"العملات المشفرة" سلاح الديمقراطيين في الانتخابات.. كيف استُغِل في أوكرانيا؟
مع احتفاظ الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، شكوك يطرحها الجمهوريون حول احتمالية أنّ تكون كييف استخدمت الدعم الأميركي المقدم للحرب في"FTX" لمساعدة الديمقراطيين في الانتخابات النصفية.
مع انجلاء غبار الانتخابات الأميركية النصفية، التي جاءت عكس التقديرات والتقارير الإعلامية والتي رجّحت فوز ساحقاً للجمهوريين، تطفو على السطح قضية جديدة، تتخطى مزاعم "التزوير" التي روّج لها أنصار ترامب، مفادها الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا والذي "يحتمل أنّ تكون كييف استخدمت جزءاً منه في "FTX" لمساعدة الديمقراطيين على البقاء في السلطة في الولايات المتحدة".
وتتحدث مجموعة من الجمهوريين في رسالة وجّهت إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكين، عن كيف استفاد الديمقراطيون من "العملات المشفرة" خلال الحرب الأوكرانية.
بعد أيام قليلة من وعد الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم مليارات الدولارات كمساعدات إلى كييف، أطلقت حكومة أوكرانيا موقعاً إلكترونياً لجمع التبرعات بالشراكة مع "FTX" في آذار/مارس الماضي. فاصل زمني قصير بين الوعد والإطلاق، أثار الشكوك لدى الجمهوريين من إمكانية أن تستثمر هذه الأموال التي تم جنيها من دافعي الضرائب للمساعدة في خوض الحرب في بورصة العملات المشفرة FTX، والتي قدّمت بعد ذلك تبرعات ضخمة للديمقراطيين الأميركيين خلال انتخابات التجديد النصفي لعام 2022".
لذلك طالب المشرعون بلينكين بتقديم تقرير عمّا إذا كانت وزارة الخارجية تحقق في استثمارات أوكرانيا المحتملة في تبادل "العملات المشفّرة"، وما إذا كانت إدارة بايدن تعتزم التدقيق في المساعدة المخصصة إلى أوكرانيا.
"العملات المشفّرة" سلاح ذو حدين
منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في 24 شباط/ فبراير، تلقت كييف كثيراً من الدعم العالمي بدءاً من الأسلحة إلى الجنود والمتطوعين، لكنّها لجأت أيضاً إلى طريقة أقل وضوحاً لتلقي المساعدات، وتمكنت من جمع أكثر من 100 مليون دولار من التبرعات بالعملة المشفرة لأغراض الإغاثة الإنسانية والدفاع. وعلى الرغم من أنّها ليست الدولة الأولى التي تتلقى مساعدات بالعملات المشفرة في وقت الحاجة، إلا أنّ حجم المساعدة التي تلقتها لا مثيل له.
التبرّعات بالعملات المشفّرة لأوكرانيا لم تنحصر بصندوق الإغاثة الذي تلقى من منصّة تداول العملات المشفّرة الشهيرة "باينانس" (Binance) ما يفوق 10 ملايين دولار. فمع استمرار الحرب، تشارك الأوكران مع آخرين حول العالم، عناوين محافظهم المشفّرة، طالبين التبرّع تحت عناوين عسكرية مباشرة معبأة بالحملة الإعلامية ضدّ روسيا.
ودخلت البلاد أيضاً في شراكة مع FTX لتحويل مساهمات العملات الرقمية إلى نقود، لإيداعها في البنك الوطني الأوكراني. وعقدت FTX وKuna وEverstake شراكة مع مسؤولي الحكومة الأوكرانية لإطلاق موقع تبرعات للمستخدمين.
وقد قدمت الحكومات والمؤسسات مثل صندوق النقد الدولي مليارات الدولارات كمساعدات لأوكرانيا. ووافقت أمريكا وحدها على تمويل طارئ بقيمة 13.6 مليار دولار في آذار/ مارس الماضي.
الدعم الأميركي اللامحدود لكييف على الصعيد الاقتصادي والعسكري والذي تجاوز لـ18 مليار دولار، ووصف بأكبر دعم أميركي لدولة أخرى، طرح العديد من علامات الاستفهام لدى الجمهوريين، الذين شنوا هجوماً لاذعاً حول كيفية إدارة بايدن للملف الأوكراني.
وفي برامجهم الانتخابية، كان قطع الدعم عن أوكرانيا أو تقنينه، أحد أبرز الملفات التي تمّ طرحها، من هنا لم يتفاجأ الكثيرون من تحذير زعيم الجمهوريين في مجلس النواب كيفين مكارثي، من أنّ حزبه لن يكتب "شيكاً على بياض" لأوكرانيا إذا فازوا بالسيطرة على مجلس النواب العام المقبل.وبناء على ما تقدم، تبرز المصلحة الأوكرانية في سيطرة الديمقراطيين على الكونغرس الأميركي.
وبعد أن أصبحت "العملات المشفرة" أحد الأسلحة البارزة التي تعتمد عليها أوكرانيا في تمويل الجيش وسد الاحتياجات الضروري، باتت تشكّل ركيزة أساسية يعتمد عليها الحزب الديمقراطي في حملته الانتخابية.
ووفقاً لبيانات منظمة "أوبن سكريت" غير الربحية، فقد تمّ جمع حوالى 2.3 مليار دولار بشكل عام خلال هذه الدورة الانتخابات الأميركية النصفية.
وكشفت البيانات، قيام سام بانكمان فرايد، الرئيس التنفيذي المستقيل لشركة FTX، بإنفاق ما يقرب من 39.8 مليون دولار، معظمها صرف على الديمقراطيين، مما جعله سادس أكبر مانح سياسي فردي.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة فاينانشيال تايمز في وقت سابق مقالًا بعنوان "سقوط سام بانكمان فرايد يقطع مصدرًا كبيرًا للأموال للديمقراطيين الأميركيين".
وفي المحصّلة، فإنّ السخاء الأميركي في دعم أوكرانيا، يحمل وجهان، أولهما، تطويق روسيا ومحاولة شطبها كقوّة مؤثرة على الساحة الدولية، وثانيهما، استثمار الحرب لأهداف داخلية بهدف التأثير على الناخب الأميركي، وضمان فوز حزب دون آخر.