كورونا والتبعات النفسية: الخوف تضاعف وإيجاد التوازن أمر ضروري

يساهم فيروس كورونا والإجراءات الوقائية الناجمة عنه، في إخضاعنا لضغط نفسي، ينبغي تجنّبه من خلال سلوكيات تعزز قيّم التواصل والتماسك الاجتماعي.

  • كورونا والتبعات النفسية: الخوف تضاعف وإيجاد التوازن أمر ضروري
    يجب أن  يبحث المريض عن التوازن من خلال القيام بنشاطات أخرى داخل المنزل 

بات الحديث عن فيروس كورونا الشاغل الأكبر والموضوع الذي يحتل الصدارة في مواقع التواصل الاجتماعي، وفي نشرات الأخبار، وحتى في النقاشات العائلية وبين الأصدقاء.

قلق يتزايد يوماً بعد يوم، ليتحوّل أحياناً لدى الكثيرين إلى هلع وخوف، فما أن بدأ الحديث عن تفشي فيروس كورونا وزيادة إعداد المصابين في تونس، حتى ساد القلق والخوف ، لما يحمله   من مخاطر على الصحة.

سرعة انتشار العدوى والخوف من نقلها إلى أحد أفراد العائلة، خاصة كبار السن ممن يعانون من أمراض مزمنة زاد الطين بِلة ورفع منسوب الخوف... تساؤلات تدور في أذهان كل من تتحدث إليه بخصوص كورونا: ماذا لو كنت السبب لا قدرّ الله في نشر العدوى بين أفراد عائلتي، أخشى على أبي الطاعن في السن فهو قد لا يستطيع مقاومة هذا الفيروس، أخشى على أمي التي تعاني ضغط الدم والسكر.. جملٌ كثيرة أصبحت تتردد على مسامعنا. والخوف بلغ ذروته والرعب أطبق على الأنفاس. 

في هذا السياق يقول الأخصائي في علم النفس الدكتور وحيد قوبعة في تصريح للميادين، إن الخوف الذي انتاب التونسيين نتيجة انتشار فيروس كورونا تضاعف كثيراً بالمقارنة مع الخوف الذي انتابهم إبان ثورة 14 كانون الثاني/ يناير 2011، إنه الخوف من الموت ومن فقدان عزيز على القلب.

سألت الميادين نت إذا كان الإنسان العادي يشعر بهذا الخوف والرعب من انتشار الفيروس، فماذا إذاً عن مصابي الأمراض النفسية ممن يعانون القلق والاكتئاب والوسواس القهري، يجيب الدكتور قوبعة، "إن الالتزام بالحجر الصحي الشامل وما رافقه من تغيرات في نظام العمل والدراسة وغيرها، من شأنه أن يزيد في حدّة أعراض الاكتئاب لدى المرضى النفسيين، داعياً إلى ضرورة أن يبحث المريض عن التوازن من خلال القيام بنشاطات أخرى داخل المنزل، كالتحدّث إلى الأصدقاء عبر الهاتف أو"السكايب"، والمطالعة، والقيام ببعض التمارين الرياضية في المنزل.

ودعا الدكتور قوبعة إلى ضرورة أن ينسج الأشخاص الأصحاء على هذا المنوال، مشيراً إلى أن التحدث إلى الأصدقاء عبر الهاتف أو الجلوس برفقة العائلة، من شأنه أن يخلق ديناميكية جديدة ويبعث الطمأنينة في النفوس، ويساعد الشخص على تجاوز القلق أو التوتر.

من جهة ثانية، نبّه الدكتور الأهل من ترك الأبناء خلال فترة الحجر الصحي الشامل عرضة للانزواء، من خلال اللعب أوقات طويلة بالهاتف أو الحاسوب أو الجلوس لمشاهدة التلفاز، مشدداً على ضرورة أن تتنوع نشاطات الطفل، كأن يطالع القصص ويلهو مع إخوته ويجتمع بأفراد العائلة، حتى لا ينعكس ذلك سلباً على وضعه النفسي، كأن يصاب مثلا بالتوّحد.

وفي السياق، أكد الدكتور قوبعة أن الخوف من شأنه أن يرفع ضغط الدم والسكري، وهو ما يفرض، في نظره، ضرورة البحث عن التوازن والتأقلم مع الوضع، وقبول فكرة المرض والموت مع الالتزام بالنصائح الوقائية.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد المرضى النفسيين ارتفع في تونس بعد الثورة، إذّ تؤكد آخر الاحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة سنة 2017، أن حوالى 100 ألف مريض نفسي زار مستشفى الأمراض العقلية في تونس سنة 2017، وأن 30% من التونسيين يعانون من الاضطراب النفسي، فيما يعاني 40% من المرضى من أمراض عضوية ناجمة عن مشاكل نفسية، مثل آلام الظهر والرأس واضطرابات الجهاز الهضمي، والتي تصنّف ضمن حالات القلق والاكتئاب.

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.