الحركة الطلابية في الأردن.. نضال مستمر ضد التطبيع واتفاقياته
الحركة الطلابية الأردنية تؤكد رفضها كل أشكال التطبيع، وتعتبر نفسها في سعي مستمر لـ"إسقاط الاتفاقيات التطبيعية".
يعيش الأردن غضباً طلابياً مستمراً منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، نتيجة أسباب متعددة، توزّعت بين السياسة والاقتصاد، وصولاً إلى تحسين الظروف التعليمية في الجامعات.
تتركّز الدوافع السياسية للاحتجاجات، في أغلبية الأحيان، على رفض الشبّان الأردنيين موقف السلطة الحاكمة من كيان الاحتلال الإسرائيلي. وتصاعدت حدة الرفض الطلابي بسبب توقيع الأردن اتفاقية "وادي عربة" التطبيعية عام 1994، لتشكل ذروة الحركة الطلابية السياسية، والتي بدأت مع توقيع مصر اتفاقية "كامب دايفد" عام 1978.
لذا، فإن التظاهرات والاحتجاجات الطلابية، الرافضة لـ"اتفاقية الغاز" بين الأردن والاحتلال عام 2014، كانت تعبيراً طبيعياً عن المسار التاريخي داخل الجامعات الأردنية، لتأتي بعدها الاحتجاجات الأخيرة التي انطلقت من الجامعات الأردنية ضد اتفاقية "المياه والكهرباء" ضمن هذا السياق، وكتعبير واضح ومستمر عن رفض القوى الطلابية الأردنية كلَّ أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
ويعتبر التنوع الفكري جزءاً أساسياً من قوة العمل الطلابي في الجامعات الأردنية، وقدرة طلابها على التعاون بعيداً عن أي اختلاف فكري، ما دامت الفكرة التي يُجْمعون عليها هي مواجهة التطبيع.
الحركة الطلابية ترفض كل أشكال التطبيع
تشدّد الحركة الطلابية على "رفضها كل أشكال التطبيع"، وتأييدها جميع الحركات التحررية المواجهة للاحتلال، ودعمها الطبيعي لمقاومته، ورفضها مواقف الأنظمة الرسمية التي "لا تعبّر عن رأي الشارع"، بحسب وجهة نظرها.
عاشت الحركة الطلابية… عاش نضال الطلبة #التطبيع_خيانة #التجديد pic.twitter.com/zqzkNwwaDA
— التجديد - الجامعة الأردنية (@tajdeed_ju) November 29, 2021
مسؤول كتلة "التجديد العربية" في جامعة "البولتكنك"، محمد العورتاني، قال في حديثٍ إلى الميادين نت، إن الحركة الطلابية الأردنية تؤدّي دوراً محورياً في توجيه الأنظار إلى "القضية العربية المركزية فلسطين"، مضيفاً أنها "تقوم بصورة مستمرة في فعاليات متعددة، بينها فعاليات مناهضة التطبيع".
وشدّد العورتاني على دور الحركة الطلابية "الأبرز" في مواجهة "محاولات الزجّ بالأردن في معاهدات واتفاقيات تطبيعية"، مشيراً إلى أن الحركة في سعي مستمر لـ"إسقاط هذه الاتفاقيات، بدءاً بوادي عربة واتفاقية الغاز، حتى توقيع اتفاقية الطاقة، او إعلان النيّات، كما يسمى بين الأردن والكيان".
وأشار العورتاني إلى "مشاركة الحركة الطلابية في الوقفات والاعتصامات التي تنظّمها الحركة الوطنية الأردنية والأحزاب، على مستوى الأردن"، قائلاً إن "الحركة الطلابية تعيد الحياة إلى الحركة الشعبية. فبعد إعلان اتفاقية الطاقة، نَظّمت الحركة الطلابية عدداً من الوقفات الاحتجاجية في عدة جامعات، وتصدّرت الحركة الطلابية المشهد، ورأينا الحراك الرافض للاتفاقية يمتدّ ويتَسع ليعم كل مناطق الوطن".
