أسرى فلسطينيون في مواجهة الاعتقال الإداريّ: نعم للإضراب.. لا للخضوع

يحاول الأسرى الفلسطينيون انتزاع حقوقهم بأنفسهم، ويواجه اليوم 17 أسيراً في سجون الاحتلال أوضاعاً صحية متردية بعد إضرابهم عن الطعام، احتجاجاً على الاعتقال الإداري من دون توجيه اتّهام.

  • الأسرى الفلسطينيون في مواجهة الاحتلال.. نعم للإضراب لا للخضوع
    الاعتقال الإداري هو سَجنٌ من دون توجيه لائحة اتهام

يواجه الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي أقسى أنواع التعذيب. فعلى الرغم من الاعتقال الإداري بحقهم، فإن المعطيات تشير إلى أنه لا يوجد في السجون أدنى مقوّمات احترام حقوق الإنسان، وخصوصاً بسبب الأساليب التي يعتمدها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين.

الاعتقال الإداري هو سَجنٌ من دون توجيه لائحة اتهام، ويمتدّ 6 شهور، قابلة للتمديد. ففي الوقت الذي يُعِدّ المعتقل نفسه لانتهاء فترة اعتقاله، والعودة إلى أهله، تقوم إدارة المعتَقل بتمديد مدة اعتقاله فترةً ثانية تصل أحياناً إلى نحو 14 مرة متتالية.

يحاول الأسرى انتزاع حقوقهم بأنفسهم، ويواجه اليوم 17 أسيراً في سجون الاحتلال أوضاعاً صحية متردية بعد إضرابهم عن الطعام، احتجاجاً على الاعتقال الإداري، من دون توجيه اتهام. وبينهم الأسير رأفت الدراويش، المعيل الوحيد لعائلته، والذي يعاني أوضاعاً اقتصادية صعبة، وتضمّ عائلته أفراداً من ذوي الاحتياجات الخاصة.  

يُذكَر أن الاحتلال الإسرائيلي أطلق، منذ أسابيع، سراح الأسير الغضنفر أبو عطوان، بعد 65 يوماً من إضرابه عن الطعام، بحيث ساءت حالته الصحية خلال الأيام الأخيرة من سَجنه، وهذا ما حدث أيضاً مع الأسيرين المحرَّرين ماهر الأخرس وخضر عدنان. والسؤال المهم: كيف تحوّل إضراب الأسرى عن الطعام إلى آداة ضغط على الاحتلال الإسرائيلي؟

الغضنفر انتصر بأمعائه الخاوية

في هذا الصدد، قالت الناشطة في شؤون الأسرى بنازير أبو عطوان للميادين، وهي شقية الأسير الغضنفر، إن "الأسير الغضنفر أبو عطوان انتصر بأمعائه الخاوية على الاعتقال الإداري، بعد خوضه إضراباً مفتوحاً عن الطعام طوال 65 يوماً"، مشيرةً إلى أن "تجربة الغضنفر كانت صعبة جداً، لكنه اليوم في صحة جيدة".

وبشأن المعاناة التي عاشتها عائلة الأسير خلال فترة إضرابه، لفتت بنازير إلى أن "عائلتنا دخلت موجةَ إحباط وفقدان أمل. وكانت تمرّ علينا فترات لا يعلم بها إلا الله"، مضيفةً "خلال هذه الفترة كنا فعلياً نشارك أخي في الإضراب، لأننا فقدنا شهية الطعام بسبب تدهور حالته".

وقالت أبو عطوان إن "الموضوع بدأ يأخذ منحىً آخر بعد تجميد الاعتقال الإداري بحقه"، مشيرةً إلى أن "هذا التجميد لا يُلغي الاعتقال الإداري، بل هو التفاف حول إلغائه، ويتم خلاله رفع القيود عن الأسير، وتغيير معاملته، من أسير إلى مريض مدني".

وأكدت أن "استخبارات سجون الاحتلال تنتظر دائماً أن يفك الأسير إضرابه، أو أن يتحرك خارج الغرفة من أجل إلغاء الصلاحيات الممنوحة له، ليعود بعدها إلى السجن"، موضحةً أنه "كان في إمكاني وضع أخي في كرسيّ متحرّك لأخذه في جولة خارج المستشفى، لكنني لم أفعل ذلك، حتى لا يعود إلى السجن مجدداً".

