أيّ معايير تغطّي حملات القمع السعودية والبحرينية للحريات؟

الأحكام التعسفية في دول الخليج تزداد، على الرغم من ادعائها الانفتاح، وتفاخر البعض الآخر بالفوز باستضافة سلسلة من الأحداث الرياضية الكبرى، إلا أنّ الناشطين الخليجيين يصفون محاكم معتقلي الرأي "بالفاشية".

  • أيّ معايير تغطّي حملات القمع السعودية والبحرينية للحريات؟
    أيّ معايير تغطّي حملات القمع السعودية والبحرينية للحريات؟

تشهد السعودية والبحرين اعتقالات جماعية لأصحاب الرأي والمفكرين والناشطين، ومحاكمات شكلية وأحكاماً جائرة منذ زمن، إلا أنّ السؤال هو أي أجندات تغطي ممارسات تلك الأنظمة، وتسمح لها بمزيد من التوغل على حساب رأي شعوبها؟ 

آخر هذه القضايا ما حكمت به محكمة سعودية، الاثنين، وقضى بسجن 10 مصريين من النوبة، مدّة تصل بعضها إلى 18 عاماً، لمحاولتهم تنظيم فعالية لإحياء ذكرى حرب تشرين الأول/أكتوبر عام 1973 في العاصمة السعودية الرياض قبل ثلاثة أعوام، على ما أفاد به قريبان للمتهمين. يأتي ذلك بعدما أُحيل المصريون الـ10 في جلسة محاكمة خامسة إلى المقاضاة أمام المحكمة الجزائية المختصة في الرياض.

المحكمة التي تتهمها منظمة العفو الدولية بأنها تُستخدم "منذ عام 2011 بصورة ممنهجة لمقاضاة الأشخاص بناءً على تهم مبهمة، غالباً ما تساوي بين النشاطات السياسية السلمية والجرائم المرتبطة بالإرهاب". 

وسبق ذلك إفراج السعودية أخيراً عن الإيراني خليل دردمند، الذي اعتقلته بسبب صورة الشهيد قاسم سليماني، ووصل إلى إيران بعد اعتقاله 80 يوماً في السعودية. 

القصص كثيرة وسردها لا يسعه تقرير واحد، فإضافة إلى ما سبق، أفادت تقارير حقوقية في أيلول/سبتمبر الماضي، بأنّ "محكمة سعودية قضت، في آب/أغسطس الماضي، بسجن شخصين من قبيلة الحويطات 50 عاماً"، ذاكرةً أنّ السبب كان "معارضتهما الترحيل القسري من منزليهما نتيجة تنفيذ مشروع نيوم".

أيّ أجندات تغطي ممارسات تلك الأنظمة؟

الانتهاكات في السعودية هذه، تتقاطع مع سجلّ البحرين في انتهاكات حقوق الإنسان، فلماذا تستثنى تلك الأنظمة من المحاسبة على القمع الموثق بحسب المنظمات الدولية، وهل يجري التغاضي عمداً عن سلوك الأجهزة الأمنية في التعذيب وسلب الحريات؟

هذا التغاضي الدولي، عبّرت عنه منظمة العفو الدوليةاليوم، مؤكدة أنّه لا ينبغي السماح لبلدان مجلس التعاون الخليجي، بأن تُغطّي على سجلها في الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من خلال استضافتها سلسلة من الأحداث الرياضية الكبرى. وذلك قبيل انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم بإشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) في قطر، وسباق جائزة أبو ظبي الكبرى (الفورمولا 1) في الإمارات العربية المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، وفوز السعودية حديثاً بحقوق استضافة دورة الألعاب الشتوية الآسيوية لعام 2029.