وأوضح العورتاني أن الحركة الطلابية تعاني التضييق في أغلبية الجامعات الرسمية، و"تُمنَع القوى الطلابية من العمل داخل الجامعات، أو من نشر أفكارها وتوجهاتها الفكرية"، مضيفاً أن التضييق لا يقتصر على المنع، وإنما "تنص الأنظمة والتعليمات، في أغلبية الجامعات، على معاقبة أيّ طالب ينتمي إلى حزب أو حركة، ويعمل باسمها داخل الجامعة".
وقال العورتاني إن هناك عدداً من الصِّدامات مع إدارات الجامعات، وصدرت عقوبات "وصلت إلى حدّ الفصل من الجامعة بحق طلبة حزبيين وناشطين في الحركة الطلابية". وبشأن معاناة الناشطين الطلابيين والحزبيين، لفت العورتاني إلى أنه تتم ملاحقتهم "خارج جامعاتهم، واعتقالهم من جانب دائرة المخابرات".
#الحرية_لأنس_الجمل #الحرية_لمعتقلي_الرأي #freeprincehamzah#التطبيع_خيانة #الحريه_لكل_المعتقلين#ملكية_دستورية pic.twitter.com/23vbfXXk6W
— YARA (@YarahYarah) November 29, 2021
وأضاف مسؤول كتلة "التجديد العربية" أنه، خلال الحراك الأخير الذي قام به الطلاب في الجامعات "ضد اتفاقية الطاقة مع الكيان، تم استدعاء مجموعة من الناشطين الطلابيين، وعُقِدت لجان تحقيق لهم بسبب مشاركتهم في الوقفات". وتمّ أيضاً "اعتقال مجموعة من طلبة الجامعات على خلفية التجمهر ضد الاتفاقية، وجرى إيداعهم السجونَ".
واعتبر العورتاني أنه "نتيجة للتضييق، وبسبب الضعف العام الذي تعانيه الأحزاب على المستوى الوطني، ووجود قانون انتخابات برلمانية لا يخدم التعددية الحزبية"، يُعَدّ الانخراط في الحركة الطلابية من "أفضل التجارب التي تُضفي كثيراً على الشخصية، وتزيد في الوعي بشأن واقع البلد والقضايا العربية".
محاولات متعدّدة لـ"إدخال التطبيع في البيئة الجامعية"
علياء راشد، من الجامعة الأردنية، تحدثت إلى الميادين عما تُوجده الحركة الطلابية من وعيٍ تراكمي، حتى تصل إلى مرحلة تكون فيها "صانعة قرار عَبْر الرفض والتصدي لكل أشكال التطبيع".
من مشاركتنا في السلسلة البشرية الرافضة لاتفاقية "الطاقة مقابل المياه" التي أقيمت اليوم في شارع المكتبة.#التطبيع_خيانة #ماء_العدو_احتلال #التجديد pic.twitter.com/AU0cr2tvJk
— التجديد - الجامعة الأردنية (@tajdeed_ju) November 28, 2021
راشد، التي شاركت في الاحتجاجات الأخيرة، أشارت إلى عدة محاولات "من أجل إدخال التطبيع في البيئة الجامعية، وجعله أمراً واقعاً"، بينما تواجه الحركة الطلابية الأردنية هذا الأمر من خلال تمسكها بـ"الموقف الحر الذي يشدد على أن العداء للكيان الصهيوني ليس فقط بسبب ارتباطنا بالقضية الفلسطينية، التي هي جوهر التحرُّر، بل أيضاً نتيجة إدراكنا أننا جزء من الاستهدافات الصهيونية"، وفق راشد.
وقالت إن الحركة الطلابية، على مرّ التاريخ، أثبتت تكاتفها، واصطفافها الدائم إلى جانب "أهم القضايا الوطنية الرافضة للصفقات التطبيعية مع الكيان الصهيوني".
واعتبرت راشد أن مواقف الحركة الطلابية "أكثر وضوحاً" و"أعلى صوتاً" من أغلبية النُّخَب السياسية في البلاد، قائلةً إن محرِّكي معظم "الحركات الوطنية الرافضة للصفقات التطبيعية مع الكيان الصهيوني، مثل صفقة الغاز وصفقة المياه مؤخراً، هم طلاب جامعات".
وتحدَّثت راشد أيضاً عن محاولة ما وصفته بـ"اغتيال الحركة الطلابية من جانب أصحاب القرار في الجامعات"، أو محاولة تسيير الحركة الطلابية على "هوى إدارات الجامعات والموقف السياسي الرسمي".
