خلال 50 عاماً.. كيف أثرت حرب فيتنام في سياسة واشنطن الخارجية؟
موقع "ذا كونفيرزيشن" يؤكد أنّه على رغم مرور 50 عاماً على انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام، فإن أغلبية الأميركيين ما زالت تنظر بخوف إلى أي استخدام للقوّة في الخارج.
أكّد موقع "ذا كونفيرزيشن" (the conversation)، في مقال نشره، أمس الإثنين، أنّه على رغم مرور 50 عاماً على انسحاب الولايات المتحدة من فيتنام، فإن الحرب ما زالت تُلقي ظلالاً قوية على الحياة الأميركية.
وذكر الموقع أنّ التكلفة كانت هائلة على صعيد الأرواح، بحيث خدم أكثر من 2.7 مليون أميركي في الحرب، وفقد نحو 58,318 حياتهم، كما عانى الآلاف من قدامى المحاربين اضطرابَ ما بعد الصدمة، وحاولوا إعادة التكيّف مع عودتهم إلى ديارهم.
وأضاف أنّ "الأميركيين كافحوا كثيراً من أجل فهم الأحداث في فيتنام، بحيث كان عليهم أن يتصالحوا مع حقيقة، مفادها أنّهم خسروا الحرب لأوّل مرة في تاريخ البلاد. فالصور المُقلقة والمتلفزة للأوضاع على الأرض، والفظائع الحربية، جعلتهم يشكّكون في حكمة السياسة الخارجية الأميركية وأخلاقها".
وبالنسبة إلى مارا أوليفا، كاتبة المقال، كانت فيتنام تجربة مغايرة تماماً للحرب العالمية الثانية، فهي "قسّمت الأمة. وفي العقود التي أعقبت نهاية الصراع، شكّلت الصدمة الوطنية عدداً من جوانب السياسة والمجتمع والثقافة الأميركية".
اقرأ أيضاً: كيسنجر: الولايات المتحدة أصبحت أكثر انقساماً مما كانت عليه في حرب فيتنام
"متلازمة فيتنام"
وأشار الموقع إلى أنّ أغلبية الأميركيين نظرت بخوف، منذ نهاية حرب فيتنام، إلى أي تدخل أميركي في الخارج، أو إلى أي استخدام للقوّة فيه، قد ينتهي به الأمر إلى مأزق دموي طويل آخر. ففي عام 1973، أصدر الكونغرس قرار "سلطات الحرب"، المصمَّم للحد من قدرة الرئيس على إرسال قوّات إلى الصراعات من دون دعم من الكونغرس.
وهذا ما يسمى "متلازمة فيتنام"، وهي عبارة صاغها، الرئيس ريتشارد نيكسون، ما فتئت تطارد السياستين الخارجية والعسكرية للولايات المتحدة منذ ذلك الحين.
وانتقد الرئيس رونالد ريغان سابقيه لكونهم "مقيَّدين بشبح فيتنام". وفي محاولة لتنشيط السياسة الخارجية الأميركية، استخدم خطاباً جريئاً، دعا فيه الأميركيين إلى التوقف عن الشعور بالذنب بشأن الدمار الذي أحدثته الحرب، والتوقف عن التشكيك في أخلاقيات الحرب، لأنّ الولايات المتحدة قاتلت من أجل " قضية نبيلة".
وأكّد الموقع أنّ سياسة ريغان الخارجية، تأثرت بشدة، مع ذلك، من الناحية العملية، بالقلق المستمر من الدخول في مستنقع جديد.
وأضاف الموقع أنّه تمت تغطية التدخل العسكري لريغان في غرينادا (دولة جزرية في جزر الهند الغربية) في عام 1983 بسرية من أجل درء أي عمل استباقي من جانب حكومة الجزيرة، ولمنع الكونغرس المناهض للتدخل من التسريب إلى الصحافة، مع توقع مفاده أنّ غرينادا ستصبح فيتنام أخرى.
وأوضح أنّه، بعد عام، وفي إثر مقتل 241 جندياً أميركياً في ثكنة المارينز في بيروت، سحب ريغان القوات الأميركية من لبنان، لأنّه لم يرغب في تكرار تجربة فيتنام في الشرق الأوسط.
وتابع الموقع أنّ الرئيس جورج بوش كان أيضاً حريصاً على منع تحوّل حرب الخليج، عام 1990، إلى فيتنام أخرى.
وختم الموقع أنّه بالنسبة إلى الرئيس بيل كلينتون، كان نشر القوات الأميركية خياراً يجب تجنّبه بأي ثمن، كما أعلن خلال حرب كوسوفو عام 1998.