ذكرى اقتحام الكابيتول بين "انتصار الديمقراطية" و"تخّوف" الأميركيين
رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي تعتبر أنّ الديمقراطية في بلادها "انتصرت" بعد أن كانت "على شفا كارثة" بسبب اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير الماضي.
وجهّت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي رسالةً للأميركيين والعالم عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم المفاجئ على مبنى الكونغرس، قائلةً إنّ "الديمقراطية انتصرت".
ومن داخل مبنى الكابيتول، حيث فرض حشد موالٍ للرئيس السابق دونالد ترامب الحصار، قالت بيلوسي في مقابلة مع "الأسوشيتد برس"، أمس الأربعاء، إنّ الوقت قد حان للبلاد للتوجه إلى "رموزها الأفضل"، والاستفادة من التاريخ وضمان أنّ يوماً مثل 6 كانون الثاني/ يناير الماضي لن يحدث مرة أخرى.
وقالت بيلوسي لوكالة "الأسوشيتد برس": "لا تقدموا على ارتكاب أخطاء، فديمقراطيتنا كانت على شفا كارثة".
وأضافت أن "الديمقراطية انتصرت في تلك الليلة... هؤلاء الناس، بسبب العمل الشجاع لشرطة الكابيتول وشرطة العاصمة وآخرين، تم ردعهم في عملهم لوقف التداول السلمي للسلطة. وقد هزموا".
ومن المقرر أن تترأس بيلوسي الكونغرس، اليوم الخميس، في يوم إحياء ذكرى اقتحام مبنى الكابيتول، حيث يتحدث الرئيس جو بايدن في الصباح، ويدلي مؤرخون ومشرعون بكلمات عن الذكرى على مدار اليوم، ومن المتوقع أن يحضر عدد قليل من الجمهوريين.
وخلال المقابلة، قالت بيلوسي أيضاً، إنّه من الواجب أن "تكون هذه فترة للتذكر والمصالحة"، مستشهدةً بالمثال الذي أرساه أبراهام لنكولن.
وتابعت أنّه مع انتهاء الحرب الأهلية قال لينكولن إنّه "دون بغضاء تجاه أحد، وإحسان تجاه الجميع... علينا أن نمد يد الصداقة".
التمرد القاتل!
أذهل التمرد القاتل الذي نشب العام الماضي الولايات المتحدة والعالم، حيث قام مثيرو الشغب بنهب مبنى الكابيتول، وبعضهم اشتبك في قتال مع الشرطة، بعد أن حثّهم الرئيس السابق ترامب المهزوم في الانتخابات على "القتال" بينما كان الكونغرس يصادق على انتخاب بايدن.
وقالت بيلوسي كذلك إنّه لا يمكن لأحد أن يتخيل رئيساً أميركياً يدعو إلى التمرد، لكن هناك الآن "درساً مدنياً هائلاً تم تعلمه فيما يتعلق بما يستطيع الرئيس القيام به"، على حدّ قولها.
وأعربت عن اعتقادها بأنّ الناس "قد تمّ تنبيههم إلى حقيقة أنّه يمكن أن يكون هناك رؤساء مارقين".
يتوارى الجمهوريون في الغالب عن أحداث إحياء الذكرى، ويقللون من شأن الهجوم ويلومون الديمقراطيين لعدم تحصين مبنى الكابيتول.
وإلى هذا، قال النائب كيفين مكارثي من كاليفورنيا، وهو زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، في رسالة إلى زملائه، إنّ الديمقراطيين يستخدمون الذكرى "كسلاح سياسي حزبي لمزيد من الانقسام في بلادنا".
بيلوسي، عضو الكونغرس الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا، التي صنعت التاريخ منذ 15 عاماً عندما أصبحت أول رئيسة لمجلس النواب، قالت أيضاً إنّها "لا تتحمل مطلقاً أي إحساس بالمسؤولية" عن الانقسامات الحالية في الكونغرس، أو البلاد.
