بريطانيا: شعبية تراس تتراجع على خلفية إهانتها زعيمة إسكتلندا
حملة ليز تراس للفوز بزعامة حزب المحافظين البريطاني تواجه "أول تهديد جدّي"، بعد اتهامها بإهانة رئيسة الوزراء الإسكتلندية، نيكولا ستورجن.
واجهت حملة ليز تراس للفوز بزعامة حزب المحافظين البريطاني "أول تهديد جدّي"، اليوم الثلاثاء، إذ اضطرت إلى التراجع عن خطة دافعت عنها، وتعرّضت لانتقادات شديدة في إسكتلندا، تزامناً مع تراجع شعبيتها في استطلاعات الرأي.
واتُّهمت وزيرة الخارجية، ليز تراس، بإهانة حكومة أدنبره، بعد أن قالت إنّ رئيسة الوزراء الإسكتلندية، نيكولا ستورجن، تسعى لـ"لفت الأنظار"، عبر المطالبة باستقلال إسكتلندا، وأوصت بــ"تجاهلها".
وندّد الحزب الوطني الإسكتلندي، الذي يطالب باستفتاء ثانٍ على الاستقلال، بالتصريحات التي أدلت بها تراس خلال تجمّع انتخابي للمحافظين في جنوبي غربي بريطانيا، في وقت متأخر أمس الإثنين.
ووصف جون سويني، نائب رئيسة وزراء إسكتلندا ستورجن، تصريحات تراس بأنها "بغيضة"، وتعكس تناقضاً بين نحو 200 ألف عضو في الحزب المحافظ، و2.4 مليون صوت فاز بها الحزب الوطني الإسكتلندي في انتخابات عام 2021 الماضي.
وقال سويني، في حديث إلى قناة BBC، إنّ "نيكولا ستورجن تملك شرعية ديموقراطية أكبر من تلك التي ستحظى بها ليز تراس إذا أصبحت رئيسة للوزراء".
وأضاف: "أعتقد أنّ لا حق ولا أساس إطلاقاً لليز تراس للإدلاء بهذه التصريحات"، مشيراً إلى أنّ "مداخلتها السخيفة والعصبية" تشكل دفاعاً عن ضرورة استقلال إسكتلندا.
بدوره، استبعد وزير المال السابق، ريشي سوناك، خصم تراس في السباق إلى خلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون، إجراء استفتاء ثانٍ بعد أن صوّت الإسكتلنديون، عام 2014، بفارق ضئيل، لمصلحة البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وسبق أن وصف سوناك الاستفتاء بـ"الأولوية الخاطئة في أسوأ توقيت ممكن".
لكن الحزب الوطني الإسكتلندي يشير إلى أنّ "بريكست" (اتفاقية مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي) بدّلت النقاش الدستوري. ويطالب باستفتاء جديد في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ومن المقرر أن تعقد المحكمة العليا في لندن جلسات استماع في 11 و12 تشرين الأول/أكتوبر هذا العام، بشأن إن كان ذلك سيُعَدّ قانونياً من دون موافقة الحكومة البريطانية، التي ستتزعمها تراس أو سوناك بحلول ذلك الوقت.
وقال سوناك، بعد أن حصل على دعم 10 من زملائه الإسكتلنديين المحافظين، إنّ "المحافظة على وحدة المملكة المتحدة تعني مواجهة القومية وهزيمتها في صناديق الاقتراع. أنا الوحيد الذي لديه خطة للقيام بذلك".
تعهدات زائفة أم تضليل متعمد
لكنّ تراس تحظى بدعم أبرز الشخصيات في حكومة جونسون، المنتهية ولايتها، بعد أن تقدّمت بصورة كبيرة في الاستطلاعات بناءً على تعهّدها خفضَ الضرائب فوراً، للتعامل مع أزمة تكاليف المعيشة التي تشهدها بريطانيا.
لكن، في وقت يبدأ أعضاء الحزب المحافظ التصويت عبر البريد والإنترنت، هذا الأسبوع، أظهر استطلاع نشرته "ذي تايمز" أن تراس باتت تتقدم بفارق 5 نقاط فقط، بعد أن كان الفارق أكثر من 20 نقطة (48% في مقابل 43%).
ومن المقرر أن تصدر نتيجة الانتخابات في 5 أيلول/سبتمبر المقبل.
وتصدر عن المرشحَين تعهّدات يومية من أجل تغيير السياسات في محاولة لطي صفحة حكومة جونسون والتعامل مع مخاوف البريطانيين الاقتصادية. ويحاولان أيضاً كسب اليمينيين في صفوف الحزب المحافظ.
وتحدثت تراس عن إنشاء "مجالس لتحديد الأجور" للعاملين في القطاع العام خارج لندن، كبديل عن الأجور الموحدة على الصعيد الوطني.
وأكّدت حملتها أنّ الخطة قد تساعد على توفير 8.8 مليارات جنيه استرليني (10.75 مليارات دولار) سنوياً، إذا شملت "جميع العاملين في القطاع العام، في المدى الطويل".
وأثار ذلك عاصفة انتقادات من المحافظين في مناطق بريطانيا الأكثر فقراً، والذين قالوا إنّ الإشارة إلى جميع الموظفين تشمل الممرضين والمدرسين وعناصر الشرطة، الذين يعانون تداعيات التضخم.
وعلى الرغم من وضوح صيغتها، فإنّ ناطقاً باسم حملة تراس قال، اليوم الثلاثاء، إنّ الخطة كانت ضحية "تضليل متعمّد"، مشيراً إلى عدم وجود أيّ نية في خفض أجور العاملين في القطاع العام، في تراجع تام واضح عن الخطة.
وأعادت تصريحات تراس المرتبطة بستورجن إلى الذاكرة الانتقادات الموجَّهة إليها بشأن افتقارها إلى الحكمة، كما كانت الحال عندما شجّعت البريطانيين على القتال في أوكرانيا لدى بدء العملية الروسية الخاصة.
وأشار كثيرون أيضاً إلى حضور تراس المكثف في وسائل التواصل الاجتماعي، وتذكيرها المتكرر برئيسة الوزراء المحافظة في ثمانينيات القرن الماضي، مارغريت ثاتشر، كما كانت الحال عندما نشرت صورة لنفسها فوق دبابة.
وقال الكاتب المعروف، فيليب بولمان، في تغريدة: "هل يوجد سياسي على الإطلاق، في أي مكان، يُظهر درجة من الإدراك أقل من ليز تراس، عندما وصفت نيكولا ستورجن بأنّها تسعى للفت الأنظار؟".
Has any politician ever, anywhere, shown less self-awareness than Liz Truss calling Nicola Sturgeon 'attention-seeking'?
— Philip Pullman (@PhilipPullman) August 2, 2022
يُذكَر أنّ وزير المالية البريطاني السابق، ريشي سوناك، ووزيرة الخارجية، ليز تراس، تأهّلا في 20 تموز/يوليو الفائت، للجولة النهائية لخلافة رئيس حزب المحافظين المستقيل، بوريس جونسون، بعد أن حصل سوناك على 137 صوتاً في مقابل 113 صوتاً لتراس.