فرنسا وبريطانيا تتعهّدان اتّخاذ تدابير إضافية بعد غرق 27 مهاجراً في المانش

بريطانيا وفرنسا تبحثان اليوم الخميس في اتّخاذ تدابير جديدة للحد من عمليات عبور بحر المانش "القناة"وتفكيك شبكات تهريب المهاجرين، بعد مصرع 27 مهاجراً على الأقل غرقاً قبالة السواحل الشمالية لفرنسا خلال محاولتهم بلوغ إنكلترا.

  • قارب الموت
    مصرع 27 مهاجراً على الأقل أثناء محاولتهم العبور من فرنسا إلى بريطانيا

تبحث بريطانيا وفرنسا اليوم الخميس في اتّخاذ تدابير جديدة للحد من عمليات عبور بحر المانش "القناة" وتفكيك شبكات تهريب المهاجرين، بعد مصرع 27 مهاجراً على الأقل غرقاً قبالة السواحل الشمالية لفرنسا خلال محاولتهم بلوغ إنكلترا.

وتعد حصيلة ضحايا هذه الكارثة الأكثر فداحة، منذ أن أصبحت القناة في العام 2018 مصدراً لاستقطاب المهاجرين الذين يحاولون عبور بحر  المانش من فرنسا إلى إنجلترا على متن قوارب صغيرة غير مهيأة للسفر. 

وتعّهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "لن يسمح بأن تتحوّل القناة إلى مقبرة"، كما أجرى محادثات مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بحثا خلالها "تعزيز جهود مكافحة عمليات تهريب المهاجرين".

وسيترأس رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستيكس الخميس اجتماع أزمة لمناقشة تدابير جديدة، حسبما أعلن مكتبه.

وصرحت النيابة الفرنسة العامة أنه "قضى الأربعاء 17 رجلاً و7 نساء و3 قاصرين بعدما غرق زورقهم قبالة كاليه من حيث انطلقوا في شمال فرنسا، خلال محاولتهم العبور نحو السواحل البريطانية".

وتشكّل الكارثة تحدياً جديداً للتعاون بين فرنسا وبريطانيا في مرحلة ما بعد بريكست.

وكان كل من الطرفين قد حمّل بادئ الأمر مسؤولية الواقعة للطرف الآخر، مما شكّل مؤشراً إلى أن المأساة لن تفعّل التعاون بشكل تلقائي.

وأعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أنه تم "توقيف خمسة أشخاص يشتبه بأنهم يهرّبون مهاجرين بتهمة الضلوع المباشر في الكارثة، وأحدهم يشتبه بأنه يتولى شراء قوارب مطاطية لعمليات العبور".

وأشار دارمانان إلى العثور على "ناجيين فقط هما عراقي وصومالي، وتتم معالجتهما من انخفاض حاد في الحرارة وسيتم استجوابهما لاحقاً".

وقالت رئيسة بلدية كاليه إن "من بين الضحايا امرأة حاملاً".

صعوبات في إقناع بعض الشركاء

هذا وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية أن بوريس جونسون وإيمانويل ماكرون اتفقا خلال مكالمة هاتفية على الضرورة "الملحّة لتعزيز جهودهما المشتركة لمنع عمليات العبور هذه" وعلى "أهمية إبقاء كل الخيارات مطروحة على الطاولة" من أجل ضرب أسلوب العمل الذي تعتمده عصابات تهريب المهاجرين.

وأشار جونسون إلى أن بريطانيا تواجه "صعوبات في إقناع بعض من شركائنا وتحديداً الفرنسيين بمعالجة الأمور بالطريقة المناسبة".

وجاء في بيان مقتضب لقصر "الإليزيه" بشأن المحادثة الهاتفية بين الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني، أن ماكرون أبلغ جونسون أن "لدى فرنسا والمملكة المتحدة مسؤولية مشتركة". وأضاف بأنه "يتوقع من البريطانيين التعاون التام والامتناع عن استغلال وضع مأساوي لغايات سياسية".

وقال مسؤولون بريطانيون إن جونسون جدد عرضه بـ"إرسال الشرطة وحرس الحدود إلى فرنسا لتسيير دوريات مشتركة قبالة سواحل القناة"، علماً بأن باريس سبق أن رفضت هذا العرض.

وفي مؤشر إلى التوترات القائمة، نشرت الصحف البريطانية الكبرى في صفحاتها الأولى صورة لسيارة شرطة فرنسية يبدو أن "عناصرها لم يحركوا ساكناً فيما ينطلق مهاجرون على متن قارب من سواحل شمال فرنسا".

ووفق بيانات جمعتها وكالة "بي.ايه" البريطانية للأنباء "انطلق هذا العام أكثر من 25 ألفاً و700 شخص في رحلات عبور للقناة على متن قوارب صغيرة، أي أكثر بـ3 أضعاف العدد المسجّل في العام 2020".

وشدد دارمانان على أن "باريس تبذل أقصى جهودها لضرب شبكات تهريب المهاجرين"، وقال إن "فرنسا أوقفت 1500 مهرّب للمهاجرين منذ مطلع العام وقال إنهم يعملون على طريقة العصابات المنظّمة".

ومن المقرر أن يجري دارمانان الخميس محادثات مع نظيرته البريطانية بريتي باتيل.

القناة التي تتحول إلى مقبرة

وكان مسؤولون فرنسيون قد أفادوا في وقت سابق بـ"مشاركة 3 مروحيات و3 قوارب في عمليات البحث في المنطقة، وقد تم العثور في المياه على جثث وعلى أشخاص فاقدين الوعي بعدما أبلغ أحد الصيادين الأجهزة المعنية".

وكان القارب قد "انطلق من سواحل دانكيرك لكنّه واجه صعوبات قبالة كاليه الواقعة إلى الغرب"، وفق ما أفاد مصدر مقرّب من التحقيق.

وشاهد عنصر في أجهزة الإنقاذ البحري الفرنسية شارل ديفو: "قارباً مطاطياً شبه فارغ من الهواء، وبالكاد لا يزال يطفو على سطح المياه".

وتخوّف الناشط في منظمة "أوبارج دي ميغران" غير الحكومية بيار روك، من أن "يصبح بحر المانش مصدراً للوفيات على غرار البحر المتوسط"، والذي توقع فيه عمليات عبور المهاجرين حصيلة أعلى للوفيات.

وقال روك "الناس يموتون في القناة التي تتحوّل إلى مقبرة. وبما أن إنكلترا تقع على مقربة في الجهة المقابلة سيواصل الناس العبور".

وفي تصريح لـ"فرانس برس" في كاليه، قال سوداني يبلغ 30 عاماً بعدما تم إنقاذه خلال محاولة عبور إنه "يدرك هول المأساة لكن شيئا لن يمنعه من محاولة العبور مجدداً".

وقال "الأمر رهيب، لكنني سأواصل المحاولة. ليس لدي أي خيار آخر. أدرك أن الأمر خطير. أدرك أنني أخاطر بحياتي، لكن ليس لدي خيار آخر".

اخترنا لك