موجة كورونا الثالثة.. "أغيثوا تونس"

من نقطة الصفر تبدأ تونس معركتها ضد وباء كورونا، الموجة الثالثة للجائحة تبدو أشد فتكاً، الحكومة متهمة بالتقصير، والمنظومة الصحية منهارة، أما المواطن التونسي فهو يصارع وحده في زمن يعز فيه إيجاد سرير في مستشفى أو استنشاق الأوكسجين الفعّال.

  • موجة كورونا الثالثة..
    تونس الأعلى بعدد وفيات كورونا في القارة الأفريقية والعالم العربي 

تونس في مواجهة جديدة مع فيروس كورونا، تخوض معركة شرسة بعد دخولها في نفق الوباء المظلم، موجة ثالثة هي الأشد فتكاً وانتشاراً منذ ظهور الفيروس في البلاد، أعداد الإصابات بالسلالات المتحورة "ألفا"و"دلتا" ترتفع يومياً بشكل قياسي، ونسبة الوفيات جعلت تونس الأعلى في القارة الأفريقية والعالم العربي. 

تونس.. السيناريو الإيطالي

حافل تاريخ كورونا بالمشاهد القاسية، العالم بأسره لم ينسَ بعد الصور التي رصدت الانهيار الصحي في إيطاليا، ولم تمحى من ذاكرته مشاهد مواكب الموت في شوارع مدريد.

اليوم، يبدو المشهد التونسي شبيهاً بما حدث في إيطاليا، وهذا ما يحذر منه الأطباء الذين أكدوا أن الكارثة ستتفاقم في الأيام المقبلة إذا لم تكبح السلطات جماح الوباء، وتتخذ إجراءات فاعلة لتطويق رقعة انتشار كورونا بتحوراته وسلالاته المتعددة.  

تحذيرات الأطباء في تونس بعد تجاوز معدل الإصابات اليومية بالفيروس سقف الـ10 آلاف، تزامن مع إعلان وزارة الصحة عن انهيار المنظومة الصحية في البلاد، وامتلاء أقسام العناية الفائقة، وإرهاق الكوادر الطبية.

المتحدثة باسم وزارة الصحة نصاف بن علي، قالت إن "الوضع داخل المستشفيات "كارثي"، وإن الأطباء "يعانون إرهاقاً غير مسبوق، والمسؤولون يكافحون لتوفير الأوكسجين للمرضى".

اليوم تواجه السلطات التونسية صعوبات كبيرة في تأمين أسرّة للمرضى في المستشفيات المكتظة، وكذلك توفير الأكسجين بالكميات اللازمة بحسب بن علية، وهي نبّهت إلى أن "المركب يغرق بنا ولإنقاذه يجب أن يتحمل الكل مسؤوليته.. إن لم نُوحّد الجهود ستتفاقم الكارثة". 

بدورها، قرعت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، حيث حذر ممثلها في تونس إيف سوتيران، قائلاً: "تونس لديها واحد من أعلى معدلات الوفيات في القارة الأفريقية والعالم العربي، حيث يتم تسجيل أكثر من 100 حالة وفاة في اليوم في بلد يقارب عدد سكانه حوالي 12 مليون نسمة".

  • موجة كورونا الثالثة..
    التونسيون يحملون الحكومة والأحزاب مسؤولية تدهور الوضع الصحي

الموجة الثالثة.. أسباب الانتشار

في منتصف حزيران/يونيو الماضي اجتاحت الموجة الثالثة تونس، الأمر الذي دفع الحكومة إلى فرض الحجر الصحي الشامل على بعض الولايات المنكوبة مثل القيروان ومنوبة وزغوان وغيرها، لكن الإجراء لم يكن كافياً لوقف الزحف الوبائي، وهذا ما دفع الحكومة إلى فرض حظر التنقل بين الولايات مع تمديد الإجراءات التي اتخذتها سابقاً، ومنها الإغلاق التامّ في عدد من الولايات حتى نهاية الشهر الجاري.

تقول الحكومة إن عدم التزام المواطنين بإجراءات الوقاية كان أحد أبرز أسباب الانتشار، في المقابل، يُحمّل الشعب التونسي الحكومة مسؤولية تدهور الوضع الصحي، ويرى أن حملات التطعيم البطيئة التي لم تتجاوز الـ4 في المئة فقط من عدد السكان البالغ 12 مليون نسمة، هي السبب الأبرز الذي دفع بتونس من جديد نحو هاوية كورونا.

عدم الحفاظ على التباعد الاجتماعي قابله تباعد سياسي أغرق الأحزاب في صراعات داخلية بدلاً من تنحية الخلافات جانباً وتركيز الجهود على الوضع الصحي المنهار في البلاد، ترافق ذلك مع غياب تامّ لاستراتيجية وطنية صحية لمواجهة الكارثة، وهذا ما يفسّر تزايد أعداد الإصابات والوفيات المهول يومياً. 

  • موجة كورونا الثالثة..
    مساعدات طبية عربية ودولية لمساندة تونس في حربها ضد كورونا

"أغيثوا تونس".. المركب يغرق

منذ أيام يتصدر وسم "أغيثوا تونس" مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد بلغات عالمية عدة، نشطاء وأطباء أطلقوا الحملة لطلب الدعم الدولي في مواجهة الوباء، وسط دعوات إلى السلطات لإعلان تونس "دولة منكوبة".

ووجّه نشطاء مواقع التواصل رسائل إلى المجتمع الدولي؛ من أجل التدخل لإنقاذ القطاع الصحي وتقديم الدعم للصمود في وجه المد الوبائي، تجديداً بعدما بلغ عدد الإصابات تسعة آلاف إصابة يومياً.

كذلك وجه أطباء نداءات استغاثة إلى المجتمع الدولي لمساعدة تونس عبر استقدام المزيد من مكثفات الأكسجين والمعدات الطبية. 

هذه الصرخات تردد صداها في أكثر من دول في العالم، حيث أعلنت كل من مصر والجزائر وقطر والكويت والسعودية والإمارات وعدد من الدول الأوروبية على رأسها فرنسا عن تقديم مساعدات طبية فورية ودعمها الكامل لتونس في حربها على الوباء. 

  • موجة كورونا الثالثة..
    الجزائر تمدد فترة الحجر الصحي.. وليبيا تغلق حدودها مع تونس

كورونا تونس.. دول الجوار

عداد الوباء المتصاعد أعاد تونس إلى المربع الأول، ولكن الأمر لن ييبقى محصوراً داخل الساحة التونسية، بل سيتخطى الحدود إلى الدول المجاورة.

فهذه الجزائر قد أقرت تمديد الحجر الصحي لمدة 21 يوماً في 14 ولاية لحصر رقعة انتقال العدوى، بينما تتسارع وتيرة التلقيح بعد تسجيل ارتفاع كبير في أعداد الإصابات التي وصلت إلى ألف إصابة يومياً.

تزامناً مع ذلك، تراهن الجزائر على حملات التلقيح لتفادي الضغط على غرف الإنعاش وتقليل أعداد الوفيات.

بدورها، أغلقت ليبيا المنافذ البرية والجوية مع تونس لمدة أسبوع، كما علّقت عمل المدارس والجامعات إلى ما بعد عيد الأضحى لمواجهة انتشار الفيروس الذي شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأيام الماضية.  

أعلنت منظمة الصحة العالمية في 31 كانون الأول/ديسمبر 2019 تسجيل إصابات بمرض الالتهاب الرئوي (كورونا) في مدينة ووهان الصينية، ولاحقاً بدأ الفيروس باجتياح البلاد مع تسجيل حالات عدة في دول أخرى حول العالم.