أطفال فلسطين يكتبون وصاياهم مبكراً.. عن 17 حلماً منذ بداية 2023

الميادين نت تجري مقابلة مع أم الشهيد آدم عياد ابن مخيم الدهيشة الذي استهدفه جنود الاحتلال الإسرائيلي بالرصاص الحي، واستشهد بتاريخ 3/1/2023، وتسلط الضوء على متحف الشهداء الأطفال في فلسطين.

  • أطفال فلسطين يكتبون وصاياهم مبكراً.. عن 17 حلماً منذ بداية 2023

اغتالت "إسرائيل" حلم 17 طفلاً فلسطينياً منذ بداية عام 2023، ووصل عدد الشهداء الأطفال منذ عام 2000 إلى 2259 طفلاً فلسطينياً، بحسب الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال فرع فلسطين.

تستهدف "إسرائيل" الأطفال الفلسطينيين منذ عام 1948، في حين أيدّ وحرّض ديفيد بن غوريون في مذكّراته على قتل النساء والأطفال الفلسطينيين، وفي الوقت ذاته منح بن غوريون مكافأة لكل امرأة يهودية تلد طفلها العاشر، وهذه الحوافز كانت بيد الحركة اليهودية وليست بيد حكومة الاحتلال، لضمان استثناء الفلسطينيين من ذلك.

استخدمت "إسرائيل" الأطفال دروعاً بشرية خلال الانتفاضة الثانية وما تلاها من صعود للمقاومة، كإجبار الأطفال على السير أمام جنود الاحتلال خلال المواجهات والاشتباكات مع المقاومين وأثناء اقتحام المنازل بحثاً عن المقاومين.

إن المشهد في فلسطين يعبرّ عن بنية الاستعمار العرقية في استهداف الطفولة الفلسطينية، ومع ارتفاع أعداد الشهداء الأطفال ومرور خبر استشهادهم كنبأ عاجل وسريع، يتطلّب جهداً جماعياً ووطنياً فلسطينياً وعربياً لترسيخ قصصهم وأحلامهم كي لا يصبحوا في عداد الأرقام كما أراد قاتل أحلامهم.

اقرأ أيضاً: مركز فلسطيني: 865 حالة اعتقال لأطفال قاصرين خلال عام 2022

وعلى مدار 30 عاماً، وثّقت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال اعتداءات الاحتلال على الأطفال، وخلال مقابلة أجريت مع مدير الحركة العالمية خالد قزمار بأنّ "هناك استهدافاً واضحاً للأطفال وغالبية الإصابات قاتلة وتستهدف المنطقة العلوية من الجسد".

وأضاف خالد قزمار بأنّ الحركة العالمية للدفاع تقوم بمتابعة حالات الاعتداء على الأطفال على المستوى القانوني وتقدّمها إلى المؤسسات المختصة بالشأن النفسي والاجتماعي.

وأشار إلى أن الحركة العالمية بدورها تتوجّه إلى محكمة الجنايات الدولية في محاولة لتحقيق العدالة للضحايا ومحاسبة المجرمين.

الشهيد آدم عياد.. ربيع مخيم الدهيشة المفقود

استشهد ابن مخيم الدهيشة الطفل آدم عياد وهو ابن والدته الوحيد، بعد أن استهدفته قوات الاحتلال بالرصاص ليرتقي شهيداً بتاريخ 3/1/2023، ليترك خلفه المخبز الصغير الذي كان يعمل فيه وأحلامه التي ظلت عالقة لتصبح ذكريات مؤلمة تطرق قلب أمه.

وقالت والدة الشهيد الطفل آدم عياد (16 ربيعاً)، للميادين نت خلال مقابلة أُجريت معها، بأنها تلقّت خبر إصابة نجلها الطفل فجر الثالث من كانون الثاني/يناير عبر زوجة شقيقها، ولكن بعد أن ذهبت إلى مستشفى بيت جالا الحكومي، عرفت باستشهاد ابنها.

وأردفت قائلة في وصف ابنها الشهيد: "آدم بحبني وبخاف عليّ وربيته 16 سنة، كان يظل يرقص ويمزح". وأشارت إلى أن آدم عاش برفقتها ورفقة عائلتها منذ أن كان عمره 3 سنوات حتى أصبح عمره 16 ربيعاً. وأضافت، بأنّ "علاقة آدم مع أصدقائه والعائلة قوية وقد كتب وصيته قبيل استشهاده وأوصى أصدقاءه أن يعتنوا بوالدته".

