"فورين بوليسي": كيف تكون زيارة لولا للصين أكثر أهمية من زيارة ماكرون؟
زيارة الرئيس البرازيلي، لولا دا سيلفا، للصين، تكتسي أهميةً خاصة، بحسب مجلّة "فورين بوليسي" الأميركية، وخصوصاً مع تنامي وضوح صعود اقتصادات دول الجنوب. كيف يتضح ذلك؟
أشارت مجلّة "فورين بوليسي" الأميركية، في مقال نشرته بعنوان "لماذا تُعَدّ زيارة لولا لبكين أكثر أهمية من زيارة ماكرون؟"، إلى أنّ الديناميكية الاقتصادية في العالم تتحول إلى "الجنوب العالمي".
وذكرت المجلّة أنّه عندما زار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الصين، في الخامس من الشهر الجاري، اتخذ موقفاً مغايراً، عن عمد، تجاه الولايات المتحدة، وتحدّث حينها عن احتمال نشوب صراع قوى عظمى على تايوان، انطلاقاً من أنه مصدر قلق محدود لفرنسا، وبالتالي لأوروبا.
ولفتت المجلّة إلى زيارة ماكرون وتصريحاته، كونها أطلقت العنان لتداول الخبر لدى الصحافة العالمية، وفي الولايات المتحدة.
وبعد بضعة أيامٍ فقط، عندما قام الرئيس البرازيلي، لويس إغناسيو لولا دا سيلفا، برحلة موازية لبكين، وأدلى بمجموعة من التعليقات، التي دعمت بالمثل المواقف الصينية طويلة الأمد، وأثبتت علناً تباعد المسافة السياسية بين البرازيل والولايات المتحدة، نقلت الصحافة العالمية الخبر، لكنّها لم تُحدِث ضجة بشأنه.
وأوضحت المجلّة أنّه، بالنظر الى كل رحلةٍ على حِدة، فمن المرجّح ألّا يُنظر إلى أي من هذه الرحلات الرئاسية على أنّها تمثل انفصالاً دراماتيكياً عن الماضي، لكن إذا تمّ تذكر أي منهما، حتى بعد 5 أو 10 أعوام من الآن، فمن المحتمل أن يتمّ تذكر دبلوماسية زعيم أميركا الجنوبية، وليس دبلوماسية نظيره الفرنسي.
وتعكس زيارة ماكرون، التي حظيت بمزيد من الاهتمام هذا الشهر، تحيّز وسائل الإعلام الدولية المستمر في شمال الأطلسي، أكثر من التفكير الجديد والرصين بشأن كيفية تغير العالم.
وأكّدت "فورين بوليسي" أنّ دبلوماسية البرازيل الأخيرة تستحق مزيداً من الاهتمام، فمبادرات لولا دا سيلفا المتعددة، كانتقاد استمرار الدولار الأميركي كعملة احتياطية دولية، والسعي لتشكيل اتحاد عملة مع الأرجنتين، وحتى انتقاد الغرب بسبب الحرب في أوكرانيا، يجب أن يُنظر إليها على أنّها انعكاس لرغبات الجنوب العالمي الصاعد، وأنّها تصدر من إحدى أهم دوله.
وتكمن أهمية البرازيل في أنّ الجنوب العالمي هو المكان الذي يتغير فيه قدرٌ كبيرٌ من الديناميكية الاقتصادية في العالم. ويمكن رؤية ذلك، بحسب المجلّة، في "التركيبة السكانية الكئيبة لمعظم دول العالم الغنية، وكذلك الصين، وفي الأنماط المتغيرة للناتج الاقتصادي العالمي".
وأشارت المجلّة إلى توقعات ارتفاع اقتصادات دول، مثل الهند وإندونيسيا والبرازيل والمكسيك ،بقوة في تصنيفات الناتج المحلي الإجمالي العالمي، في حين أنّ من المقرر أن ينخفض توقع اقتصادات دول غربية تقليدية، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، من الآن حتى عام 2050.
وأضافت أنّ البرازيل لا تسعى إلى أن تصبح تابعة للصين، ففي الواقع، ترتبط مجموعة كبيرة من إمكانات البرازيل برسم مسارها الخاص، مشيرةً إلى أنّه لا يزال يتعين عليها القيام فيه بقدرٍ هائلٍ من العمل.
ودعت المجلّة إلى التركيز على أنّ البرازيل لا يخشاها جيرانها، كما تشهد علاقاتٍ اقتصاديةً كبيرةً مع الأرجنتين، وأنّ أفريقيا هي التي قد تحمل مفتاح مستقبلها كقائدٍ لجنوب العالم. فالقارة الأفريقية، وهي مسرح لأكبر نمو ديمغرافي في العالم اليوم، شهدت جيوباً من النمو الاقتصادي القوي في الأعوام الأخيرة، لكنّها تتوق إلى شراكاتٍ جديدةٍ يمكن أن تساعد على خلق فرص العمل وبناء البنية التحتية التي تحتاج إليها.
وختمت "فورين بوليسي" مقالها مؤكدةً أنّ الصين صعدت إلى موقع البديل الرائد للغرب في أفريقيا، متجاوزةً الدول الغربية، التي هيمنت تقليدياً على التجارة والاستثمار في القارة.