المنتدى الصيني العربي... خطوة جديدة نحو التنمية العالمية
يأتي توقيت المنتدى العربي الصيني الجديد في ظل ما تعانيه البيئة العالمية من تغيير واضطراب. ويرى الجانب العربي فيه فرصة من أجل تحقيق جزء كبير من البرامج والأهداف لخطة التنمية المستدامة، عبر إشراكها مع مبادرة التنمية العالمية.
هي خطة للتنمية العالمية، شدد الرئيس الصيني، شي جين بينغ، على ضرورة تحقيقها في الأعوام المقبلة. وضمن الجهود التي تبذلها الخارجية الصينية، إلى جانب المؤسسات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية، ها هي تستكمل خطواتها في عقد المنتديات مع دول العالم، بغيةَ تحقيق هذا الهدف.
أطلقت الخارجية الصينية، بالتعاون مع مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، المنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، في نسخته الثالثة. لا شك في أن إطلاق الدورة الثالثة للمنتدى يؤكد نجاح المنتديَين الأول والثاني، إلّا أن المنتدى الثالث، مع ما طرحه من أفكار وخطوات مستقبلية، يؤكد عزم الصين على المضيّ قُدُماً في تحقيق التنمية العالمية يداً بيد إلى جانب الدول العربية.
لم تكن الصين مَن طرح مبادرة التنمية العالمية فحسب، بل إنّها تعمل على تنفيذ هذه المبادرة أيضاً. لا تنحصر تداعيات التنمية الإيجابية لدى الجانب العربي فحسب، في ظل التعاون العربي الصيني، بل تشمل أيضاً دولاً شرقاً أوسطية أيضاً. يؤكد القائمون في المنتدى أن الهدف الأساس هو بناء الشراكة الإنمائية العالمية المتَّسمة بالوحدة والمساواة والتوازن والمنفعة للجميع.
يأتي توقيت المنتدى العربي الصيني الجديد في ظل ما تعانيه البيئة العالمية من تغيير واضطراب. ويرى الجانب العربي فيه فرصة في تحقيق جزء كبير من البرامج والأهداف لخطة التنمية المستدامة، عبر إشراكها مع مبادرة التنمية العالمية.
من المؤكد أن التنمية والإصلاح يُعدّان من المرتكزات المهمة التي يتوجب على الجميع العمل عليها للارتقاء بالمجتمعات والأفراد، الأمر الذي يساهم في سماع صوت المجتمع لدعم الاستقرار والمحافظة على التنمية المستدامة في المجالات كافة.
التعاون العربي الصيني، من خلال المنتدى الثالث، يدفع قضية التنمية إلى محور الأجندة الدولية، تماشياً مع حاجات الطرفين إلى التنمية والسلام والإصلاح.
تُعَدّ مبادرة "التنمية العالمية"، إلى جانب مبادرة "الحزام والطريق"، ممارسات عملية لمفهوم جديد يعبّر عن المستقبل المشترك للبشرية في مجالَي التعاون والتنمية العالميَّين، إذ توفران، في الآن نفسه، مفاهيم واقعية يمكن الارتكاز عليها لحل المعضلة التي تواجه البشرية.
تكتسب مبادرة التنمية العالمية أهمية كبيرة، لكونها تتطابق مع أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام 2030. وتهدف إلى تحقيق التنمية العالمية الأكثر قوة واخضراراً وصحة.
الطاقة والرقمنة ملفان أساسيان في التعاون العربي الصيني
تحتلّ الطاقة مكانة أساسية في التحركات الاقتصادية وتلك السياسية، على حد سواء، إذ تشكّل الطاقة عاملاً أساسياً تبنى على أثره العلاقات الدولية وتقارب الدول أو حتى تباعدها. وتكتسب الطاقة أهمية كبيرة في معادلة التعاون الصيني العربي.