ورأت راشد أن أغلبية الجامعات "تمتلك عقلية أمنية تتناقض مع خطابات تمكين الشباب". وتُترجَم هذه العقلية "عبر السلوك الذي يُمارَس ضد القوى الطلابية" من منع الوقفات السلمية التي تقيمها القوى، أو من خلال استدعاء الطلاب إلى لجان التحقيق، الأمر الذي له دور في صنع "هاجس خوف" يؤدي إلى "تنفير الشبّان الجامعيين من العمل الطلابي والمشاركة السياسية".
وأكدت راشد ضرورة أن يكون الطلاب "جزءاً من المشروع النضالي"، والمتمثل بـ"الحركة الطلابية الوطنية، والتي تتمّ محاولة طمسها، وأن يجري إحلال مؤسسات المجتمع المدني، أو برامج لسفارات خارجية، محلّها".
وشدّدت الطالبة في الجامعة الأردنية على أن الحركات الطلابية في الأردن "تقف في صف الحركات التحررية"، معتبرةً "أننا الفئة الأكثر استعداداً للتضحية، مع الاستعداد التام والكامل لمواجهة أي محاولة تطبيع أكاديمية في الجامعات وخارجها".
دور "لجان القدس"
الشابّ جهاد أبو السكر، الذي اعتقله الأمن الأردنية خلال الاحتجاجات الطلابية الأخيرة، تحدّث إلى الميادين نت عن دور "لجان القدس" داخل الحرم الجامعي وخارجه، قائلاً إنه "لا تخلو جامعة أردنية من لجنة قدس مختصة بالقضية الفلسطينية".
أمّا أدوار اللجنة فمتنوعة، وفق أبو السكر، منها "التثقيف والاحتجاجات"، وتصل إلى مواجهات مع الأمن خارج الحرم الجامعي، وخصوصاً في الوقفات المناهضة للتطبيع.
استهداف الشباب وتخويفهم ما بزيدهم إلا إصرار وحب للأرض والشعب الحر.#الحرية_لأنس_الجمل#التطبيع_خيانة#ماء_العدو_احتلال#غاز_العدو_احتلال
— Husam Al-Nuaimi (@Husaming) November 29, 2021
وأضاف أبو السكر أن الحركة الطلابية وُجِدت من أجل أن "تكسر الحاجز النفسي لفكرة السجن والأمن الطلابي خارج أسوار الجامعة"، مشيراً إلى أن "الطلاب لا يخشون فكرة الاعتقال الإدراي أو التوقيف، نتيجة الغطاء الذي توفّره الحركة الطلابية لهم، وهذا ما يصنع قادة مستقبليّين".
انتصرت مطالب الحركة الطلابية ونالوا زملاؤنا الأبطال حرياتهم!
— التجديد - الجامعة الأردنية (@tajdeed_ju) November 27, 2021
نفتخر بهم ونفتخر بأصواتهم العالية التي رفضت وسترفض دائماً التطبيع.
ونطالب بالإفراج الفوري عن باقي المعتقلين.#التجديد#الحرية_لمعتقلي_الرأي pic.twitter.com/YB5qO5Vlms
وضغطت القوى الطلابية الأردنية على السلطات، من خلال احتجاجاتها، للإفراج عن الطلبة المعتقلين بسبب مشاركتهم في الوقفات الاحتجاجية المناهضة لاتفاقية "الطاقة في مقابل المياه".
واستقبلت القوى الطلابية الشبّان الطلاب المفرج عنهم في أثناء قيامها بسلسلة بشرية رافضة للاتفاقية ذاتها، موضحة إيمانها بـ"عدالة قضيتها الوطنية"، وفخرها بـ"الأصوات التي رفضت وسترفض التطبيع".
ويُعتبر تشديد القوى الطلابية الأردنية على أن التحركات الطلابية المستمرة هي التي "تدفع الحكومة إلى التراجع عن هذه الاتفاقية"، دليلاً واضحاً على ثقة تلك القوى بقدراتها على إحداث تغيير في السياسات المتَّبَعة داخل الحكومة. وبينما تواصل الحركة الطلابية نضالها، وفق ما هو متاح، فإنها تعطي إشارة مهمة جداً إلى المستقبل السياسي في الأردن.