تقرير: حظر الأفيون الذي تفرضه "طالبان" أصبح مشكلة "وجودية للغرب"
مجلّة "فايس" الكندية الأميركية تناقش، في تقريرٍ لها، تداعيات قرار حركة "طالبان" الأفغانية حظر زراعة والإتجار بالأفيون، لافتةً إلى أنّ القرار يمثّل مشكلةً للدول الغربية، والتي تتعاطى معه بازدواجيةٍ واضحة.
ذكرت مجلّة "فايس" الكندية الأميركية، أنّ قرار حظر الأفيون الذي تفرضه حركة "طالبان" في أفغانستان، يمثّل "مشكلةً وجودية للدول الغربية"، مُشيرةً إلى ازدواجية واضحة في إظهار الغرب لوجهة نظره بشأن هذه المسألة.
وأضاءت المجلّة على حقيقة نظرة الغرب إلى "الأفيون الأفغاني"، مُشيرةً إلى أنّه على مدى عقدين من الزمان، نُظر إلى صناعة إنتاج الأفيون باعتبارها عدواً، حيث تم وصفها بأنّها "تجارة خبيثة خلقت الإدمان والعصابات، وحوّلت أفغانستان إلى دولة مخدراتٍ فاسدة"، ولكنّه الآن يدرك أنّ القيام بحظر الأفيون يمكن أن "يأخذه إلى منطقةٍ أسوأ بكثير، ويشعل أزمةً عالمية للمواد الأفيونية".
وبينما يطلب قادة حركة "طالبان" الأفغانية المساعدة في القضاء على اقتصاد الأفيون الواسع، أشارت المجلّة إلى أنّ كيفية استجابة الغرب لحظر الأفيون الذي تفرضه الحركة، تمثّل "معضلةً سياسية متعددة الأبعاد"، مع العديد من النتائج المحتملة، والتي لدى معظمها "تداعياتٍ سيئة مختلفة".
وتتنوّع تداعيات حظر "طالبان" للأفيون، بحسب المجلّة، إذ مِن الممكن أنّ يؤدي إلى اندلاع حربٍ أهلية وكارثة إنسانية في أفغانستان، إضافةً إلى كارثة هجرةٍ أخرى، وفوق ذلك، قد يؤدي إلى موجةٍ جديدة من الجرعات الزائدة المميتة من المخدرات، والتي ستكون بديلاً قد يحل مكان المخدر الأفغاني.
ازدواجية الطرح الغربي
من جهتها، تحذّر الأمم المتحدة من "عواقب وخيمة وبعيدة المدى" لنقص الهيروين، في الوقت الذي تُقدّم فيه ملايين الدولارات لتمويل سبل العيش البديلة، لإبعاد المزارعين الأفغان عن زراعة النباتات التي تنتج المادة.
ومن ناحيةٍ أخرى، وخلف الأبواب المغلقة، تخشى الحكومات الغربية أن يؤدي نقص المحصول إلى دفع المُهربين الدوليين للمخدرات، إلى ضخ "الفنتانيل" القاتل في إمدادات الهيروين في العالم.
وأوردت المجلّة ما وصفتها بـ"الشائعات" التي يخشاها الغرب، والتي تفيد بأنّ "طالبان" قد تستخدم الحظر "كحيلةٍ سياسية"، أو حتى تتواطأ مع عصابات المخدرات، لرفع أسعار الأفيون عالمياً.
وتضمّن تقرير المجلّة الكندية الأميركية، مقابلاتٍ مع خبراء أكّدوا فيها اعتبارهم القضية تمثّل "معضلةً سياسية مليئة بالمؤامرات والمناورات السياسية"، لأنّ الأسر التي كانت تعمل في زراعة نبات الخشخاش، الذي يُستخرَج منه مخدر الأفيون، وفقدت أعمالها نتيجة الحظر، بدأت في التخلي عن حقولها بحثاً عن ملجأ في أوروبا، كما بدأ "عدد الجثث في الارتفاع في المناطق المعارضة لحظر الأفيون".
كذلك، أشارت المجلّة إلى أنّ العصابات المكسيكية بدأت في منتصف عام 2010، باستبدال الهيروين بمخدر الفنتانيل في إمدادات المخدرات في أميركا الشمالية، وهو مادة أفيونية اصطناعية أقوى بـ 50 مرة مِن حيث التأثير.
وأوضحت المجلّة أنّ استيراد الفنتانيل وصنعها، كان أرخص وأسهل في الاتجار بها من الهيروين، بالنسبة للمهربين والتجار.
ولفتت إلى أنّ نحو 7 آلاف مِن قرابة 100 ألف حالة وفاة مرتبطة بالمخدرات، كل عام في الولايات المتحدة، تنطوي على المواد الأفيونية الاصطناعية، وخاصةً الفنتانيل.
يُذكر أنّ حركة "طالبان" الأفغانية قرّرت، في نيسان/أبريل الماضي، حظر زراعة نبات القنّب والإتجار في كافة أنواع المخدرات في مختلف أنحاء البلاد، مؤكّدة في بيان أصدرته، أنّه "إذا خالف أي شخصٍ مرسوم الحظر، سيتم إتلاف المحصول على الفور، وسيتم التعامل مع المخالف وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية".