فرنسا: جزيرة "مايوت" مُهددة بالحرب الأهلية

اشتباكات عنيفة في جزيرة "مايوت" التابعة لفرنسا والواقعة بالمحيط الهندي، والسلطات عاجزة على السيطرة على الوضع، فيما من المتوقع أن تُساعد مجموعات من شرطة المداهمة في تطبيق القانون.

  • جانب من الحرائق في الجزيرة الفرنسية
    جانب من الحرائق في الجزيرة الفرنسية "مايوت"

تترك الاشتباكات العنيفة، في جزيرة "مايوت" التابعة لفرنسا والواقعة بالمحيط الهندي، السلطات عاجزة على نحو متزايد، فيما من المتوقع أن تُساعد مجموعات من شرطة المداهمة في تطبيق القانون.

بعد 10 أيام من العنف في الجزيرة، وصفت نائبة الجزيرة إستيل يوسف، التطورات في الجزيرة بـ"الرعب والبربرية"، ملخصةً الأحداث بقولها: "نحن على شفا حرب أهلية". 

وقبل أيام، قُتل شاب وأصيب عدد من الأشخاص في اشتباكات متكررة بين المجموعات المتناحرة.

اضطرت الشرطة خلال ليلة الإثنين إلى الثلاثاء، إلى إزالة الحواجز التي تعيق حركة المرور والتدخل بين المجموعات التي أرادت مواجهة بعضها البعض. وقال شهود إنّ "بعض المجموعات المشتتة انتهزت الفرصة للاعتداء على مستخدمي الطريق".

وكان من المقرر أن يصل 12 من أفراد شرطة المداهمة إلى "مايوت"، لتعزيز الشرطة بعد تضاعف العنف في هذه المنطقة، التي تعاني من انعدام الأمن الدائم.

"ثأر" بعد جريمة قتل

تشهد عاصمة مايوت، مامودزو، صراعات بين المقاطعات اشتدت بعد مقتل شاب يبلغ من العمر 20 عاماً في 12 تشرين الثاني/نوفمبر. تمّ ارتكاب الجريمة من قبل فرقة مجهزة بـ"chombos"، وتسمى أيضاً coupe-coupe، في قرية ساحلية تابعة للبلدية.

وكان الضحية "فتى بلا تاريخ، نجم راب صاعد في مايوت"، معروف باسم المسرح "سكيني"، وفقاً لما قاله الوفد المرافق له في مقابلة مع إذاعة محلية. 

وتسبب هذا القتل في إثارة ضجة في القرية الأصلية للضحية، كووني، على الجانب الآخر من مدينة مامودزو، مما تسبب في اضطرابات في هذا القطاع منذ 13 تشرين الثاني/نوفمبر.

وأضافت النائبة استيل يوسف أنّ "قريته بدأت في الثأر، احترقت منازل وتعرض الناس للهجوم وبتر بعضهم بالمناجل".

نائبة عن مايوت في فرنسا

وفي 15 نوفمبر/ تشرين الثاني، قطع شخص مسلح بساطور يد ضحيته في حافلة مدرسية جنوب مامودزو، بحسب وكالة فرانس برس ولوموند.

وفي اليوم التالي، عبرت حافلة مدرسية أخرى ممرات مع عصابة في شمال مايوت. بعد رشق السيارة بالحجارة، صعد العديد من الأشخاص على متنها وضربوا السائق وأربعة طلاب بالمناجل، وأصيبوا بجروح.

وأدى هذا الهجوم إلى فوضى عارمة في بلدة الكويني، مع أطلاق نار وقذائف.

وقعت اشتباكات أخرى بين المجموعات في نهاية الأسبوع التالي. ومساء السبت الماضي، قطعت يدي شاب، وتعرض سائق سيارة، الأحد، للطعن في متسابري، بحسب مصادر بالشرطة.

وأوضحت هذه المصادر أنّ السيارات والشركات تعرضت لأضرار وألقيت مقذوفات على الشرطة.

"أعمال إرهابية" بحسب دار البلدية. وتلخص نقابة الشرطة البديلة CFDT، بالقول إنّ هذه الاشتباكات بين العصابات ربما تسببت بالفعل في "إصابات، بل وفيات" أخرى لم يتم إبلاغ السلطات عنها.

شعور بتخلي الدولة

وبحسب إستل يوسف، فإنّ انفجار العنف كان "دراما معلنة، لدينا انطباع بأنّ السلطات قد تخلت عنا، لأن مايوت كانت تطلب المساعدة منذ سنوات. هل نحن فرنسيون مثل الآخرين؟ عائلات بأكملها تغادر الجزيرة، المستثمرون، موظفو الخدمة المدنية. نحن نقتل مايوت في لامبالاة عامة".

موضوع العنف متفجر في هذه المنطقة من المحيط الهندي. كان الوضع قد دفع بالفعل، في نهاية أيلول/سبتمبر، المسؤولين المحليين المنتخبين إلى تنظيم "عملية الجزيرة الميتة".

وأغلقت المدارس الابتدائية والإدارات المحلية أبوابها للتعبير عن سخط السكان إزاء انعدام الأمن على خلفية الفقر المدقع وأزمة الهجرة.

وفي منتصف تشرين الأول/أكتوبر، نبه بعض المسؤولين المنتخبين، في باريس، إلى العنف "الذي لا يُطاق" والمتزايد في هذه الدائرة، مطالبين "بأن تتولى الدولة مهمتها السيادية الأمنية بالكامل".

"أصبحت مايوت منطقة الخوف والصدمة والحداد"

الشعور بانعدام الأمن قوي للغاية في جزيرة مايوت يعم كافة شرائح السكان. في تحليل صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أشار المعهد الوطني للإحصاء والإحصاء (INSEE) إلى أن "ما يقرب من نصف الناس يشعرون بعدم الأمان في كثير من الأحيان أو من وقت لآخر، في المنزل أو في حيهم.  

وحذرت النائبة استيل يوسو، في منتصف تشرين الأول/أكتوبر، من أنّه "إذا لم تفعل الدولة شيئاً، فسيهتم المواطنون بالأمر".

من جهته، قال المدعي العام يان لوبريس، إنّ التحقيقات في الأحداث التي وقعت الأسبوع الماضي "جارية"، موضحاً أنّه "في هذه المرحلة، تمّ اعتقال عدد قليل فقط من القصّر".

وندد النائب ال.ر. منصور قمر الدين، بـ "التراخي" الذي يُساعد، بحسب قوله، لبعض أعضاء هذه "العصابات البربرية".

العدالة، التي تواجه نقصاً في الموظفين والتأخيرات في الخطوات الإجرائية، يتمّ تمييزها بانتظام في هذه المنطقة.

وفي زيارة في آب/ أغسطس، وعد وزير الداخلية والأقاليم الواقعة فيما وراء البحار، جيرالد دارمانان، بتقديم تعزيزات من قوات الدرك في الصيف المقبل، مشيراً إلى المقترحات المستقبلية لفتح "أماكن لإعادة التأهيل والتعافي" للأحداث الجانحين تحت إشراف الجيش. 

اخترنا لك