في وقت لا يزال نحو 75 شخصاً يقبع في السجون في أربع دول على الأقل من دول مجلس التعاون هي: السعودية وقطر والبحرين والإمارات، بحسب منظمة العفو، بسبب ممارسة حقّهم في حرية التعبير أو تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها أو حقهم في التجمع السلمي، مشيرةً إلى أنّ هذه الحصيلة "لا تعكس النطاق الكامل لهذه الاعتقالات والملاحقات القضائية".

ففي الرياض، يمكن أن يحدث الاعتقال بمجرد محاولة تنظيم ندوة للاحتفال بذكرى حرب السادس من أكتوبر مثلاً، أو بزعم نشر أخبار كاذبة وتنظيم تجمع من دون ترخيص. أو بسبب الدعوة إلى تحرير المسجد الأقصى، كما حدث في نيسان/أبريل الماضي، حينما اعتقلت الاستخبارات السعودية في مدينة مكة المكرمة معتمراً فلسطينياً، لأنّه دعا الله أن يحرّر المسجد الأقصى، في حين ردّ المعتمرون خلفه: "آمين"، في تهمة تعدُّ سابقة من هذا النوع.

وفي سياق متصل، كشف ناصر نجل الداعية السعودي عوض القرني المعتقل في الرياض جانباً من المحاكمات الصورية والزنزانات الضيقة، التي تشهد تعذيباً للمعتقلين ومعاملة سيئة ووحشية.

أما في البحرين، فأصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، تقريراً مشتركاً أكدت فيه أنّ المحاكم البحرينية دانت متهمين وحكمت عليهم بالإعدام، بعد "محاكمات جائرة متهمة المحاكم البحرينية" بأنّها تنتهك بشكل منهجي حقوق المدعى عليهم في الحصول على محاكمات عادلة.

وأعربت منظمة "ADHRB"، الأربعاء الماضي، عن قلقها من "الانتقام الذي يتعرّض له السجناء السياسيون في المنامة، من مضايقات وسوء معاملة، نتيجة معتقداتهم"، وفي مداخلة تحت البند التاسع في مجلس حقوق الإنسان بدورته الـ51، طالبت المنظمة بالتحقيق في سوء المعاملة التي تعرّض لها الشيخ البحريني عبد الجليل المقداد في سجون البحرين.

ووفقاً لتقرير جمعية الوفاق البحرينية الوفاق، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال التعسفي في شهر شباط/فبراير فقط، 28، من ضمنهم امرأة، و3 أطفال، و12 حالة استدعاء، إضافة إلى إخفاء 2 من المعتقلين قسريّاً.

كثيرة هي الأمثال والمواقف التي تعرض لها الناشطون في السعودية والبحرين، لكن الأمر المؤكد، هو أنّه لا إجراءات من الجهات الدولية لردع القمع في هذين البلدين الخليجين، على الرغم من إدانات منظمات حقوق الإنسان لها، فلماذا نشهد هذا السكوت الدولي، وهل من ازواجية في المعايير؟

وعلى الرغم من "الانفتاح الكبير" الذي حدث في الرياض، لا يزال عشرات المعارضين والناشطين السعوديين رهن الاحتجاز يواجهون مع غيرهم محاكمات جائرة بتهم مرتبطة بانتقادهم العلني للحكومة أو العمل الحقوقي السلمي.

وقد ازدادت في الآونة الأخيرة الاعتقالات والمضايقات من قبل السلطات السعودية، إذ تبلغ المنظمات الحقوقية عن ممارسة التعذيب بحق معتقلي الرأي داخل السجون، والحجز على أسر وعوائل المعارضين السعوديين الهاربين خارج المملكة. 

يصف كثير من الناشطين السعوديين محاكم معتقلي الرأي في الممكلة "بالفاشية"، ويؤكدون أن لا إجراءات من الجهات الدولية ستقمع هذه التجاوزات، على الرغم من إدانات المنظمات الحقوقية، عازين ذلك إلى وحدة معايير مزدوجة تتحكم بسياسات العالم بحسب "المصالح". 

اخترنا لك