وكان الشهيد الطفل آدم عياد قد كتب وصيته قبيل استشهاده، وقد كان استشهاده خلال اقتحام جنود الاحتلال مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم. وجاء في وصية الشهيد "أنا كان نفسي أشياء كثيرة أعملها بس إحنا ببلد مستحيل تحقّق حلمك فيها وأنا مبسوط كثير إنو ربنا حققلي حلم من أحلامي وهو الشهادة".

"متحف الشهداء الأطفال"

الميادين نت أجرت مقابلة مع المصوّر والباحث الفلسطيني أسامة السلوادي، للحديث عن مشروع توثيق قصص الشهداء الأطفال وتخليد ذكراهم.

وقال المصوّر والباحث الفلسطيني أسامة السلوادي، للميادين نت، بأن مشروع توثيق قصص الشهداء الأطفال يأخذ طابع المتحف المتنقّل ويأتي ضمن سلسلة من الكتب تبدأ بالأطفال ثم النساء وأخيراً الشهداء المقاتلين، ويعتمد المشروع على تصوير متعلّقات الأطفال والجانب الإنساني لكل شهيد.

وأضاف السلوادي بأنّ الفكرة جاءت للتركيز على قصص الأطفال الشهداء المهمّشة، وبداية المشروع كانت بإنشاء متحف حقيقي متنقّل يضم مقتنيات الأطفال، مثل الكتب والدفاتر المدرسية ومذكّراتهم الخاصة وملابسهم. ولكن خوفاً من اعتداء الاحتلال على هذه المعارض تم نقل الفكرة لتطبّق بشكل صوريّ ضمن كتاب يؤرّخ ذكراهم.

وأردف قائلاً: "عندما بدأت المقابلات بشكلٍ مُباشر مع أهالي الشهداء الأطفال، لاحظت أنّ عائلاتهم تذكرهم بشكلٍ مُستمر ومتواصل لتظلّ قصصهم حيّة وتقاوم النسيان".

وأشار إلى أنّ "المقابلات التي أجراها مع عائلات الشهداء كانت مؤلمة وتحديداً قصص الأطفال الذين احتجزوا في ثلاجات الاحتلال وسلّموا لعائلاتهم قوالب ثلجية".

وأضاف قائلاً "في كل بيت فلسطيني يوجد شهيد، والعائلات تحافظ على ذكر سيرتهم الشخصية والنضالية لتنتقل إلى الأجيال الراهنة والقادمة".

ولفت إلى أنه "بعد مقابلة عائلات الشهداء الأطفال وجدت بأن كل طفل لديه الروح القتالية وقد عبّر بعضهم عن ذلك من خلال مذكّراتهم على الدفاتر المدرسية". وأضاف أن بعض الشهداء كان لديهم الشعور المسبّق بالاستشهاد. 

وأضاف السلوادي بأنّ "أهمية توثيق حياة الأطفال الشهداء هي نقلها للأجيال القادمة وإيصال صوتنا للعالم، واستخدام قصصهم للمحاكمات الدولية والضغط على إسرائيل".

وأكد أن المشروع يأتي تضامناً مع العائلات التي تواصل النضال بعد فقدان أطفالهم، مضيفاً "الطفل شجرة زرعتها العائلة لتثمر والاحتلال قتلها".

واستطاع المصوّر الصحافي أسامة السلوادي التغلغل وكسب ثقة عائلات الشهداء الأطفال، لسيرته العملية والمهنية والوطنية، ولم يجد صعوبة في التنقّل بين عائلة وأُخرى وسماع قصصهم ورواياتهم.

وقال: لقد سهّل اسمي العمل بين أهالي الشهداء، كما وأنهم يريدون إبقاء قصص أطفالهم حيّة فيما لا يؤدي الإعلام الرسمي وغير رسمي هذا الدور في إبقاء الذاكرة متصلة للأجيال القادمة، مضيفاً بأنّ الشهداء أصبحوا أرقاماً وأخباراً عاجلة وترحل عن الشاشة في حال استجدّ خبر جديد يسقط خبر الشهيد.

ومن الجدير ذكره بأنّ المصوّر الصحافي أسامة السلوادي، هو موثّق للتراث وباحث وقاصٍ صوريّ، وقد عمل مع وكالات أنباء عالمية خلال الانتفاضة الثانية قبل أن يتعرّض للإصابة ويتحوّل عمله إلى التوثيق البصري.

إنّ جهد المصوّر الصحافي والباحث أسامة السلوادي فرديّ وغير جماعيّ وبحاجة إلى التكيّف على المستوى الوطني والجماهيري والرسمي لتخليدّ أحلام الشهداء الأطفال ولإنصافهم حتى بعد الاستشهاد.

اقرأ أيضاً: أطفال من جنين: الاحتلال قتل أصدقاءنا وخنق أحلامنا

اخترنا لك