انتخابات البحرين: كيف تضرب القوانين أسس التمثيل الحقيقي للشعب؟
عام 2018 قبيل الانتخابات النيابية، أصدر الملك قانوناً، عزل في إثره نحو 80 ألف عضو في الجمعيات السياسية المنحلّة ("الوفاق" و"العمل الإسلامي" و"وعد") من العملية الانتخابية.
ما يحصل في البحرين في موسم الانتخابات غير مألوف في دول العالم في العصر الحديث، حيث تجهد السلطات من أجل تمرير "العُرس الديمقراطي" الذي يدعى إليه أجانب أيضاً، أمّا المواطنون أصحاب الأرض فمهملون، ومبعدون عن الانتخابات بقرارات ملكية.
استبق الملك البحريني حمد بن عيسى انتخابات 2022، المقرر إجراؤها بعد أيام، فضمن التحكم بكل العملية الانتخابية، من إدارتها إلى الإشراف عليها وجدوَلة قوائم من يحقّ له الترشّح والاقتراع.
هذا التحكّم يظهر بشكل جليّ عند التدقيق بالكتلة الانتخابية في البحرين. في استعادةٍ لأرقام الجولات السابقة، يظهر أن الناخبين عام 2006 كانوا قرابة الـ 295000، فيما وصلوا عام 2010 إلى نحو 318000، وارتفع العدد عام 2014 إلى 349000، حتى أصبح عام 2018 نحو 365000، غير أنه تراجع هذا العام إلى حدود 349000، حسب الإحصاءات الرسمية المُعلنة.
المنطق يقول إن الأرقام الخاصة بالكتلة الانتخابية تزيد نسبياً كلّ 4 سنوات بحكم الطبيعة الديموغرافية، لكن هذه السنة لم تُسجّل هذه الزيادة ليس لخللٍ بشري أو ديموغرافي، بل لأنّ النظام وجد في ارتفاعها ضرراً له. وعليه، جَنَح نحو خيار الإقصاء، فعمل على تعديل الأرقام بما يناسبه ويصب في مصلحته في الصندوق.
عام 2018 قبيل الانتخابات النيابية، أصدر الملك قانوناً عدّل بموجبه المادة الثالثة من المرسوم الخاص بمباشرة الحقوق السياسية، عُزل في إثره نحو 80 ألف عضو في الجمعيات السياسية المنحلّة ("الوفاق" و"العمل الإسلامي" و"وعد") من العملية الانتخابية.
القانون اليوم ما زال سارياً، لكنّ النظام لم يكتف بإبعاد المُعارضين عند هذا الحدّ، إذ أكمل سياسة الإلغاء مع شطْبه هذا العام نحو 37 ألف بحريني من سجّلات الناخبين الذين قاطعوا انتخابات 2018 على الرغم من أن دوافعهم ليست واحدة، إمّا لموقف سياسي، إمّا لمرض، أو لسفر.
عند احتساب حجم الكتلة المعزولة، سيتبيّن أن عوائل الممنوعين من التصويت أيضاً لن تُشارك في يوم الاقتراع، وهذا من البديهيات، بما أن الظلم قد طال ذويهم وهم يتضامنون تلقائياً معهم، ما يعني أن 80 ألف عضو في جمعيات سياسية خارج الصورة، وإذا أضيفت عوائلهم التي ستقاطع حتماً الانتخابات، يتبيّن أن نحو 240 ألف شخص غائبٌ تماماً عن يوم الانتخاب، أمّا المشطوبون فسيرفعون النسبة إلى أكثر من ذلك بالطبع.
عملياً، حذفت السلطة رُبع الناخبين من قوائمها، وهذا يدلّ بلا شكّ على أن هناك خللاً في التمثيل الحقيقي للشعب، أيْ أن العملية برمّتها تفتقد للشفافية والمصداقية، إذا تحدثنا عن القوانين والأعراف الدولية.
ما سلف يؤكد أن النظام يريد اقتلاع الشعب المُخالف لسياسته، لا بل يرقى الفعل إلى مستوى الاجتثاث للمُعارضين. هؤلاء يرون في ذلك استئصالاً قاسياً يتعرّضون له في وطنهم مقابل منح جنسيات لأجانب وأغراب عن الأرض.
* لطيفة الحسيني - صحافية لبنانية