خمسة استنتاجات للانتخابات الرئاسية في فرنسا.. ما هي؟
نتائج الانتخابات الفرنسية ونسبة الامتناع عن التصويت غير المسبوقة، تسلّط الضوء على الانقسام الذي تشهده البلاد أكثر من أي وقت مضى.
أُعيد انتخاب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بأغلبية مريحة نسبياً، لكن معركته مع زعيمة اليمين المتشدد، مارين لوبان، تسلّط الضوء على انقسام تعيشه فرنسا، أكثر من أي وقت مضى، إذ سجّلت لوبان أفضل نتيجة على الإطلاق لليمين المتطرف الفرنسي في انتخابات الأحد، الأمر الذي دفع ماكرون، في خطابه الذي ألقاه بمناسبة انتصاره، إلى الإقرار بالحاجة الملحّة إلى توحيد البلاد.
وسلّطت وكالة "فرانس برس" الضوء على 5 أسباب تُمْلي على الاحتفالات في قصر الإليزيه أن تكون أقل صخباً من عادتها.
استقطاب
كشفت خريطة فرنسا بعد التصويت تفاوتات لافتة بين المناطق، إذ يحظى ماكرون، إلى حد كبير، بالتأييد في باريس والغرب وجنوبي غربي البلاد ووسطها، بينما تدعم المعاقل الصناعية في شمالي فرنسا والجنوب المطل على المتوسط لوبان.
ودعمت مراكز المدن الكبرى، والطبقات الوسطى والعليا، والمتقاعدون، ماكرون، بينما أيّدت الفئات الأقل دخلاً، في أغلبيتها، لوبان.
وأكد مدير الأبحاث في شركة "إبسوس فرنسا" للاستطلاعات، ماتيو غالار، أنّ "الانقسامات الأبرز قبل كل شيء جيلية واجتماعية"، مضيفاً أنّ "تقسيم البلاد على أساس معسكر حضري مؤيد لماكرون، وآخر ريفي يدعم لوبان، لا يتوافق تماماً مع الواقع".
مقاطعة مقلقة
وبلغت نسبة المشاركة 72% فقط، وبلغ الامتناع عن التصويت أعلى مستوى مقارنةً مع أي جولة ثانية من التصويت في فرنسا، منذ هزم جورج بومبيدو آلان بوهر عام 1969.
وفي مؤشر مقلق بالنسبة إلى ماكرون، توجّه 8.6% من الناخبين إلى مراكز الاقتراع من دون الإدلاء بأصواتهم لأيّ من المرشّحَين، إذ كانت 6.35% من بطاقات الاقتراع فارغة، و2.25% منها غير صالحة، وبالتالي ملغاة.
وفي جمعها، تعني هذه العوامل أنّ أكثر من ثلث الناخبين المسجلين في فرنسا لم يعبّروا عن خيار في هذه الانتخابات.
احتجاجات
واندلعت احتجاجات متفرقة في مدن، بينها باريس ورين وتولوز، بعد إعلان النتائج، نظّمها يساريون أعربوا عن غضبهم من الخيار الذي طُرح أمام فرنسا في الانتخابات، مشيرين إلى أنهم "أمام خمسة أعوام من الليبرالية بقيادة الأوليغارشية الباريسية، التي تسببت بأضرار كبيرة في البلاد".
وعلى الرغم من أنّ الاحتجاجات صغيرة نسبياً، فإنها قد تكون نذيراً بما هو آتٍ، وخصوصاً إذا لم تحظ الأحزاب الراديكالية بتمثيل كبير في انتخابات حزيران/يونيو التشريعية.
ودعا زعيم "حزب فرنسا غير الخاضعة"، جان لوك ميلانشون (يسار)، الأحد، الفرنسيين غير الراضين عن المنظومة إلى "عدم الاستسلام". وأشار إلى أنّه في "الـ 12 والـ 19 من حزيران/ يونيو، ستجري الانتخابات التشريعية، ويمكنك التغلب على ماكرون واختيار مسار آخر".
يُذكَر أن ميلانشون حصل على 20.2% في الجولة الأولى، لكنه لم يتمكن من التأهل.
انقسام بين الأجيال
بالنسبة إلى رئيس ما زال في الـ44 من عمره، ما زال ماكرون يكافح للتأثير في أوساط الناخبين الأصغر سناً، وما زال يعتمد على دعم كبار السن ليتمكن من الفوز.
وتُظهر أرقام "إبسوس" وشركة تحليل البيانات "سوبرا ستيريا" أنّ ماكرون حصل على 61% من أصوات الفئة العمرية 18-24 عاماً، في حين أنّ 41% من الأشخاص ضمن هذه الفئة لم يصوّتوا إطلاقاً.
وكان هامش فوزه ضئيلاً في أوساط البالغين من العمر بين 25 و34 عاماً، وأولئك البالغين ما بين 35 و49 عاماً، بينما تفوّقت لوبان عليه بفارق ضئيل في أوساط الفئة العمرية المتراوحة بين 50 و59 عاماً.
ولعل الفئة الوحيدة التي يمكن لماكرون الاعتماد على دعمها هي فئة المتقاعدين، إذ صوّت له 71% من البالغين 71 عاماً فما فوق.
وقال المحلل السياسي، جيروم جافر، لتلفزيون "إل سي إي": "لدينا فرنسا مسنّة، دعمت بصورة كبيرة إيمانويل ماكرون، وفرنسا أكثر شباباً اختار جزء من أبنائها عدم التصويت.. إنّه شرخ اجتماعي كبير".
مناطق خسرها
لطالما عمد ماكرون إلى التركيز على مكانة فرنسا عالمياً، من خلال أقاليم ما وراء البحار التي تُعَدّ جزءاً لا يتجزأ من البلاد، وتعد في المجموع نحو ثلاثة ملايين نسمة، لكنّ أداءه كان ضعيفاً في المجمل خارج البر الرئيسي، إذ فشل في كسب الناخبين الذين دعموا ميلانشون في الجولة الأولى.
وحلّت لوبان بسهولة في المقدمة في جزر فرنسا الرئيسة في الكاريبي وغوادلوب ومارتينيك، كما في غويانا في أميركا الجنوبية، وجزيرتي المحيط الهندي، ريونيون ومايوت، ولا يمكن لماكرون إعلان فوزه إلّا في جزر في الهادئ، على غرار كاليدونيا الجديدة وبولينيزيا الفرنسية.