"بوليتيكو": الموظفون يعانون داخل برلمان "المتنمرين الأوروبي"

تحقيق مُطوّل أجرته صحيفة "بوليتيكو" الأميركية، بشأن حالات عديدة من المضايقة وسوء المعاملة والترهيب الحاصلة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي المُعبّرة عالمياً عن "صورته الديمقراطية"، فماذا كشف التحقيق؟

  • موظفون داخل البرلمان الأوروبي وصفوا تجاربهم مع التنمر والمضايقات المختلفة مِن قِبل المسؤولين بالمريرة والقاسية.
    موظفون داخل البرلمان الأوروبي وصفوا تجاربهم مع التنمّر والمضايقات المختلفة مِن قِبل المسؤولين بالمريرة والقاسية.

كشف تحقيق نشرته صحيفة "بوليتيكو" الأميركية تحت عنوان "داخل برلمان المتنمرين الأوروبي"، عن النطاق الخفي للترهيب وسوء المعاملة الموجود في قلب مؤسسة "ديمقراطية الاتحاد الأوروبي".

وأجرى التحقيق الصحفيان المختصان في الشأن الأوروبي، باربرا موينز، كبيرة المراسلين التجاريين في "بوليتيكو"، والمتخصّصة في مراقبة السياسة البلجيكية، وإيدي واكس، وهو الصحافي الذي يغطي البرلمان الأوروبي للصحيفة.

وتناول التحقيق المُطوّل الذي أجرته الصحيفة فشل سلطات الاتحاد الأوروبي مراراً وتكراراً في حماية ضحايا التنمّر من قبل السياسيين الأقوياء في أوروبا، مؤكّداً أنّ ذلك يحصل وسط ثقافة "لا مبالاة تجاه المضايقات داخل البرلمان الأوروبي".

وأظهرت صورة تمّ تكوينها على مدى أربعة أشهر، بناءً على عشرات المقابلات والوثائق السرية التي حقّقت فيها الصحيفة، نظاماً يعاني من أزمة حقيقية، حيث تُرك صغار الموظفين يُعانون بسبب سنوات من الانتهاكات.

ونقلت الصحيفة عدة شهادات لضحايا، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، وصفوا فيها معاناتهم المتكرّرة من جرّاء المضايقات بأنّهم "ميتون جسدياً ونفسياً"، أو حتى بميولٍ للانتحار، مؤكّدين أنّهم انتظروا عدة أشهر أو أكثر، حتى يتم رفع شكاواهم ومعالجتها، كما شبّه أحدهم تجربة التأخير في الانتظار بـ"سجناء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم".

وأوضح بعض المطّلعين بأنّ نطاق التنمّر داخل المقار الديمقراطية للاتحاد الأوروبي "خارج عن السيطرة"، بينما ذكر آخرون أنّهم تعرّضوا للتحرش الجنسي، كما أفادوا أنّ "التلاعب الفكري" منتشر أيضاً، مُشيرين إلى أنّه في كثير من الأحيان كان "من الأسهل التزام الصمت"، وأنّ بعض الضحايا "نُصحوا بالاستقالة".

وتطرّقت الصحيفة إلى ما أمرت به رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، بإجراء إصلاحٍ داخلي يهدف إلى تحسين عملية التعامل مع ادعاءات التحرش بشكلٍ سريع، لافتةً إلى أنّه بعدما "ذهبت الدعوات المتكررة للإصلاح أدراج الرياح"، فإنّ النشطاء والضحايا وأعضاء البرلمان الأوروبي قلقون الآن من ضياع الفرصة مرة أخرى.

وأعلنت ميتسولا فرض عقوباتٍ على عضوين من أعضاء البرلمان الأوروبي هذا العام لمضايقات نفسية، كما ذكرت أنه يجري حالياً التحقيق مع اثنين آخرَين على الأقل من قبل السلطات البرلمانية.

ولفتت "بوليتيكو" إلى أنّ العدد القليل من القضايا التي تمّ نشرها يمثّل غيضاً من فيض، كما أوضحت أنّها أجرت محادثات مع 37 فرداً لديهم معرفة مباشرة بالمضايقات وعمليات متابعتها، والذين أكّدوا وجود تحيّز في معالجتها لصالح أعضاء البرلمان الأوروبي.

وشدّد التحقيق على أنّ البيانات الموثوقة التي تظهر الحجم الكامل للمشكلة، إما أنّها "غير موجودة أو تظل سرية من قبل السلطات"، وذلك على الرغم من الطلبات المتعددة للحصول على التفاصيل بشأنها.

وأيّد أعضاء البرلمان الأوروبي، الخميس، مطالب بتشديد القواعد وتبسيط إجراءات التعامل مع سوء المعاملة، بما في ذلك التحرش الجنسي والنفسي، لكنّ الصحيفة تساءلت بشأن ما إذا كان سيتبع تلك المطالب "عمل هادف وجدِّي".

وكانت الصورة القاتمة للبرلمان الأوروبي، والتي أظهرتها "بوليتيكو"، كاشفةً بشكلٍ فاضح العمل والخطاب الأوروبي، الذي تجاهل مراراً وتكراراً التحذيرات بأنّ سياسته المناهضة للتحرش غير كافية.

وبحسب الأدلة المقدّمة إلى الصحيفة ضمن تحقيقها، فإنّ السياسة الأوروبية الحالية فشلت في حماية من يخاطرون بالتحدث، كما أنّه في بعض الحالات يتم منع الضحايا من تقديم الشكاوى لحماية صورة البرلمان و"تجنيب أعضائه الإحراج".

اقرأ أيضاً: جدل الحجاب في فرنسا.. عنصرية "العلمانية الأوروبية"

اخترنا لك