"تلغراف": محطتان نوويتان تواجهان خطر الإغلاق.. العتمة تلاحق بريطانيا
وزارة المالية البريطانية تفرض ضرائب على محطتين للطاقة النووية، ما يؤثر في القدرة الاحتياطية التي تحتفظ بها الشبكة الوطنية لتجنّب انقطاع التيار الكهربائي.
حذّرت شركة Éelectricité de France" (EDF)"، وهي شركة مرافق كهربائية فرنسية مُتعددة الجنسيات، يوم أمس السبت، من أنّها قد تضطر إلى إغلاق محطتين للطاقة النووية توفران 4% من الطاقة في بريطانيا، وفق صحيفة "ذا تلغراف" البريطانية.
تعد المحطّتان حاسمتين لجهة إبقاء الأضواء مُشتعلة في بريطانيا، ولكنّ المحطّتين معرّضتان، اليوم، لخطر الإغلاق العام نتيجةً لضريبة وزير المالية جيريمي هانت، غير المتوقعة.
وقالت "EDF"، التي تُدير المحطات النووية الـ5 في بريطانيا، إنّ "الضغط على منتجي الطاقة ستجعل من الصعب إبقاء محطتي (هيشام1) و(هارتلبول) القديمتين مفتوحتين".
وهذا يعني إغلاق المحطتين في آذار/مارس 2024، ما قد يؤدي إلى إزالة "وسادة" الطاقة الاحتياطية التي تستخدمها الشبكة الوطنية لتجنّب انقطاع التيار الكهربائي، وتقليل توليد الطاقة النووية في بريطانيا، إلى أدنى مستوى له منذ العام 1960.
وتدخل ضريبة هانت غير المتوقعة على مولدات الكهرباء، والتي تمّ الإعلان عنها في بيانٍ له في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حيّز التنفيذ اليوم.
اقرأ أيضاً: بريطانيا توافق على إقامة أول منجم للفحم منذ 3 عقود
إغلاق المحطات سيؤثر في الاستثمار
من جهتهم، حذّر النواب المحافظون من أنّ الإغلاق سيقلل الاستثمار في سوق الطاقة في المملكة المتحدة، في وقتٍ تحتاج البلاد إلى مصادر طاقة يُمكن الاعتماد عليها لتحقيق التوازن بين طاقة الرياح والطاقة الشمسية المتقطعة.
وتوفّر المحطتان النوويتان أكثر من 2 غيغاواط من الكهرباء للشبكة، وعادةً ما تُوفّران طاقة كافية لأربعة ملايين منزل سنوياً ونحو 4% من الطاقة التي تستخدمها المملكة المتحدة في يومٍ بارد.
وقالت المديرة التجارية للتوليد في (EDF) في بريطانيا، راشيل غلافينغ إنّ "الضريبة غير المتوقعة ستُضرّ بحالة الأعمال للمرافق في وقتٍ يؤدي فيه التضخّم بالفعل إلى ارتفاع التكاليف الأخرى".
وأوردت صحيفة "تلغراف": "نحن نقبل أنّ هناك بالتأكيد حاجةً إلى فرض ضريبة من نوع ما،لكن بالطبع سيؤثر ذلك في حالة التمديد، وسيتعين علينا أن نأخذ ضريبة الأرباح في الاعتبار، وهذا الأمر لن يكون سهلاً".
وأضافت: "سنراجع الجوانب الفنية، ولكننا نحتاج أيضاً إلى دعم أيّ تمديد لحياة هاتين المحطتين".
كذلك، حذّر الخبراء الليلة الماضية، من أنّ إغلاق محطتي الطاقة النووية، سيؤدي في الغالب إلى القضاء على القدرة الاحتياطية البالغة 4 غيغاوات، والتي تحتفظ بها الشبكة الوطنية، لتجنّب انقطاع التيار الكهربائي، في الأيام الغائمة، عندما يكون توليد الرياح والطاقة الشمسية محدوداً.
اقرأ أيضاً: "لو باريزيان": بريطانيا مع سوناك تزداد تصدعاً.. إضراباتٌ وتضخمٌ وغلاء معيشة
ضرائب إضافية غير متوقعة
وقالت مُحللة الطاقة في شركة "وات لوجيك" الاستشارية، كاثرين بورتر: "مع دخول شتاء العام 2024، سنفقد جميع محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم، وقد نفقد أيضاً محطتين نوويتين، لذلك سنفقد تقريباً كمية الطاقة نفسها التي لدينا في الطاقة الاحتياطية الآن".
ويأتي هذا التحذير بعد أن أعلنت شركة "إكسون موبيل"، وهي شركة أميركية عملاقة للوقود الأحفوري، أنّها ستقاضي الاتحاد الأوروبي بسبب قراره بفرض ضريبة غير متوقعة.
وقالت الشركة إنّ الضريبة ستعرقل استثمارات "بمليارات اليورو" في إمدادات الطاقة الأوروبية، إذ تحاول القارة تخفيف استهلاكها من الغاز الروسي.
ومن المتوقع أن تجمع الضريبة على مولدات الكهرباء 14 مليار جنيه إسترليني بحلول العام 2028، في حين أنّ الضرائب الإضافية على شركات النفط والغاز ستجمع 40 مليار جنيه إسترليني.
وهذا الأمر يُجبر المولدات على دفع ضريبةٍ بنسبة 70% على الكهرباء الُمباعة، بأكثر من 75 جنيهاً إسترلينياً، لكل ميغاوات في الساعة، وسط مزاعم بأنّ شركات توليد الكهرباء، تجني أرباحاً ضخمة من ارتفاع أسعار الكهرباء.
وستزيد الضريبة غير المتوقعة على مولدات النفط والغاز من 25% إلى 35%، ما يفرض معدّل ضريبة إجمالي قدره 75% على الأرباح من عمليات المملكة المتحدة.
وحذر نواب حزب المحافظين من أنّ (EDF) قد تكون الأولى من بين عدد من الشركات التي تخفّض الاستثمار في المملكة المتحدة بعد الإعلان عن ضريبة المكاسب غير المتوقعة، والتي من المقرر أن تستمر حتى العام 2028.
اقرأ أيضاً: سوناك: مشاكل بريطانيا الاقتصادية لن تختفي في 2023
تمديد عمل بعض المحطات
وقال كريغ ماكينلاي، الذي يدير مجموعة "Net Zero Scrutiny Group" لنواب حزب المحافظين: "أحداث العام 2022 لأزمة الطاقة الناجمة عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والطقس شديد البرودة في الولايات المتحدة، يجب أن تعلمنا دروساً حول أمن الطاقة ولكن يبدو أن العام 2023 سيكون أسوأ".
وأغلقت "EDF" في بريطانيا محطتين هذا العام بسبب "العمر"، ما يجعل من الصعب التعامل مع نقص الطاقة، ومن المفترض أن يتم إغلاق (هيشام1) و(هارتلبول) في آذار/مارس 2024 لأنّهما تتقدمان في السن، لكن (EDF) تُفكّر في تمديد عمرهما لمّدة عامين لتخفيف أزمة الطاقة.
وتُعدّ هذه الخطوة ممكنة بعد عمليات التفتيش الأخيرة على السلامة. وقال متحدث باسم وزارة الخزانة البريطانية: "هذا الإجراء المؤقت ليس مصمماً لمعاقبة مولدات الكهرباء، إنه استجابة لحقيقة أنه نتيجة لأحداثٍ جيوسياسية استثنائية وغير متوقعة، تحقق بعض مولدات الكهرباء عوائد غير عادية من ارتفاع أسعار الكهرباء".
وأضاف: "لقد فرضت هذه الأسعار المرتفعة تكاليف كبيرة على الأسر والشركات، وهذا هو السبب في أن الحكومة اتخذت إجراءات غير مسبوقة بمبلغ 55 مليار جنيه إسترليني لمساعدة الناس بشكلٍ مباشر في فواتير الطاقة الخاصة بهم".
وفي وقتٍ سابق، قالت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، وفقاً لاستطلاع إنّ "أكثر من 3 ملايين أسرة في المملكة المتحدة، من ذوي الدخل المنخفض، لا تستطيع تحمل تكلفة تأمين التدفئة المنزلية".
وتُعاني دول الاتحاد الأوروبي، من تزايد أسعار الغاز بشكلٍ مُتسارع، منذ بدء العقوبات الأوروبية على روسيا، ومع غياب الغاز الروسي لاحظت أوروبا نقصاً في الطاقة. ففي العام 2021، لم يتمكّن ما يقرب من 7% من سكان الاتحاد الأوروبي من تدفئة منازلهم بشكلٍ صحيح.