عدوى القمل في المدارس .. نصائح للوقاية والعلاج
فتحت المدارس أبوابها من جديد لاستقبال طُلاب العلم , وبدأت مخاوف الأهالي من مواجهة مشكلة قديمة ولكنها لازالت حاضرة. هي مشكلة العدوى بسبب حشرة صغيرة سريعة الإنتشار في الرأس تتغذى على دم الرأس المُضيف وتسبب له الحكاك عند حركتها .. إنها القملة !
أولاً يجب أن نُطمئن الأهل بأن الأمر لا يحتاج إلى كل هذا الهلع , فعندما تأتينا الأم إلى الصيدليّة لتطلب علاجاً لأحد أبنائها فإننا نشعر وكأن حالة من الإستنفار والذعر تنتاب الأم والعائلة بجميع أفرادها. تقول إحدى السيدات أنها ما إن رأت هذه الحشرة الرمادية اللون على رأس ابنها حتى شعرت بالخوف وجاءت مسرعة إلى الصيدلية لتفادي انتقال عدوى الحشرة إلى باقي الأخوة في المنزل . وبدأت بالإستفسار عن العلاج وطرق الوقاية السليمة لباقي أفراد الأسرة أو التلاميذ الزملاء في صف إبنها المدرسي .
نعم سيدتي , الإحتياط واجب والعلاج يجب أن يبدأ بسرعة . لكن لنجاح العلاج لابد من لمحة سريعة للتعريف عن حشرة القملة , بالتحديد قملة الرأس .
هي حشرة طفيليّة بحجم حبة السمسم , هناك أنواع عديدة منها إلا أننا سنركّز على النوع الذي يُفضّل التطفّل على رأس الإنسان بشكل عام وبالأخص الأطفال والفتيات ذوات الشعر الطويل. تتغذى هذه الحشرة على دم الرأس المُضيف . تعيش القملة في العادة 35 يوماً , في منتصف هذه المدة تكون القملةُ قد وصلت لمرحلة البلوغ فتقوم بزرع البيوض بالقرب من قاعدة الرأس والتي ستفقس على رأس المضيف (فيخرج الصئبان الأبيض) الذي بدوره يبدأ يتغذى بمص الدم من الرأس ويتحول للّون البني المُحمر ثم للقملة الكبيرة ذات اللون الرمادي وبعد ذلك تبدأ دورة حياة جديدة .
تتكاثر هذه الحشرة بسرعة مما يجعل التخلّص منها مهمّة مرهقة نفسياً . تنتقل القملة من شخص إلى آخر عن طريق ملامسة الشخص المٌضيف مباشرةً أو ربما استخدام أدواته الشخصية كالنوم على وسادته أو استخدام فرشاة شعره أو تبادل الملابس . تعد القملة أيضاً ناقلاً لبعض الأمراض ومن أشهرها وأخطرها مرض ( التّيفوس ) وأنواع أخرى من الحُمى . تنتنشر حشرة القمل بين التلاميذ وحتى بين المساجين حيث لا يكون هناك مراعاة لشروط النظافة الشخصية ولا لشروط نظافة مكان الإقامة .
أعراض العدوى بها
حكاك شديد في الرأس ( كامل الرأس ) مع تهيّج وإحمرار جلدي لفروة الرأس والرقبة وربما الكتفين يترافق مع ظُهور بعض الحبوب الصغيرة الحمراء أو النتوءات نتيجة عضّ الحشرة للجلد لتمتصّ الدم , قد يشعر الشخص أيضاً بحركة القملة على جلدة رأسه خصوصاً عندما تتكاثر ويزداد عددها .
علاج القمل يمر بعدّة مراحل :
المرحلة الأولى: هي محاولة قتل جميع حشرات القمل المتطفّلة على رأس الطفل وربما بعض البيض العالق على فروة الرأس بالإستعانة بأدوية متوفرة في الصيدلية ولا تحتاج لوصفة طبّية, سيُساعدك الصيدلي باختيار العلاج المناسب وسيُعلمك بإرشادات إستعمال العلاج.
بعد 10 أيام من العلاج , ستفقس البُيوض المتبقّية والملتصقة على جلدة الرأس والتي لم تكن قد ماتت في مرحلة العلاج الأول , لذلك سنكررّ الخطوة الأولى لنمنع الحشرات الجديدة من وضع البيوض مجدداً على جلدة الرأس.
المرحلة الثانية: محاولة إزالة القمل الميت وبعض البيوض بعد كل استخدام للدواء . المشط السميك أوما يسمى بمشط القمل مهم جداً. على الأم أو الشخص المساعد القيام بتقسيم شعر الرأس ( خصوصاً شعر الفتيات ) إلى خُصل صغيرة وتمشيطها بالمشط حتى نهاية الخُصلة للتمكّن من سحب القمل والبيض من الشعر عندما تعلق بالمشط. من الممكن أيضاً إضافة خيط وذلك بتمريره بين أسنان المشط لتعلق به حشرات القمل الميتة أو حتى التي لازالت حية. مما يساهم في تسريع العلاج.
