة تونس استطاعت تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية لشعب هذا البلد، فهل تنجح الجمهورية الثالثة في ذلك؟

اخترنا لك