المواقف الدولية حول اليمن.. إدانة الضحية ونصرة الجزار
بعض المواقف والتصريحات الدولية التي تطالب بوقف الحرب تنطوي على انحياز للتحالف السعودي الإماراتي.
سبع سنوات وما زالت المنظومة الدولية تقف إلى جانب "الإرهاب والإجرام" الذي تقوده الرياض وأبو ظبي كقوتي إحتلال في اليمن. مواقف دولية لم تتغير رغم جحيم الحرب العدوانية ضد الشعب اليمني، فما زال النفط الخليجي يتدفق، وأموال صفقات أسلحة الموت مستمرة، وأممٌ متحدة تدين الضحية، وتقف إلى جانب الجزار، ترى ردة الفعل اليمنية في أبو ظبي، ولا ترى ذات الفعل في صنعاء وصعدة والحديدة.
الولايات المتحدة مصممة على الوقوف إلى جانب التحالف السعودي الإماراتي، وتعلن خارجيتها أنها ما زالت متكفّلة بأمن الخليج واستقراره، ولا يزعجها حجم الموت في المدن اليمنية، على الرغم من رفع عنوان إيقاف الحرب على اليمن كجزء من الحملة الانتخابية لجو بايدن.
تعرض اليمن إلى أبشع أنواع المجازر، حيث نفذ التحالف عمليات إبادة جماعية، خصوصاً في الأيام الأخيرة الماضية، واستهدف الأحياء المدنية والبنى التحتية في العاصمة صنعاء وصعدة والحُديدة، بحيث أسفرت غارات جوية شنتها طائراته، عن سقوط أكثر من 65 شهيداً وأكثر من 120 جريحاً، بفعل غارات شُنّت على السجن المركزي في صعدة. وأدّت هذه الغارات إلى انقطاع الإنترنت عن كلّ أنحاء اليمن بعد استهداف "البوابة الدولية للاتصالات والإنترنت"، وهي المزوّد الوحيد للإنترنت في البلاد.
مشهد الأطفال تحت الركام لم يحرك ساكن الدول الكبرى، إنما كان هناك إدانات خجولة وغير كافية من قبلها، فبحسب سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الأمم المتحدة، فإن: قصف المنشآت الصناعية في أبو ظبي يُعتبر إرهاباً، لكنّ قصف المدنيّين في اليمن هو وسيلة عسكرية مشروعة.
يذكر أنه بعد استهداف الإمارات من قبل الجيش واللجان الشعبية، رداً على الاعتداءات المتكررة ودفاعاً عن اليمن، تهافتت الدول من أجل التضامن مع "الركام الإماراتي"، ودعت جامعة الدول العربية إلى اجتماع طارئ بسبب ما وصفته بـ"الهجوم الإرهابي"، والتزمت الصمت حيال الشهداء الذين سقطوا في صعدة والمناطق اليمنية.
ازدواجية التصريحات الدولية ظهرت جلياً بعد ارتكاب التحالف مجزرة في اليمن، حيث دعت الولايات المتحدة، أمس، إلى "وقف التصعيد" في اليمن، متحدّثةً عن سقوط "أكثر من 100 قتيل في الأيّام الأخيرة"، بحسب بيان صادر عن الخارجيّة الأميركيّة، مبررةً في الوقت نفسه غارات العدوان، التي اعتبرت أنها "تأتي بعد أيّام فقط من هجوم الحوثيّين المتعمّد على مدنيّين في أبوظبي". وقبل أيام نددت واشنطن بشدة "الهجوم على أبوظبي"، وأعلنت أنها سوف تعمل من أجل محاسبة حركة أنصار الله اليمنية.
وفي بيان مختصر، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء التصعيد في اليمن، داعياً أطراف النزاع إلى المشاركة في العملية السياسية لإنهاء الصراع. بينما ظهر بشكل واضح إدانة الاتحاد الأوروبي بشدة الهجوم على الإمارات، إضافة إلى المطالبات بإعادة إدراج حركة أنصار الله على قائمة المنظمات الإرهابية.
مجلس الأمن الدولي قال إن الغارات الجوية الأخيرة للتحالف السعودي على اليمن "غير مقبولة، بينما دان المجلس لاحقاً بالإجماع الهجوم الذي شنته حركة "أنصار الله" على الإمارات، واصفاً إياه "عملاً إرهابياً جباناً"، ودعا إلى معاقبة مرتكبيه.
هذه الإدانات الدولية من قبل الأمم المتحدة وواشنطن والاتحاد الأوروبي للهجمات التي نفذها الجيش واللجان الشعبية على مواقع في الإمارات، تضع المعتدي والمعتدى عليه في خانة واحدة، فما يجري حرب أعلنت على اليمن، وليس حرباً في اليمن.
وإذا كان هناك إجماع دولي على ضرورة إنهاء الحرب على اليمن، يسأل المحللون اليوم أين هذا الإجماع من المجازر في صعدة وغيرها؟
رفع التحالف من القائمة الأممية السوداء
في الأعوام السابقة، أثار مقتل الأطفال اليمنيين من جراء قصف التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بصورة مفاجئة، وقرر إدراج هذا التحالف على القائمة السوداء السنوية. حيث كانت حرب اليمن، حسب الأمم المتحدة، هي أكبر كارثة إنسانيّة في العالم حالياً. قبل سنة، قدّرت الأمم المتحدة عدد ضحايا الحرب بربع مليون يمني ويمنيّة. ولكن ماذا حصل بعدها حتى تم رفع التحالف من القائمة الأممية السوداء؟
أثار قرار الأمم المتحدة القاضي برفع اسم التحالف العربي للحرب في اليمن من القائمة السوداء المتعلقة بقتل الأطفال استنكاراً واسعاً وترحيب من التحالف الذي وصفها بـ"العودة إلى الرشد". صحف أجنبية وعربية قالت إنها "خطوة سياسية نتيجة ضغوط وربما رشاوى" وإنها "سقطة أممية قد تشعل الأوضاع أكثر في المنطقة".
محللون قالوا إن "هذا القرار يؤكد اختلال النظام العالمي وهو مؤشر انحدار هذه المنظومة إلى غير رجعة، الأمم المتحدة بقرارها هذا تقر تورطها بدماء اليمنيين ولم تعد سوى منظمة ربحية ملطخة بالعار السيء السمعة بالمال الخليجي". واعتبروا أن "هذا القرار لن يُلغي عن أذهان العالم جرائم العدوان اليومية التي تشاهدها الشعوب بشكل يومي، ولن تسقط جرائم حربهم بالتقادم، ودماء أطفال لا تمحى برشاوى النفط".