وكشفت شقيقة الأسير المحرَّر أن "الغضنفر كان تحت المراقبة المشدَّدة، ونحن نعلم بأن غرفته كانت مراقَبة صوتياً ومرئياً"، مشيرةً إلى أنه "انتصر على المحتل اليوم، بفضل صموده بأمعائه الخاوية، وقال كلمته: لا للخضوع، نعم للإضراب". 

الأسرى يدعمون بعضهم بعضاً 

في غضون ذلك، قالت أبو عطوان إن الغضنفر، في إضرابه عن الطعام، ساند الأسير المريض إياد حريبات، "الذي كان يواجه وضعاً صعباً جداً، نتيجة تدهور حالته الصحية".

يُذكر أن عائلة الأسير الفلسطيني إياد حريبات ناشدت المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية والمحلية، الحفاظَ على حياة ابنها، عبر إبقائه في مستشفى "سوروكا" الإسرائيلي، وعدم نقله إلى سجن الرملة بعد أن "تدهورت حالته الصحية إلى درجة أنه قد يُستشهد في أيّ لحظة".

وأضافت الناشطة في شؤون الأسرى أن "مشهد الأسير يساند أسيراً آخر يمثّل قوة وتحدياً في وجه الاحتلال الإسرائيلي".

وقالت إن "عائلتها وجَّهت رسالة إلى كل الأسرى المضربين، مَفادها أن يكونوا في هبّة موحَّدة يداً بيد وغير مسيَّسة، بل جامعة لكل الأطياف، وذلك من أجل كسر الحكم الإداري الذي يمارسه الاحتلال"، مؤكدةً "قلنا لهم دعوا صوت الأمعاء تقُلْ كلمتها في وجه المحتل".

رأفت المعيل الوحيد لعائلته يعاني الاعتقال الإداري

وأشارت أبو عطوان إلى أن 17 أسيراً لبّوا هذه الدعوة منذ 18 يوماً تقريباً، لافتةً إلى أن أحد هؤلاء الأسرى يدعى رأفت الدراويش، وهو مضرب عن الطعام بسبب تقاعس الاحتلال بشأن قضيته. 

ولفتت إلى أن الأسر الدراويش "وضعه إنساني إلى أبعد الحدود، نظراً إلى أنه المعيل الوحيد لعائلته، التي تضمّ أفراداً من ذوي الاحتياجات الخاصة، صُماً وبُكماً".

وتكمل الناشطة أبو عطوان، متحدثةً عن معاناته، وتقول إن "مراد الدرويشي، وهو أخو الأسير رأفت، موجود في مستشفى الخليل الحكومي، ويعاني حالة صحية صعبة جداً وميؤوساً منها، كما قال الطبيب. ولرأفت الحق في إلقاء نظرة الوداع إلى أخيه"، في إشارة إلى أن الاحتلال يمنعه من رؤية أخيه المريض.

إلى ذلك، شدّدت أبو عطوان على ضرورة تسليط الضوء على قضية الأسير رأفت ومعاناته، نظراً إلى وضعه الصعب للغاية، صحياً وإنسانياً واقتصادياً"، معتبرةً انه "إذا تم الترتيب لحملة واضحة في وجه الاحتلال، فهذا الإضراب سيحقق أهدافه، بكل تأكيد".

وارتفع عدد الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى 17 أسيراً، منهم 16 رفضاً لاعتقالهم الإداريّ، وانضم إلى الإضراب منذ أربعة أيام في زنازين سجن "النقب" الأسيرُ يوسف العامر من مخيم جنين.

يُشار إلى أنّ نحو 40 أسيراً نفّذوا إضرابات عن الطعام منذ مطلع العام الجاريّ، كان أطولُها إضرابَي الأسيرين المحرَّرين ماهر الأخرس والغضنفر أبو عطوان، وآخرها إضراب الأسير محمد الزغير. وجلّها كانت رفضاً لسياسة الاعتقال الإداريّ، علماً بأن عدد الأسرى الإداريين بلغ حتّى نهاية شهر حزيران/يونيو الماضي نحو 540.

اخترنا لك