إثيوبيا: وسط عقبات سياسية وعسكرية.. أبيي أحمد يمهد الطريق للتفاوض مع تيغراي
رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد يواجه تحديات أمنية واقتصادية وللمرة الأولى يمهد الطريق علناً أمام إجراء مفاوضات مع قوات إقليم تيغراي.
للمرة الأولى منذ بدء النزاع في إقليم تيغراي، مهّد رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد الطريق علناً أمام إجراء مفاوضات، نظراً للظروف الأمنية والاقتصادية والإنسانية في إثيوبيا، مع المخاطرة بإثارة عداء حلفائه السابقين.
ومنذ الهدنة المعلنة في آذار/مارس وتوقف إطلاق النار في إقليم تيغراي، تدرك الحكومة الإثيوبية وقوات "جبهة تحرير شعب تيغراي" أن "تحقيق انتصار عسكري مستحيل لكن الوضع الراهن لا يناسب أحداً".
محلل شؤون شرق إفريقيا في شركة "فيريسك ميبلكروفت" البريطانية للاستشارات المتعلّقة بتقييم الأخطار بن هانتر قال لوكالة "فرانس برس" إنّ عملية التفاوض هذه هي "نتيجة أشهر طويلة من المأزق الذي لم يترك لأي من الطرفين خياراً مرضياً".
أما أويت ويلدمايكل، الخبير في شؤون القرن الإفريقي في جامعة كوينز (كندا) أوضح للوكالة أنّ "من جانب جبهة تحرير شعب تيغراي، فإن الوضع الإنساني الكارثي في تيغراي بحد ذاته يجعل (الوضع الراهن) غير قابل للاستمرار".
وفي شهر نيسان/أبريل استؤنفت القوافل الإنسانية إلى تيغراي، لكن المساعدات المقدمة، بحسب الأمم المتحدة، غير كافية، والمنطقة التي استعادتها "جبهة تحرير شعب تيغراي" خلال العام 2021، ما زالت محرومة من الكهرباء والاتصالات والخدمات المصرفية والوقود.
الحرب هي في قلب الكارثة الاقتصادية الحالية
على الصعيد الاقتصادي سجّل التضخم في أثيوبيا رقماً قياسياً جديداً في أيار/مايو (37,2 %، و43,9 % للسلع الغذائية وحدها)، بينما ينفد الاحتياطي من العملات الأجنبية.
وأشار أويت ويلدمايكل إلى أنّ "الحرب هي في قلب الكارثة الاقتصادية الحالية" مع الكلفة الحقيقية وفقدان الإنتاجية و"تردد العديد من الشركاء الدوليين (...) في ضخ العملات التي تحتاج إليها البلاد، في ظل اقتصاد دمرته الحرب".
واعتبر بن هانتر أنّ "هامش المناورة المتاحة أمام أبيي يتقلص بسبب تصاعد النزاع في أورومو" التي ينحدر منها، وهي الأكثر اكتظاظًا بالسكان والأكبر في الجيسبلاد.
استياء الحلفاء في أمهرة
في الوقت نفسه، يواجه رئيس الوزراء أيضاً استياءً متزايداً في أمهرة، ثاني أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان والواقعة على حدود تيغراي.
ولا تنظر قوات "فانو" المحلية التي ساندت الجيش الفدرالي في تيغراي والقوات الخاصة لأمهرة، بعين الرضا إلى عزوف رئيس الوزراء عن سحق "جبهة تحرير شعب تيغراي"، وتعتبران أنه "يريد الآن تحقيق السلام على حسابهما".
أحد مؤسسي جمعية أمهرة الأميركية ومقرها الولايات المتحدة تيودروز تيرفي، قال لوكالة "فرانس برس" إنّ "المفاوضات الجارية في الكواليس (...) بين جبهة تحرير شعب تيغراي وأبيي لا تأخذ في الحسبان (...) مخاوف قوميي أمهرة".
وتنبع المخاوف الرئيسية من منطقتي ولكيت ورايا اللتين تطالب بها أمهرة منذ ضمتهما "جبهة تحرير شعب تيغراي" عندما استولت على السلطة عام 1991.
ونبّه إلى أن هاتين المنطقتين اللتين أصبحتا تحت سيطرة أمهرة بفضل النزاع تشكلان "خطاً أحمر لقوميي أمهرة" وأن ميليشيا فانو مستعدة ل"محاربة" أبيي إذا تم تجاوزه، بينما تشترط جبهة تحرير شعب تيغراي العودة إلى الوضع السائد قبل النزاع لأي حل للأزمة.
ويفسر هذا الاستياء في أمهرة، على حد قوله، تنفيذ آلاف عمليات التوقيف منذ منتصف أيار/مايو في المنطقة، منشقون ومجرمون، بحسب الحكومة، "أصوات مختلفة"، مثل عناصر من ميليشيا فانو أو معارضين أو صحافيين أو جامعيين، بحسب تيرفي.
تحديات رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد
ويشكّل إرضاء "جبهة تحرير شعب تيغراي" دون إغضاب حلفائه أو تهديد سلطته فجوة كبيرة بالنسبة إلى أبيي.
واعتبرت "جبهة تحرير شعب تيغراي" أن منطقة غرب تيغراي التي تسيطر حالياً القوات الإريترية وقوات أمهرة "جزء غير قابل للتفاوض من تيغراي".
إلا أنّ أبيي "سيواجه صعوبة في إقناع قوميي أمهرة بالتخلي عن السيطرة على غرب تيغراي لأنهم يعتقدون أنها تاريخياً أرض أمهرة"، كما أكّد بن هانتر.
كما يهدد منح "جبهة تحرير شعب تيغراي" الاستقلال السياسي الواسع الذي تطالب به بإثارة مطالب مماثلة من مناطق أخرى وإضعاف سلطة أبيي.
كذلك أشار ويلدمايكل إلى أنّ "أبيي يواجه الأخطار نفسها التي يواجهها أي شخص يبدأ نزاعاً مع فريق، لكنه يحاول بعد ذلك من جانب واحد تحقيق السلام مع الخصم".
واعتبر أنّه "سيكون من الأفضل إذا حاول إقناع جميع حلفائه بالتفاوض مع جبهة تحرير شعب تيغراي، بدلًا من الذهاب بمفرده".