طرح المنتدى استراتيجيات واضحة قد تشكل عقلنة للعلاقات العربية الصينية. من أبرز الشخصيات التي شاركت في المنتدى الثالث، المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط، تشاي جون، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير خليل الذوادي، إلى جانب عدد من السفراء والشخصيات السياسية والأكاديمية.
بحث المشاركون في تداعيات التغيرات الدولية والصحية على التنمية العالمية، وخصوصاً بعد جائحة كورونا التي شهدها العالم. كما بحثوا في الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية والصين ضمن مشروع الحزام والطريق.
وأكد المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الاوسط، تشاي جون، دعم الصين للدول العربية تحقيقاً للتنمية المشتركة. وأشار إلى أن بلاده اتخذت إجراءات مهمة بغية تحقيق التنمية العالمية، بالتعاون مع الدول العربية. وقدّمت الصين، بحسب جون، 3 مليارات من صندوق الدعم الصيني للدول العربية. وشدّد على مواصلة دعم بكين للدول العربية بقوة لحماية المصالح التنموية.
القضية الفلسطينية كانت حاضرة في المنتدى الصيني العربي بقوة، فلطالما دعمت الصين الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية. وبحث المنتدى أيضاً في سبل التعاون الفلسطيني الصيني بغية تحقيق التكامل والتنمية.
وشدد كل من مدير معهد دراسات غرب آسيا وأفريقيا، ومدير معهد شي جي بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، ورئيس مجلس الإدارة لمركز الدراسات الصيني العربي لللإصلاح والتنمية، رئيس جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، على أهمية التعاون العربي الصيني في مجالات الطاقة النظيفة والصحة والاقتصاد والتكنولوجيا، بسبب ما لها من أهمية في نهضة الدول العربية، وتحقيق الهدف الأساس، ألا وهو التنمية العالمية المدفوعة بالابتكار.
تتّخذ مبادرة التنمية العالمية الاقتصادَ الرقمي والترابطَ والتواصل في العصر الرقمي مجالاتٍ رئيسةً للتعاون، الأمر الذي يتماشى مع متطلبات العصر وحاجات الدول العربية الطويلة الأجل للاقتصاد الرقمي، وسيصبح التكامل بين تكنولوجيا المعلومات والصناعات التقليدية نمطاً جديداً للتعاون الابتكاري بين الصين والدول العربية.
تُعَدّ التنمية المدفوعة بالابتكار الطريقة الجديدة والقوة الدافعة الجديدة للتعاون الصيني العربي، والمفتاح لمساعدة الدول العربية على بناء القدرات، والاتجاه المهم للتعاون الصيني العربي في تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق".
منتديات عالمية... والهدف معالجة الاختلال التنموي
تحدّد مبادرة التنمية العالمية، التي تعمل الصين على تحقيقها، خريطة الطريق لتضييق الفجوة بين الجنوب والشمال، ومعالجة الاختلال التنموي. كما أنها تسعى لتنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ومن هنا تنطلق الصين في المشاركة في التكنولوجيا وأبرز ما توصلت إليه من تقنيات جديدة، بغية تقاسم فرص التنمية مع جميع الدول. وتعمل بخطوات ملموسة على ضخ "الحكمة الصينية" في مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
لا شكّ في أن مبادرة التنمية العالمية تشكل توافقاً استراتيجياً جديداً بين الجانبين العربي والصيني، ومضموناً جديداً لتعزيز المواءمة بين الاستراتيجيات الإنمائية للجانبين، الأمر الذي يساعد على زيادة التأثير والصوت للجانبين في مجال التنمية، ويكتسب الإلحاح والدلالات الواقعية المهمة. وهنا، لا بد للدول العربية التوّاقة إلى استكمال مسيرتها في التنمية والنهوض، من أن تعدّ مبادرة التنمية العالمية الشاملة فرصة مهمة لفتح آفاق متجددة للاستفادة والتفاعل مع التجربة الصينية الرائدة في التنميتين الاقتصادية والاجتماعية.