شركات أميركية بدأت في تطوير لقاح لفيروس "كورونا"

تقوم شركات صناعة الأدوية بتطوير لقاح لفيروس "كورونا". هذه علامة على أن المرض سوف يستمر لوقت طويل.

  • شركات أميركية بدأت في تطوير لقاح لفيروس "كورونا"
    تطوير لقاح لفيروس "كورونا" خبر جيد لكنه إشارة إلى أن المرض سيبقى طويلاً.

بدأ صناع الأدوية في تطوير لقاح لفيروس "كورونا": هذا يبدو خبراً عظيماً. لكن الجانب السلبي منه هو أنهم يقومون بذلك لأنهم يعتقدون أن الفيروس مميت للغاية وسوف يستمر لفترة طويلة وسيكون هناك طلب كبير عليه. لذا فإن تطوير لقاح يستحق المخاطرة بأموال كثيرة.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية أن شركة صناعة الأدوية "جونسون آند جونسون" قد أعلنت أن وحدة "جانسن" في الشركة ستشارك مع وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية في العمل على لقاح لفيروس "كورونا" المنتشر بسرعة، والذي أصاب أكثر من 75465 شخصاً وقتل 2236 شخص في جميع أنحاء العالم، وفقًا للأرقام التي تم الإبلاغ عنها حتى صباح اليوم الجمعة.

وذكرت الصحيفة أن شركة أدوية ثانية هي "سانوفي باستور"  - Sanofi Pasteur –تتعاون أيضًا مع وزارة الصحة الأميركية للعمل على إنشاء لقاح باستخدام منصة الحمض النووي للشركة. وسيعمل كل من شركتي صانعي الأدوية مع هيئة البحث والتطوير الطبية الحيوية المتقدمة التابعة لوزاة الصحة والمعروفة باسم "باردا" BARDA.

وقال مايكل أوسترهولم، مدير مركز جامعة مينيسوتا لأبحاث الأمراض المعدية والسياسة: "أعتقد أن الشركتين تنظران إلى الأمر بطريقة لم يطلعوا عليها من قبل لأنني أعتقد أن المرض نفسه يقنع الناس بأن هذا من المحتمل أن يكون موجوداً لفترة من الوقت". وأضاف: "يدرك الناس الآن أننا قد يكون لدينا وباء عالمي حقيقي لفيروس كورونا هذا".

ويعد إعلان الشركتين الأميركيتين "جانسين" و"سانوفي" بمثابة أخبار مرحب بها لمسؤولي الصحة الحكوميين، الذين كانوا قلقين من أن صناعة المستحضرات الصيدلانية لن تدخل في تطوير اللقاحات لأنها قد لا تعوض أبداً تكاليف ضخمة هائلة - من المحتمل أن تتراوح قيمتها بين 750 مليون ومليار دولار - للقاح لن يكون جاهزاً حتى وقت قد يتباطأ فيه الوباء بشكل كبير أو قد ينتهي.

يقدم الخبراء تكهنات مختلطة حول انتشار الفيروس. وبينما يتكهن بعض خبراء الصحة الصينيين بحدوث ذروة في الإصابات بحلول نهاية الشهر الجاري، "يؤكد الزعيم الصيني شي جين بينغ بملاحظة واثقة على نحو متزايد بأن البلاد يمكن أن تتحكم في تفشي المرض وإدارة تداعياته الاقتصادية والاجتماعية".

ومع ذلك، يقول خبراء دوليون - بمن فيهم مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فوشي - إنهم قلقون من إعلان تباطؤ وتيرة الإصابة. وهناك 15 حالة معروفة في الولايات المتحدة.

وكانت المعاهد الوطنية (الأميركية) للصحة تعمل بالفعل مع شركة التقنيات الحديثة "مودرنا تيرابوتيكس" Moderna Therapeutics  لتطوير لقاح. لكن المعاهد الوطنية للصحة تحتاج في النهاية إلى مرافق تصنيع كبيرة لإنتاج لقاح بكميات كبيرة.

وكان فوتشي قد صرّح خلال حدث في معهد آسبن في وقت سابق من هذا الشهر أن العملية "صعبة للغاية ومحبطة للغاية". وأوضح: "أنت تستثمر مئات ومئات ومئات الملايين من الدولارات لتوسيع نطاق شيء تأمل أن ينجح. هذا هو العائق الحقيقي هناك. سيكون من الصعب أن نجعل شركة كبرى تفعل ذلك".

وذكرت "واشنطن بوست" أن هناك عدداً كبيراً من الأسباب التي قد لا تجعل صانعي الأدوية الرئيسيون الآخرين يشاركون في تطوير لقاح ضد فيروس "كورونا".

والسبب هو أن هذا الاستثمار سوف يترك لهم موارد أقل للاستثمار في الأدوية البيولوجية الرائجة التي تجلب الأموال بالفعل. تبلغ إيرادات دواء بيولوجي أوسع انتشاراً أكثر من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف الإيرادات من أكبر لقا ، وفقاً لتحليل شركة ماكينزي.

ومن الصعب أيضاً الحصول على إجازات فدرالية للقاحات؛ نظراً لأنها تستخدمه في الوقاية من الأمراض، فإنها تتطلب مستوى أعلى من الجودة والسلامة. فقبل أن يتم بيعها، يجب اختبارها على الآلاف من الناس.

وكما هو الحال مع تفشي فيروس "إيبولا" في عام 2014، يمكن أن يكون عدد السكان المحتاجين للقاح صغيراً نسبياً (حتى لو كان المرض قاتلاً) بينما تهدأ الأوبئة عادة قبل أن يصبح اللقاح جاهزاً. لذلك يمكن لصانع الأدوية أن ينفق ملايين الدولارات على تطوير اللقاح، فقط لإيجاد سوق غير كافٍ له.

وقال أوسترهولم إنهم لا يريدون منتجاً مكلفاً قد لا يبيع على الإطلاق.

وفي حالات متعددة على مدى العقود القليلة الماضية، ناضلت شركات الأدوية لإحضار اللقاحات إلى السوق.

ووجدت شركة "غلاكسو-سميث-كلاين" GlaxoSmithKline أن لقاح "أنفلونزا الخنازير" قد سحب من البيع بعدما تم الاكتشاف أنه يسبب الخدار لدى بعض الناس. وأوقفت شركة "سانوفي" عملها بهدوء في عام 2017 لتطوير لقاح "زيكا". وطورت شركة "ميرك" Merck لقاحاً لفيروس "إيبولا" لكنها لم تحصل على موافقة الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة حتى العام الماضي. والآن تقول الشركة إنها لن تحاول تطوير لقاح يحمي من سلالات "إيبولا" الأخرى.

لذا فإن حقيقة أن بعض صانعي الأدوية يغامرون الآن بالدخول إلى مساحة فيروس "كورونا" يعني أنهم قد قرروا أن هناك طلباً كبيراً ومستداماً على اللقاح، على الرغم من أن الأمر سيستغرق سنة على الأقل للتطوير.

وهناك ثلاثة مطورين رئيسيين آخرين للقاح هي شركات "فايزر"، "ميرك" و"غلاكسو-سميث-كلاين". فإذا اشتركت في الأمر، فإن هذا يبشر بالخير لتطوير اللقاحات - لكنه يوفر نقطة بيانات أخرى تبشر بالسوء لجهود مسؤولي الصحة لوقف انتشار الفيروس.

ترجمة بتصرف: هيثم مزاحم