شبح الامتناع عن التصويت يخيّم على الانتخابات الرئاسية في فرنسا

يخيّم شبح الامتناع عن التصويت على الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة، إذ إنّ هذه الانتخابات تواجه أزمةً في الثقة، إضافةً إلى انتشار جائحة كورونا التي تؤثر بشكل واضح في إقدام الناخبين على التصويت.

  • شبح الامتناع عن التصويت يخيم على الإنتخابات الرئاسية في فرنسا
    4 من كل 10 فرنسيين ليسوا متأكدين من أنهم سيصوّتون في الانتخابات الرئاسية

مع بقاء أقل من 90 يوماً، يكون جميع المرشحين للإنتخابات الرئاسية الفرنسية تقريباً على خط الانطلاق، فيما السؤال المقلق هو: هل سيتوجه الفرنسيون نحو صناديق الاقتراع؟

يشير أحدث المؤشرات إلى خلاف ذلك. لمدة 15 عاماً، زاد معدل الامتناع عن التصويت أكثر قليلاً مع كل انتخابات رئاسية. في عام 2017، حطمت الجولة الثانية رقماً قياسياً من خلال تعبئة 74% فقط من السكان. وتثير الأزمات الاجتماعية التي تخللت فترة الـ5 سنوات مخاوف من حدوث اتجاه تصاعدي آخر.

 أدى استطلاع رأي لمعهد "Odoxa Backbone Consulting"، الذي تم إجراؤه لصالح شركة "Le Figaro"، إلى تعزيز هذه المخاوف. وفقاً للدراسة، يتوقع 65% من الفرنسيين نسبة امتناع عالية عن التصويت، و69.5% فقط من المسجلين في القوائم الانتخابية يقولون إنهم "متأكدون" اليوم للتصويت - أي أقل بـ15 نقطة من منذ 5 سنوات مضت.

من ناحية أخرى، نحو 3 من كل 10 مواطنين يعتزمون الامتناع عن التصويت، وواحد من كل 4 لا يستبعد تماماً القيام بذلك. ويتوقع المعهد إقبالًا بنسبة 70.5% فقط، ما يضع هذا التصويت في رقم قياسي جديد للامتناع عن التصويت.

يلاحظ دومينيك رينيه، الرئيس التنفيذي لشركة Fondapol، أنّ ذلك "مخاطرة حقيقية". ويعبّر عن قلقه بشأن التعبئة المستقبلية للفرنسيين، كما يدعو أيضاً إلى أن الأخذ في الحسبان شكلاً من أشكال "الامتناع المدني عن التصويت"، يتألف من الذهاب إلى صناديق الاقتراع والتصويت بورقة بيضاء، كرسالة إلى القادة. 

ويلفت إلى أنّ "هناك زيادة في عدم الرضا، وتشير نسبة كبيرة من الناس إلى أن التصويت لا طائل من ورائه. لم نعد نؤمن بالإجراء، ونعتقد أنه لم يعد له أي تأثير على الواقع".

إضافة إلى كل هذه النتائج، هناك أيضاً جائحة لا تنتهي أبداً. وقد أظهرت بالفعل الآثار المدمرة التي يمكن أن تحدثها على الامتناع عن التصويت، من خلال الانتخابات البلدية والمديرية والإقليمية الأخيرة. قبل 3 أشهر من الانتخابات، لا يزال الفرنسيون غير متقبّلين للغاية، وأكثر قلقاً بشأن أقنعة "FFP2" أو اختبارات الوباء أو التلقيح. 

الموضوع يثير قلق المرشحين أيضاً. بسبب حرمانهم  التجمعات الكبيرة، يكافحون من أجل الاستماع إليهم وإثارة اهتمام ناخبيهم. تشير عالمة البيئة ساندرا ريغول، في هذا المجال، إلى أن "كوفيد-19 يعمل يومياً مع نوع من الاكتئاب العام، وقد سئم المواطن عدم القدرة على العيش". 

بالنسبة إلى أليكسيس كوربيير، المتحدّث باسم جان لوك ميلينشون يقول: "نحن لا نتحدث عن أي شيء باستثناء كورونا وحالة الذعر العام. ولكن من خلال تسييس النقاش العام ننجح في حشد الناس". 

ووفقاً للنائب اليساري، فإنّ "الوضع الحالي للحملة سيخدم حتى إيمانويل ماكرون، فهو أقل اضطراراً إلى التعامل مع ميزانيته العمومية، وسيخرج فائزاً بسبب الامتناع عن التصويت، لأنه يؤثر على الشباب والطبقات العاملة، والفئات التي نحشدها" .

ويقول سيباستيان تشينو، المتحدث باسم التجمع الوطني، إن "علينا أن نكون مستعدين، وقد فكرنا في الحلول"، مع أن حزبه عانى بالفعل من عدم تعبئة ناخبيه خلال الانتخابات الإقليمية الأخيرة. 

من جهته، يقول المتحدث باسم فاليري بيكريس إنّه "بفضل قدرتنا على إظهار أن هناك جوهراً وراء مقترحاتنا الواضحة، سنكون قادرين على جذب انتباه الرأي العام. هذا ما تفعله فاليري بيكريس منذ دخولها الحملة".

تظل الحقيقة أنه إذا تلاشى فيروس كورونا في شهر شباط/فبراير تقريباً، كما يأمل بعض الناس، فإنّ التسلسل الانتخابي المتبقي سيكون قصيراً بشكل خاص، وسيفرض تمريناً محفوفاً بالمخاطر على جميع المرشحين. 

وفي أقل من شهرين، سيكون عليهم تعبئة الفرنسيين الذين سئموا في بعض الأحيان من الأحداث الأخيرة، وتجنّبوا أي "حادث انتخابي" قد يكون قاتلاً في مثل هذا الوقت القصير.

من جهة ثانية، ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة جان جوريس ونشرت في الـ 11 من كانون الثاني/يناير ، فإنّ 4 من كل 10 فرنسيين ليسوا متأكدين من أنهم سيصوّتون، وبالنسبة إلى 45% ممن ينوون المشاركة، فإنّ خيارهم ليس نهائياً. لكن في الفترة  نفسه قبل 5 سنوات، أعلن أكثر من 8 من كل 10 مشاركتهم، أي بنسبة 81%. 

علاوة على ذلك، من بين الناخبين الذين ينوون الذهاب إلى صناديق الاقتراع ، قال 45% إنهم غير متأكدين بعد من خيارهم. 

تؤكد هذه الدراسة أيضاً أن "الخيارات الانتخابية بعيدة جداً عن أن تتبلور"، لأنه بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2021، فكّر 30% من الناخبين المحتملين في تغيير تصويتهم أثناء الانتخابات الرئاسية.

 ومع ذلك، فإن بعض القواعد الانتخابية يبدو أكثر صلابة من غيره. الناخبون الأكثر ولاءً هم لجان لوك ميلينشون (85%) وإيمانويل ماكرون (83%) ومارين لوبان (78%). 

الناخبون اليساريون هم الأكثر تشرذماً، مع وجود عدد كبير من المرشحين، يضاف إليهم الآن كريستيان توبيرا، وإمكان إجراء انتخابات تمهيدية شعبية. 

وبدراسة الانشقاقات الانتخابية من جانب المرشحة الاشتراكية آن هيدالغو، التي تكافح لتجاوز 3% من نيّات التصويت، يشير باحثو العلوم السياسية إلى أن نحو 3% من ناخبيها تحوّلوا إلى إيمانويل ماكرون، و22% نحو يانيك جادوت، و17% تجاه جان لوك ميلينشون.

اخترنا لك