المشهد | "أوبك +" تهدّد.. ماذا وراء الضغوط الأميركية لزيادة إنتاج النفط؟
تشعر إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بقلق عميق إزاء ارتفاع أسعار البنزين في أميركا والضغوط التضخمية، بحيث يحاول البيت الأبيض الضغط على السعودية والإمارات ودول أخرى في منظمة "أوبك +" لضخ مزيد من النفط.
قال مندوبون في تحالف "أوبك +"، الذي تقوده السعودية وروسيا، إنّ المجموعة قد تلغي خطط زيادة إنتاج النفط، في حال استجابة الدول الكبرى المستهلكة للنفط لدعوة واشنطن إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي لديها من أجل زيادة المعروض النفطي بهدف خفض الأسعار.
وتشعر إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بقلق عميق إزاء ارتفاع أسعار البنزين في أميركا والضغوط التضخمية. وعلى غرار نهج كل الإدارات الأميركية السابقة، ألقت إدارة بايدن اللائمة على منظمة "أوبك +"، وحاول البيت الأبيض الضغط على السعودية والإمارات ودول أخرى في المنظمة من أحل ضخ مزيد من النفط.
وتجاهلت دول تحالف "أوبك +" ضغوط الرئيس الأميركي، ثم قامت بتأكيد خططها لإضافة 400 ألف برميل إضافية يومياً إلى السوق حتى كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وردت الولايات المتحدة بالتهديد بـ"إجراءات" قالت إنها "كفيلة بخفض أسعار النفط"، حيث دعت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية إلى الانضمام إلى جهد منسَّق للإفراج عن احتياطياتها النفطية، وهي الدعوة التي يبدو أنها تجد قبولاً.
بين السطور
تكشف قضية أسعار النفط العالمية عمق الأزمة بين السعودية والولايات المتحدة، إذ تركز أغلبية المواقف الأميركية على تحميل الرياض مسؤولية عدم استجابة "أوبك +" لمطالب زيادة الإنتاج. واعتبر مسؤول أميركي أنّ "التنسيق الدولي سيكون أكثر فعالية، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بإرسال رسالة إلى السعوديين".
وحذرت إدارة بايدن طوال أسابيع السعودية من أن الولايات المتحدة ستجد حلولاً بديلة إذا تجاوز سعر النفط الخام 85 دولاراً للبرميل. وبناءً على ذلك، اعتبر مسؤولون أميركيون أن "رفض السعودية زيادة الإنتاج كان أمراً خاطئاً"، وأنه مرتبط باحتمال أن تتوصل إدارة بايدن إلى اتفاق نووي مع إيران أكثر من كونه متعلقاً بأسعار النفط، في حد ذاتها.
إلاّ أن دول تحالف "أوبك +" مرتاحة إلى أسعار النفط الحالية. وبناءً على هذه الأسعار، فإن اقتصادات هذه الدول تتعافى بعد أكثر من 6 سنوات من الانخفاض النسبي في أسعار النفط.
وتعتزم إدارة بايدن، من خلال هذه الخطوة والتنسيق الدولي المتوقَّع، تقويضَ سيطرة "أوبك +" على السوق، علماً بأنها تخاطر إلى حد كبير بطرح جزء من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط في السوق، لأن الهدف من هذه المخزونات الاستراتيجية هو الاستجابة لاضطرابات الإمدادات الرئيسة خلال الكوارث الطبيعية.
تجدر الإشارة إلى أن استخدام الاحتياطي الاستراتيجي لا يمثّل حلاً في المدى البعيد، وإن كان يمثّل حلاً سريعاً لضبط الأسواق في المدى القصير. وقد يزيد انخفاض الاحتياطيات الاستراتيجية في المخاوف بشأن انخفاض المخزونات التي توفر حاجزاً أمام أي كوارث مستقبلية.
وتأتي الخطوة الأميركية على وقع ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بنسبة 6.2 % خلال عام واحد، في أعلى مستوى له منذ عام 1990، بينما تستمر معاناة المستهلكين الأميركيين مع ارتفاع متوسط سعر البنزين في محطات الطاقة، ووصول سعر الغالون إلى متوسط مقداره 3.76 دولارات، بعد أن كان 2.11 دولار قبل عام واحد.
ويؤثّر ارتفاع أسعار النفط، على نحو كبير، في شعبية الرئيس بايدن وحساباته السياسية الداخلية، في ظل تراجع نسبة الرضا على أدائه إلى أقل من 50 % في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى اقتراب موعد انتخابات الكونغرس النصفية، والتي يخشى الديمقراطيون خسارتها.
ما هو المقبل؟
إطلاق البراميل من احتياطيات الطوارئ ليس حلاً طويل الأجل، لأنه لا يحل عدم التوافق الأساسي بين العرض والطلب، كما يقول الخبراء، بينما تحتوي احتياطيات الطوارئ على كمية محدودة من النفط. وعادةً، يتم رصد هذه البراميل من أجل صدمات العرض، وليس الطلب المتزايد من الانتعاش الاقتصادي. وبناءً على ذلك، فإن الأزمة مرشَّحة للتصاعد، ومعها يبدو أن التوتر الأميركي السعودي، بخصوص هذا الملف، سيستمرّ.