بعد أن قادت مجلس النواب مرتين لعزل ترامب، قالت بيلوسي إنّ رسالتها إلى أولئك الذين هاجموا مبنى الكابيتول - وملايين الأميركيين الذين دعموا ترامب ويمكنهم دعمه مرة أخرى - مفادها أنّهم كانوا عرضة لأكاذيب.
لم تظهر قضايا وتحقيقات لا حصر لها في المحاكم أي دليل على تزوير أصوات الناخبين والذي كان من الممكن أن يطيح بالانتخابات، كما كان يدعي ترامب.
واستطردت بيلوسي قائلة: "ربما اعتقدوا أنّ هذا كان صحيحاً... لكن رئيس الولايات المتحدة كذب عليهم... ينبغي أن يخجل".
هل من ضمانات بشأن عدم تكرر الهجوم؟
لا زال الخوف من تكرار سيناريو هجوم الحشود على مبنى الكابيتول أو الإدارات الحكومية الأخرى قائماً رغم مرور عام على هذه الحادثة التي أصابت المسؤولين الأميركيين بالإحباط ودفعتهم للمطالبة بتحقيق يجريه الكونغرس.
وفيما لا يزال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مصراً على حدوث تزوير في الانتخابات الرئاسية، يبدو أنّ نفوذه داخل الحزب الجمهوري يتصاعد، ما يعني أنّ مواقفه التي حرّض المحتجين على تبنيها في 6 كانون الثاني/يناير لن تختفي قريباً وربما تدفع للمزيد من الانشقاقات في الرأي العام الأميركي.
يمكن ملاحظة أنّ التدقيق في نتائج الانتخابات وإجراء عمليات إعادة الفرز وإقرارها وفق ما يقتضي الدستور الأميركي، لم يُسهم بشكل كبير في الانقلاب على ادعاءات ترامب، فقد أظهر استطلاع أجرته شركة "مومنتيف" بالاشتراك مع "أكسيوس"، أنّ أقل من 6 من كل 10 أميركيين يقولون إن بايدن فاز بشكل شرعي في انتخابات 2020، وهي نسبة لم تتغير منذ استطلاع الموقع العام الماضي، والذي نُشر قبل ساعات من تمرد 6 كانون الثاني/يناير.
أحداث مماثلة في السنوات المقبلة؟
كذلك يبدو الأميركيون متشائمين في نظرتهم المستقبلة، إذ اعتبر نحو 57% من الأميركيين - نحو نصف الجمهوريين وسبعة من كل 10 ديمقراطيين - أنّ المزيد من الأحداث المماثلة لاقتحام الكابيتول من المرجّح أن تحدث في السنوات القليلة المقبلة، وفق استطلاع الرأي نفسه.
وتُظهر عيّنة صغيرة من مقتحمي الكابيتول، في تقرير أعدته وكالة "فرانس برس"، أنّ المشاركين لم يعيدوا النظر في هجومهم من أجل تعطيل جلسة المصادقة، حيث وصف أحدهم الانتخابات المقبلة بأنّها "حرب"، وأبدى استعداده لخلق "سلسلة من المعارك" قبل موعدها لمواجهة "الضرر السياسي لليسار".
وبينما تروّج بيلوسي لانتصار الديمقراطية في بلادها، يعرب الأميركيون عن شكّهم في هذه النتائج. ففي استطلاع أجرته شبكة "سي أن أن" بالتعاون مع شركة "أس أس آر أس" اعتبر 6% من الأميركيين فقط أنّ الديمقراطية في بلادهم "ليست في خطر"، بينما اعتبر 93% منهم أنّ الديمقراطية إما تتعرض للهجوم (56%) أو أنّها تخضع للاختبار ولكن لا تتعرض للهجوم (37%).
بدورها، تحدثت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، عن "نهاية الديمقراطية" في حال رشح ترامب نفسه لولاية ثانية في الانتخابات المقبلة، واصفةً عودته إلى الحكم "سيكون كارثة غير مسبوقة للولايات المتحدة".