المرحلة الثالثة عبارة عن إجراءات وقائية داخل المنزل . يجب المحافظة على نظافة الرأس باستخدام مستحضرات وقائية وهي أيضاً متوفرة في الصيدليات . وعلى الأم تخصيص الأغراض بشكل شخصي لكل فرد في العائلة وذلك بجعل المنشفة وفرشاة الشعر والوسادة خاصّة لكل فرد , كما يُنصح بغسل ملاءات الأسرّة والوسادات بالماء الساخن لضمان قتل الحشرات التي انتقلت من الرأس إليها.
ولا بد من إجراء تفتيش دوري في بداية العام الدراسي لفروة الرأس للتأكد من عدم إنتقال العدوى لرأس إبنك أو ابنتك من أحد تلاميذ المدرسة وبالتالي تدارك المشكلة وحلها باكراً . أما بالنسبة للفتيات , فيجب ربط شعر الفتاة عند الذهاب للمدرسة كإجراء وقائي .
إحتياطات يجب إتخاذها خلال إستخدام دواء القمل
· دواء القمل مستحضر كيميائي على شكل شامبو أو رذاذ يرش على شعر الرأس . إحذر من دخول هذه المواد للعينين .
· هذا المستحضر مخصّص لعمر السنتين وما فوق .
· إقرأ التعليمات دائماً قبل إستخدام المستحضر.فهذه المركبات يتم تطويرها باستمرار بسبب مقاومة أجيال القمل الجديدة لها .
· إستشر الصيدلي قبل اتخاذ أي خطوة علاجية تجهل طريقتها أو نتائجها .
· استمر بالعلاج لمدة أسبوعين لضمان الفعالية.
· على السيدة الحامل إستشارة الصيدلي قبل تطبيق العلاج على رأس الطفل , فهناك علاجات تؤثر على صحة الجنين .
· من الممكن الإستعانة بمصدر للهواء الساخن ( السشوار ) وتوجيهه على الشعر حيث يساهم الهواء الساخن في تجفيف البيوض وقتل الأجنّة بداخلها.
· الإستعانة بالمكنسة الكهربائية في تنظيف الأثاث والمفروشات يساهم في التقليل من فرصة العدوى بين أفراد العائلة .
· يجب إبلاغ إدارة المدرسة بوجود تلميذ مصاب بحشرة القمل حتى يتسنى للإدارة إجراء خطوات وقائية لباقي تلامذة الصف .
· احرصوا على عدم إحراج الطفل الحامل للحشرة أمام أصدقائه لكي لا يشعر بخيبة أمل أو الحاجة للّجوء إلى الإنعزال والإنطواء .
·الحرص على النظافة الشخصية يعد من أهم الإجراءات الوقائية والعلاجية.
للتوضيح:
علاج القمل لا يحتاج إلى الإستعانة بطبيب الأطفال أو طبيب جلدي إلا بحال إستمرار وجود الحشرة لوقت طويل على جلدة الرأس والتأخر في تلقي العلاج مما قد يسبّب تشقّق وجروح في جلدة الرأس . حينها يجب عليك مراجعة الطبيب لتلقي العلاج المناسب .
يحب القمل أن يعيش على جلدة رأس نظيفة وناعمة ليستطيع التغذي منها بسهولة , لذلك وعند حدوث العدوى لا داعي لعيش حالة من الأزمة النفسية والإعتقاد بأن أفراد المنزل يفتقدون لعامل النظافة الشخصية , سارعوا بالعلاج لمنع تفشي العدوى فهذه الحشرة ليست خطيرة إلا إن تركناها تتكاثر دون رادع دوائي .
يبدو أن حل مشكلة عدوى حشرة القمل في دول العالم الثالث مازال صعباً نتيجة الظروف الراهنة والتي تفرض على بعض العائلات الإنتقال من مكان لآخر لا تتوفر فيه مصادر المياه . وهذا يعني أن احتمال العدوى بهذه الحشرة في المدارس والحضانات قد يكون أكيداً حتى في حال إتخاذ بعض الإجراءات الوقائية, فلا يمكننا منع الطفل من اللّعب أو الإحتكاك المباشر بزملائه. ولا داعي للشعور بالإحراج أمام المجتمع فلابد لكل عائلة من أن تواجه هذه المشكلة ولو لمّرة واحدة مع أحد أبنائها أو جميعهم , الأهم أن يتم علاج الحالة بأسرع وقت فالطفل هدية ربّانية لوالديه يمنحهم السعادة والأمل وصحّته وسلامته أمانة ومسؤولية تستوجب على الوالدين الحفظ والرعاية الدائمة .